هل كان يجب انتظار نتائج سبر آراء حول مناخ الأعمال في تونس لكي يكتشف الجميع أن أغلب المؤسسات الصغرى والمتوسطة لم تلمس تحسنا في مناخ الأعمال رغم إقرار قانون الاستثمار الجديد؟ إنها حقيقة أخرى تضاف إلى مكونات الصورة القاتمة للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي الذي تمر به البلاد. وإذا كانت استطلاعات أخرى للرأي قد خلصت إلى حالة التشاؤم بخصوص المستقبل لدى غالبية التونسيين والتذمر من ارتفاع الأسعار وانخفاض منسوب الثقة بخصوص الطبقة السياسية فإن حالة الامتعاض لدى أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة تؤكد خيبة الأمل في إمكانية تنشيط الاقتصاد والتشجيع على الاستثمار والتشغيل والإنتاج. فلا أحد يشك في أهمية الشركات الصغرى والمتوسطة في النسيج الاقتصادي من خلال تفعيل المبادرة الخاصة والتعويل عليها في الحد من البطالة وخصوصا بطالة أصحاب الشهائد العليا وهو ما يفترض تشجيعات وقوانين كفيلة بالنهوض بهذه الشركات، إلا أن ما ورد في سبر الآراء من تعداد للعراقيل يحتم المراجعة والتدارك قبل فوات الأوان وانحسار عدد تلك المؤسسات أو اندثارها. ومن المفارقات أن أبرز العراقيل التي تحدث عنها أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة تكاد تكون هي نفسها التي يعاني منها عموما قطاع الاستثمار ومن بينها نجاعة هياكل الدعم وارتفاع الأسعار والمشاكل التشريعية وعدم توفر الأراضي وهو ما يعيد الجميع إلى نقطة البداية المتمثلة في البحث عن كيفية تحسين مناخ الاستثمار الذي كان محل نقاش طيلة السنوات الماضية إلى حين صدور قانون الاستثمار الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في أفريل 2017 . وبعد أكثر من عام من اعتماد القانون الجديد لا بد من مراجعة وضع الاستثمار ذلك أن المناخ لا يعني بالضرورة الاستقرار الأمني والسياسي فحسب، فهناك العراقيل الإدارية ومنها بطء إجراءات الإدارة التي تحدث عنها أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة وغياب عملية مرافقة المسيرين بعد إطلاق مشاريعهم. وقد أظهر سبر الآراء «أن 88 في المائة من مجموع 365 مؤسسة صغرى ومتوسطة ترى أن قانون الاستثمار الجديد لم يغير كثيرا في منظومة المؤسسات ومناخ الأعمال» وبالتالي فإن الأمر هو بمثابة صيحة فزع أولى لا بد من التعامل معها بجدية قبل فوات الأوان، وفي ظل حالة الركود الاقتصادي وانحسار الاستثمار لا يجوز الصمت بخصوص مستقبل الشركات الصغرى والمتوسطة بوصفها قاطرة تنشيط القطاع الاقتصادي.