«خليه روب»..»تحبو تفضّوها!؟؟ ..أصبرو شويّة.. وكمّلو قاطعوه..و خليوه في كرومة المحتكرين..»..» مقاطعة الحليب ستعطي درسا قاسيا للمحتكرين #عقلية.. «#مقاطعة الحليب واجب» ...»#مقاطعون..» «#خلّوو _الحليب_عندكم». هذه عيّنة من «التغريدات» كما اصطلح على تسميتها في لغة مواقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك والتويتر والانستغرام حيث أطلقت العشرات من الصفحات الداعية إلى مقاطعة الحليب بعد فقدانه من الأسواق وخاصة من المساحات الكبرى وتواتر الأخبار بخصوص الترفيع في سعره.. هذه الحملات سبقتها حملات أخرى بعد الترفيع المفاجئ والمتواصل لسعر بعض المواد الغذائية والخضر والغلال وأيضا اللحوم البيضاء والحمراء والبيض وأيضا الأسماك فأطلقت فور ذلك المئات من الدعوات للمقاطعة وإنشاء صفحات خاصة حملت «تغريدات» مختلفة على غرار»#أوجعوهم..#قاطعوهم..#ثورة_صامتة»..»#خليه_يفقس»..»#خلييه_يقراص»..»#خليه_ينتن».. يبقى السؤال المطروح هل نجحت مختلف هذه الحملات والدعوات في تعديل كفّة الأسعار؟ وهل فعلا انساق التونسي وراء هذه الحملات؟ مغاربة وجزائريون ينجحون في المقاطعة في المدّة الأخيرة انتشرت بكلّ من الجزائر والمغرب حملات مقاطعة لبعض المنتوجات التي شهدت ارتفاعَا في الأسعار على غرار حملة «خليها تصدي» التي أطلقت على خلفية الترفيع في أسعار السيارات فلقيت استجابة كبيرة من الجزائريين ونتج عنها شلل شبه تام في سوق السيارات. ذات الأمر أطلق في المغرب تجاه منتجات استهلاكية أساسية ارتفع سعرها بشكل ملحوظ على غرار المياه المعدنية والحليب والبنزين ولاقت تفاعلا كبيرا من المغاربة ترجمتها صور الحليب والمياه المعدنية المكدسة بالأسواق المنشورة على صفحات التواصل الاجتماعي. مثل هذه الحملات لاقت في المقابل تفاعلا كبيرا بمختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية برهنت على نجاح ثقافة المقاطعة ومحاولات ترسيخها في المجتمعات العربية بما في ذلك تونس حيث بدأت هذه السلوكات تلقى رواجا خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي، لكن هل نجحت فعلا هذه الدعوات في تونس في ظلّ التشكيك في قدرة التونسي على تنفيذها والالتزام بها والتخلي عن سلوك اللهفة؟ ... تصفّحت «الصباح الأسبوعي» العشرات من الصفحات الداعية إلى المقاطعة، وفي جولة في التعاليق الواردة بها من قبل رواد الفايسبوك، يُلاحظ تباين تعاليق الناس بين مشجع ومتعاطف ومتقبّل للفكرة وبين التشكيك في قدرة التونسيين على التنفيذ وانسياقهم وراء هذه الثقافة الجديدة. فمن الداعين والداعمين من علّق قائلا باللهجة التونسية «واللّه لو نقعدو ثلاثة أشهر مقاطعين برشة مواد، إلاّ ما يجي البائع يدقّ على باب الدار ويتوسلك بأن تشتري بما يُناسبك لكن ما تعرفش التونسي يموت عالتفشليم والفخرة مالا باش تونسي». في المقابل كتب آخر «ويني العباد إلي باش تفهمك كل واحد يفكر كان في روحو واش باش إصنف... لازمنا عقلية واعية» شخص آخر علّق قائلا «لو اتشوف المغازات الكبرى تقول تونس مقبلة على الحرب».. عقليات وثقافات هذه جملة من التعبيرات والتعليقات التي تعكس إلى حدّ ما عقليّة التونسي تجاه دعوات المقاطعة وسلوكه الاستهلاكي، لكن تبقى الآراء تجاه هذه الدعوات مختلفة بين المختصين على غرار مدير المعهد الوطني للاستهلاك وأيضا رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك. ففي هذا السياق قال رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك سليم سعد الله في تصريح ل»الصباح الأسبوعي» إنّ «العكس هو الصحيح فخلافا لما يقال فإنّ دعوات المقاطعة في تونس أعطت ثمارها وبصدد التحوّل إلى ثقافة ناهيك أنّ التونسيين أصبحوا يبادرون بمفردهم بالدعوة إلى المقاطعة على صفحات التواصل الاجتماعي دون أية حملات أو دعوات من قبل منظمات المجتمع المدني على غرار المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك». وأضاف سعد الله «الدعوة إلى مقاطعة المواد الاستهلاكية انطلقت في تونس منذ مارس سنة 2012 تجاه اللحوم والتي حقّقت نجاحا نسبيا وساهمت إلى حدّ ما في مراجعة الأسعار وتعديلها». وأضاف «من دعوات المقاطعة التي أعطت نتائج إيجابية تلك الحملة التي أُطلقت سنة 2014 لمقاطعة الفلفل الذي سُعر وقتها ب4 دنانير فتراجع على إثر الحملة إلى 2200 مليم، وأكثر حملات المقاطعة نجاحا تلك التي تعلّقت بمقاطعة مادة «الزقوقو» في سنة 2017 والتي نجحت ب90 بالمائة حسب الرصد الميداني الذي قامت به منظمة الدفاع عن المستهلك». ثقافة المقاطعة تترسّخ وأوضح رئيس المنظمة «ما أريد قوله حتى ولو لم تُحقق النتائج المرجوة على المدى القصير فإني اعتبر ثقافة المقاطعة بدأت تترسّخ لدى التونسي وأصبح يُعبّر عنها ويدعو إليها دون ترتيب من الجمعيات والمنظمات وهو ما تبرهن عنه حملة «خلّيه ينتن» التي أطلقت على صفحات التواصل الاجتماعي الفايسبوك وأدت إلى تراجع أسعار الأسماك نسبيا». خلافا لذلك أكّد مدير المعهد الوطني للاستهلاك طارق بن جازية في تصريح ل«الصباح الأسبوعي» أنّ «المعهد كمؤسسة حكومية لا يدعو إلى المقاطعة باعتبارها لا تُمثّل حلاّ، بل الحلّ لدى المستهلك المطالب بترشيد استهلاكه وفق إمكانياته وميزانيته وعلى ضوء الأسعار الموجودة في السوق». وأضاف «هناك بعض العادات الاستهلاكية التي يجب التخلي عنها في إطار ترتيب الأولويات في الشراءات وبرمجة النفقات بصفة مسبقة وفي إطار التقليص من التبذير الغذائي لبعض المنتجات وأيضا الماء والكهرباء والوقود وغيرها». وأوضح بن جازية أنّه «لتحسين السلوك الغذائي للمواطن يجب أن يتطوّر الحوار داخل الأسرة وترسيخ ثقافة ترشيد الاستهلاك لدى الأطفال حتى يكونوا على علم بحدود إمكانيات أوليائهم لتجنب الطلبات المجحفة ف7 % فقط من الأسر تُشرك أبناءها في اتخاذ القرارات تجاه الميزانية وفق دراسة أجراها المعهد». لا للمقاطعة..نعم لترشيد الاستهلاك أضف إلى ذلك «فإنّ الأفكار والحلول موجودة للترشيد والتقليص من النفقات خاصة وأنّ 29 % من نفقات التونسي مخصّصة للتغذية 5 % منها تبذير وبالتالي ندعو إلى ترشيد الاستهلاك أكثر من المقاطعة لأنّ تأثيرها نسبي حتى وإن نجحت في بعض الدول الأخرى». ولكن ردّا على ما ذهب إليه مدير المعهد الوطني للاستهلاك بأنّ المقاطعة لا يمكن أنّ تحقّق نتائج ولا تُعدّ حلاّ للضغط على الأسعار، فإنّ سليم سعد الله اعتبر أنّ ثقافة المقاطعة إذا ما ترسّخت في المجتمع التونسي وتحوّلت إلى سلوك يومي وتلقائي فإنّها حتما ستضرب مسالك التوزيع العشوائية ومصالح المحتكرين ومن شأنها أن تُعدّل أيضا الأسعار وتضغط على الحكومات قبل التفكير في أيّة زيادات تُرهق قفّة المواطن.