عقد مجلس نواب الشعب أمس بقصر باردو جلسة عامة للتداول حول العملية الإرهابية الغادرة التي استهدفت يوم الأحد الماضي دورية للحرس الوطني بعين سلطان من ولاية جندوبة وأسفرت عن استشهاد عدد من الأعوان. وندد كل النواب بهذه العملية الجبانة ودعوا إلى دعم المؤسستين الأمنية والعسكرية والنأي بهما عن التجاذبات السياسية والصراعات الحزبية. وطالب نواب الائتلاف الحاكم المعارضة بتجنب المزايدات وإلقاء التهم في هذا الظرف الحزين الذي يتطلب وحدة وطنية صماء، وفي المقابل دعا نواب المعارضة الائتلاف الحاكم الى تحمل مسؤولياته، وقالوا إنه لا يمكن للائتلاف الحاكم المتصدع ولا يمكن لحزب النداء المتشقق الحديث عن أهمية الوحدة الوطنية في الحرب على الإرهاب لأن حرب هؤلاء ليست على الإرهاب بل على كعكة السلطة. ولم يفوت العديد من النواب الفرصة دون فتح ملف التعيينات الأخيرة التي قام بها وزير الداخلية بالنيابة في سلك الحرس الوطني واعتبروها متسرعة ولا تراعي شرط الكفاءة وحملوه مسؤولية الخطأ الذي ارتكبه. واحتج بعض النواب على طبيعة الجلسة العامة وقالوا انه لا فائدة ترجى من جلسة فرغ قلبك وكان حري بمكتب مجلس نواب الشعب إقرار جلسة مساءلة لرئيس الحكومة، واستفساره متى سيعن وزيرا للداخلية؟ وأين أنفقت حكومته الميزانية الضخمة التي صادق عليها مجلسهم لفائدة وزارتي الداخلية والدفاع من أجل دحر آفة الإرهاب. الصحبي عتيق النائب عن النهضة بين أن النبي صلى الله عليه تمنى ان يموت شهيدا وذكر ان الشهيد يتمنى العودة الى الدنيا لكي يموت مرة أخرى شهيدا ودعا عتيق الأطراف السياسية والمجتمع المدني الى الوقوف صفا واحدا وراء المؤسسة الامنية والمؤسسة العسكرية وإبعادهما عن اي تجاذب حزبي أو سياسي واشار الى ان التونسيين عندما يكونون امام مصاب جلل عليهم ان ينسوا الخلافات الجانبية ويركزوا فقط على الوحدة الوطنية ويقدموا المصلحة الوطنية على كل شيء لكن هناك البعض استغلوا الفرصة لكيل التهم للخصوم السياسيين وهناك من تدخلوا حتى في التعيينات الأمنية وقيموا الكفاءات وهذا لا يليق. وذكر عتيق ان تونس أعطت درسا في بن قردان للإرهابيين مفاده انه لا مستقبل للإرهاب في تونس لكن العمليات البائسة المعزولة تبقى واردة . وبينت محرزية العبيدي النائبة عن نفس الكتلة أنها لم تتعود على الحديث عن العمليات الإرهابية التي تستهدف الامن او الجيش او المواطنين لأنها ترى انه من باب الأدب ان ينقص الفرد من صراخه امام آلام من فقدوا فلذات أكبادهم، لكنها هذه المرة تكلمت لتقول لأمهات الشهداء انها تنحني امام آلمهن لأن من استشهدوا هم في عمر أبنائها. وبينت العبيدي ان العملية الإرهابية تذكر الجميع بأن الحرب على الإرهاب متواصلة وتذكرهم بواجب العناية المتواصلة بعائلات الشهداء . أما أميرة الزكاري النائبة عن نداء تونس فقالت ان الذنب الوحيد للشهداء هو أنهم امنوا بتونس وأحبوا ترابها وبينت انها تضع نفسها في موضع كل أم فقدت فلذة كبدها. وأضافت أن تونس تواجه أكبر خطر وهو خطر الإرهاب ولحماية الوطن يجب التوحد وتجنب إلقاء التهم ويجب البحث عن حلول ناجعة للتصدي لهذه الآفة. وقالت الزكاري انه من العيب إيقاف أجور الشهداء بعد فترة قصيرة من استشهادهم وبينت ان هذا التصرف أبعد ما يكون عن الانسانية والوطنية. ودعت فاطمة المسدي النائبة عن نفس الكتلة الشعب التونسي الى مقاومة الجرذان، وحملت مسؤولية العملية الإرهابية الى السياسيين والأمنيين والمتساكنين الذين يساعدون الإرهابيين بالمؤونة ومجلس نواب الشعب، وذكرت انه لا بد من المحاسبة ولا بد من كشف حقيقة من يتاجرون بالوطن ولابد من فضح الأطراف الأجنبية التي تمول الجماعات الإرهابية. ضرب المؤسسة الأمنية محمد الطرودي النائب عن الحرة لحركة مشروع تونس بين انه يطلب من الله ان يمنحه الصبر على انعدام الكفاءة لدى الأطراف غير المسؤولة التي تريد ان تجر المؤسسة الأمنية التي أثبتت على مدى سنتين انها محايدة وعلى مستوى رفيع جدا من القدرة على مقاومة الإرهاب وذلك باعتراف الأجهزة الدولية والإقليمية. وأضاف أنه بعيدا عن المزايدات السياسية، يجب على مجلس نواب الشعب تجاوز استقالته غير المعلنة وتحمل مسؤولياته كسلطة أصلية والتدخل، نظرا لأنه تم ضرب عناصر الاستعلامات والاستخبارات المتمرسة في الحرس الوطني وتم إبعادهم بجرة قلم بتعلة أن الدولة لا تقف على أحد. وأضاف الطرودي أن الترحم على الشهداء لا يكفي بل يجب تحميل المسؤوليات ومحاسبة من قاموا بتلك التصرفات الصبيانية التي ادت الى ضرب الاستقرار في الحرس الوطني. وأضاف ان اشكال التعيينات موجود منذ عهد الوزير الهادي المجدوب وهو يهم 230 خطة فكيف تم حله بقدرة قادر في 48 ساعة فقط ثم لماذا لم يمض آمر الحرس الوطني على الحركة الأخيرة للحرس وتم إصدار برقيات التعيين من قبل وزير الداخلية بالنيابة وفسر الطرودي أن كل هذه الملابسات تشير الى شبهة يمكن ان تكون سببا في عملية عين سلطان. ولاحظ ان كل السياسيين يضعون أنظارهم على المؤسسة الأمنية وهذا غير معقول ولا بد من التوقي من الاختراقات. وبحسرة كبيرة تحدث النائب عن نفس الكتلة حسونة الناصفي وذكر أن الوطن ارتفع فيه شأن التافهين والخائنين والعملاء والمرتزقة الذين باعوه بأرخص الأثمان وأضاف ان ما يثير الاستغراب هو ان بعض جهابذة السياسية يستغلون فرصة العملية الإرهابية للتشفي والانتقام وتصفية الحسابات السياسية وهؤلاء على حد اعتقاده لم يفهموا الدروس وعليهم ان يدركوا ان أماكنهم في بلدان أخرى سبق لهم أن باعوا لها ضمائرهم ودعاهم الى العودة الى أولياء نعمهم وإراحة الشعب من رؤية وجوههم، كما استغرب الناصفي لأنه لم يسمع اي طرف طلب الاعتذار وقال انه يتحمل المسؤولية، وأبدى النائب انزعاجه من حالة الدمار التي أضحت عليها تونس ومن حالة الانفلات التي جعلت سفراء الدول الأجنبية يرتعون من الشمال الى الجنوب، ونبه من الاختراقات المحدقة بالبلاد سواء اختراق العائدين من بؤر التوتر أو اختراق المال الأجنبي المشبوه الذي غرقت فيه الأحزاب والجمعيات، كما حذر من تبعات حملات التشويه التي طالت المؤسسة الأمنية والسياسيين والإدارة وذكر ان هذه الحملات جعلت المواطنين يفقدون الثقة في كل هؤلاء. انفلاق وانشقاق عمار عمروسية النائب عن الجبهة الشعبية قال ان الجبهة الشعبية ليست من الذين يستثمرون في دماء الشهداء، لكنها تعتبر ان الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب لا معنى لها دون حضور الحكومة لمساءلتها. ورد عمروسية على من يرغبون في تعويم المسؤولية ان دماء الشهداء هي في رقاب من يحكمون. وأضاف أن الائتلاف الحاكم هو الذي يتحمل المسؤولية وهذا الائتلاف ليس متآلفا وحزب النداء انفلق مرة أخرى بسبب الصراعات ومعركة العصابات، وأضاف ان منتوج حكومة الوحدة الوطنية هو التجويع والعطش والتفقير وانتهاك السيادة الوطنية وعودة الارهاب وأشار الى ان الوحدة الوطنية اذا لا توجد فيها مقاومة للفساد والإرهاب فهي مغشوشة، وبين ان الحرب التي يخوضها الائتلاف الحاكم هي ليست حربا على الفساد بل لتصفية حسابات وهي ليست حربا على الإرهاب لأنه لم يقع تنظيم مؤتمر وطني لمقاومة الإرهاب، بل هي حرب ضد الشعب ومن أجل الحكم. وسأل عمروسية رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وابنه حافظ وابنه الروحي يوسف الشاهد لماذا يتخاصمون؟ وردت سامية عبو النائبة عن الديمقراطية على من يتحدثون عن الشهادة، أن الشهادة ليست غاية وقالت لهم «أرسلوا أبناءكم إن أردتم لكي يستشهدوا»، وانتقدت النائبة بشدة ما يجري في حركة نداء تونس من صراعات وانشقاقات وذكرت ان رئيس الجمهورية ما كان سيخسر أي شيء لو طرح الثقة في الحكومة على مجلس نواب الشعب لكنه لم يفعل لأنه يحب الاستثمار في الفوضى مثله مثل رئيس الحكومة الذي استغل الانشقاقات لإنشاء حزب لنفسه. وذكرت ان تحديد مصير الدولة أصبح يتم في بعض المقاهي وفي جلسات خمرية حيث يقع تعيين الوزراء على أساس الولاءات، ووجهت عبو لائتلاف النهضة والنداء نقدا جارحا وقالت «إن تاريخهم يؤكد أنه ليست لهم مشكلة مع الدم». وترحم كمال الهراغي النائب عن الاتحاد الوطني الحر على شهداء الحرس الوطني وقال انه يشد على أيدي المؤسستين الأمنية والعسكرية ودعا كل الأطراف السياسية والمدنية الى الوقوف وراءهما وعدم توظيفهما لحسابات ضيقة وطالب بتعيين وزير للداخلية من اهل البيت وكرر التعبير عن رغبته في ان يكون التعيين من أهل البيت لان هناك كفاءات متميزة في المؤسسة الأمنية. أما نور الدين بن عاشور النائب عن الولاء للوطن فأشار الى ان تونس في حرب على الإرهاب والإرهاب يعتمد على الغدر والمباغتة لكن تنقصنا في حربنا عليه الوسائل والمعدات. وذكر ان هناك خبرات في الامن والحرس مشهود لها بالكفاءة لكن رئيس الحكومة اقال بين عشية وضحاها وزير الداخلية بعد ان نوه بنجاحات المؤسسة الأمنية وعين وزير داخلية بالنيابة وقام هذا الأخير بتعيينات وإعفاءات في سلك الحرس وعند سؤاله في لجنة الامن والدفاع البرلمانية عنها قال ان ما فعله من صميم اختصاصه وقد عين اكثر من 104 أعوان في 24 ساعة والإشكال لا يكمن في الأسماء بل في تفكيك منظومة أمنية نجاحة. وأضاف بن عاشور ان الأمر بلغ حد تعيين مكلف بمكافحة الإرهاب بالعوينة دون ان تكون له خبرة، وذهب النائب إلى ابعد من ذلك وأشار الى تعيين شخص أخرج من رئاسة الجمهورية لعلاقته بالسلفية في الحرس الوطني بالعوينة. وحمل النائب الحكومة مسؤولية الفشل وطالب المجلس بمساءلتها. وبينت سعاد الزوالي النائبة عن الوطنية أن الحرب على الإرهاب تتطلب جهدا ونفسا طويلا وقالت انه امام فاجعة عين سلطان لابد من كشف نقائص المنظومة الأمنية ورفع معنويات الأمنيين، وانتقدت النائبة من استغلوا الفاجعة لتوظيفها سياسيا ولتبادل التهم ودعت السياسيين الى الوحدة ضد الإرهاب. وذكرت ان الحرب على الارهاب صعبة لان العدو غادر ويمكن ان يكون بيننا لكننا لا نتفطن اليه لذلك لابد ان تكون هناك استعلامات قوية.