قبل التصويت أمس على طلب منح الثقة لوزير الداخلية المقترح هشام الفراتي، كثر الحديث تحت قبة البرلمان عن مواقف الكتل وراح النواب يجمعون ويطرحون عدد الأصوات التي يمكن أن يحرز عليها الفراتي، وهناك من اعتبر الجلسة العامة لمنح الثقة امتحانا لحكومة الشاهد برمتها، وهناك من عبر عن استهجانه الجلسة في حد ذاتها وقال كيف يأتي رئيس الحكومة لطلب الثقة من برلمان فقد فيه الحزام السياسي وأعلنت كتلة حزبه أنها لن تمنح الثقة. وفي ظل هذا الجدل الساخن والمشهد السياسي الغريب العجيب، باغتت كتلة نداء تونس الجميع بتغيير موقفها. وبحضور المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي والقيادي عبد الرؤوف الخماسي أعلن رئيس الكتلة سفيان طوبال في ندوة صحفية عن تغيير موقف الكتلة بمائة وثمانين درجة. وبعد أن صرح طوبال أمس الأول أن كتلة النداء لن تصوت لمنح الثقة لوزير الداخلية المقترح وأنه تم القيام بعملية تصويت داخل الكتلة كانت نتيجتها 21 ضد منح الثقة و12 مع منح الثقة وستة محتفظين، قال خلال الندوة الصحفية:» إن كتلة حركة نداء تونس وبعد سلسلة من المشاورات والاجتماعات التي تواصلت على مدى يومين تذكر أولا بأنها تعترض على الطريقة التي تم بها تعيين وزير الداخلية والتي كان فيها اقصاء للحركة لأنه لم يقع التشاور معها، وثانيا ان الكتلة والحركة مازالت مصرة على موقفها المنادي بتغيير شامل للحكومة، وثالثا ومراعاة للمصلحة الوطنية فإن الكتلة قررت منح الثقة لوزير الداخلية المقترح وهي لا تعتبر ذلك تجديد ثقة في الحكومة بل تطالب الحكومة بعرض الثقة في أجل عشرة ايام». أما كتلة النهضة فقد عقدت اجتماعها في الصباح الباكر بحضور رئيس الحركة راشد الغنوشي، وكررت الكتلة التعبير عن نفس الموقف وهو منح الثقة. وخلال النقاش العام لطلب منح الثقة لهشام الفراتي، وجه أغلب النواب انتقادات لاذعة لحكومة يوسف الشاهد وقالوا انها حكومة فاشلة وكان على رئيسها ان يطلب تجديد الثقة في الحكومة برمتها لا أن يقتصر على سد الشغور في وزارة الداخلية، وفي المقابل قال آخرون إن الوضع الصعب الذي تمر به البلاد يحتاج الى الاستقرار والى تضامن الجميع. عامر العريض النائب عن النهضة قال إن نواب كتلته سيصوتون لإعطاء الثقة لهشام الفراتي وزير الداخلية المقترح وبين ان هذا الموقف ليس ضد أي كان وأضاف أنه يحترم مواقف بقية الكتل وفسر أن موقف النهضة لا يستهدف حزبا ولا جزءا من حزب بل هدفه تجنب حصول فراغ في وزارة سيادة. وذكر العريض من يزايدون ويبحثون عن تعلات لموقف النهضة ان كتلة النهضة سبق وأن صوتت لكل وزراء الداخلية. وبين انهم في النهضة يحترمون كل المواقف خاصة موقف رئيس الجمهورية ورئيس الجمهورية لم يقل انه لم يقبل بالوزير المقترح. وقال ان المطلوب من الجميع هو التعاون من اجل تنمية البلاد وتحقيق الاستقرار في اطار التعدد والاختلاف. وبينت انس الحطاب النائبة عن نداء تونس ان من يصطادون في الماء العكر عليهم ان يدركوا ان هناك 86 نائبا يقدرون رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وقالت انه لا توجد معركة ورئيس الجمهورية فوق الخلافات ومن يريد صب الزيت على النار لن يصل الى نتيجة. وأضافت النائبة انها ابنة النداء وتقر بوجود اختلافات لكن من يؤمن بالديمقراطية يؤمن بالاختلافات. وذكرت ان ابناء النداء تحملوا مسؤولياتهم كاملة ولديهم من النضج ما يكفي لتحديد مصير الدولة. وقال صلاح البرقاوي النائب عن الحرة لحركة مشروع تونس ان البلاد تعيش ازمة متعددة الوجوه ولم تقتصر على الجانب الاقتصادي بل تجاوزته الى ازمة سياسية مفتوحة. وبين أن المرضى مهددون بالموت والصناديق الاجتماعية مهددة بالخراب.. وتساءل لماذا تمت اقالة الهادي مجدوب ولطفي براهم؟ حكومة الفشل قال مراد الحمايدي النائب عن الجبهة الشعبية ان التونسيين في عهد الشاهد عانوا من العطش ومن غياب الادوية الا الذين يعرفون رقم سائق وزير الصحة كما انهم يعانون من حكم المافيا ومن الفساد ولا يعرفون اي شيء عن مستقبل ابنائهم الدراسي. وتساءل الحمايدي في حيرة من الذي يقف وراء الشاهد إذن؟ وبمن يستقوي رئيس الحكومة على الشعب؟ هل بالاتحاد الاوروبي أم بصندوق النقد الدولي أم بحكومة بريطانيا لأنه لا يوجد اي تفسير مقنع اخر لأن الحكومة فاقدة لسندها السياسي ولأغلبيتها النيابية. واضاف النائب ان الشاهد قدم كل التنازلات من اجل البقاء في منصبه ولذلك فهو يشكل خطرا على البلاد، كما انه وضع اناس تحت الاقامة الجبرية في اطار تصفية حسابات سياسية ومعركة مع أحد شقوق حزبه. وبين عماد الدايمي النائب عن الديمقراطية أن رئيس الحكومة لم يحدثهم عن التضخم والازمات النفسية التي يعيشها الشعب التونسي الذي اصبح يلقي بنفسه في البحر وينتحر ولم يحدثهم عن ازمة التعليم بل قدم لهم ارقاما منتقاة لكي يقول ان حكومته نجحت ووصف الدايمي اللعبة السياسية التي تمت امس بالمغشوشة وقال ان هناك نوابا غيروا اراءهم عشر مرات تحت الضغط وهناك حديث عن مبالغ مالية سملت وعن ضغوطات مورست من المسؤول الكبير في البلاد الذي تدخل وطالب بالتصويت لوزير الداخلية المقترح. أما توفيق الجملي النائب عن الولاء للوطن فقال لوزير الداخلية المقترح انهم ادخلوك في لعبة سياسية قذرة وبين ان النخبة السياسية انقسمت الى محاور وكل محور ينظر الى استحقاقات 2019 وتناسوا أوجاع المواطنين المحرومين من الماء والدواء. ووصف النائب الجلسة العامة ب»دربي بين الشاهد وحافظ قائد السبسي» ومن سينتصر منهما سيفتك حزب النداء. واضاف انه من المهازل الكبرى ان البرلمان تحول امس الى»سوق ودلال». واوضح طارق الفتيتي النائب عن الاتحاد الوطني الحر انهم سيصوتون لمنح الثقة ليس بسبب رفع تحجير السفر على رئيس حزبهم بل لأنهم كانوا دائما يمنحون الثقة. وذكر ان تحجير السفر على سليم الرياحي كان سيرفع قبل شهر وتساءل اين الحقوقيون عندما تعرض رئيس حزبهم الى مظلمة طرحته سياسيا ورياضيا. وطالب مصطفى بن احمد رئيس الكتلة الوطنية بقية النواب باحترام رئيس الجمهورية واحترام رموزها وقال لا يوجد غالبا ولا مغلوب والمهم هو مصلحة تونس.