استبعدت كل من الوكالة الوطنية لحماية المحيط، والمعهد الوطني للرصد الجوي أمس وجود مؤشرات واقعية وعلمية دقيقة عن امكانية حدوث زلزال قوي ومدمر في جهة القيروان وذلك على خلفية انتشار خبر خلال اليومين الماضيين ببعض وسائل الإعلام وبمواقع التواصل الاجتماعي منسوبا إلى خبير في الزلازل حذر في تدوينة فايسبوكية من امكانية حدوث زلزال مدمر بالقيروان على خلفية تصاعد الدخان من باطن الأرض وتشققها وتحديدا بمنطقة المتبسطة.. وكان مصطفى بن أحمد شبّح العيساوي الذي وصف نفسه ب»الخبير الدولي في مجال الطاقة والبترول والطاقات المتجددة والباحث في مجال الفيزياء الجيولوجية» قد حذر من الدخان المتصاعد من باطن الأرض بمنطقة المتبسّطة من ولاية القيروان، وقال إنّ صعود هذا الدخان هو إنذار بزلزال قادم ربما يكون مدمرا.» مستدلا بوجود ما يسمى بغاز الرادون ذي الرائحة الكريهة.. لكن معهد الرصد الجوي نفى امكانية حدوث زلزال قوي في تلك المنطقة او حتى في مناطق أخرى من تونس، موضحا في بلاغ له أن «محطات رصد الزلازل التابعة للمعهد تسجل رجات أرضية متفاوتة القوة على امتداد فترات زمنية متباعدة ولم يسجل بالفترة الزمنية الممتدة إلى الخمس سنوات الأخيرة رجات تجاوزت قوتها 5.5 درجة على سلم ريشتر بمختلف المناطق النشطة زلزاليا بتونس.» وشدد المعهد أن «التوقع بحدوث الزلازل لا يزال في طور البحوث النظرية ولا توجد بالعالم حاليا طرق وأجهزة معتمدة للتوقع بحدوث الرجات الأرضية.» واشار إلى أن «مختلف الوكالات المهتمة بمتابعة النشاط الزلزالي وتأثيره على الوسط والمحيط تفضل الاعتماد على طرق التخفيف من حدتها باللجوء إلى تواتر الرجات الأرضية بالمناطق البارزة زلزاليا وذات ارتجاج مؤثر على البنية التحتية.» وحول علاقة انبثاق غازات الرادون يكون بمثابة مؤشر على حدوث زلزال مدمر، قال المعهد إن هذه الاستنتاجات «لا ترتكز على اسس علمية وتجريبية واضحة وصحيحة ولا يزال في طور البحوث النظرية وأن النشاط الزلزالي هو نشاط مستمر عبر الزمن وعادي ومرتبط اساسا بنشاط الصدوع الحديثة وهذا بالنسبة لتونس حيث أن تراب البلاد يقع جغرافيا بعيدا عن حدود الصفائح التكتونية خلافا لما هو الحال بإيطاليا أو الجزائر أو اليونان.» بدوره فند مدير تقييم الدراسات البيئة في الوكالة الوطنية لحماية المحيط بكار الترميز في تصريح لراديو «شمس اف ام»، وجود علاقة بين الدخان المتصاعد من المنطقة وبين حدوث نشاط زلزالي، وفسّر بأن الظاهرة التي شهدتها منطقة المتبسطة تسمى ب»التورب» وهي ظاهرة طبيعية تحدث عند تجمع المواد العضوية وتتخمر وتتحول لمصدر غازات وتحدث على بعد قرابة 50 سنتمترا من سطح الأرض وهي مشابهة لعملية تكون البترول والفرق ان البترول يتكون على عمق كبير جدا. وشدد ان خبراء الوكالة تحولوا على عين المكان بكل التجهيزات المتاحة وتمت السيطرة على هذه الظاهرة خاصة بعد نزول الأمطار. مفيدا ان هذه الظاهرة لا تمثل أي مصدر للخطر بل انه يمكن استخدامها كمصدر للطاقة مشابه للفحم أو لإصلاح التربة. نافيا في نفس الوقت وجود ترخيص في المنقطة او غيرها من مناطق الجمهورية لاستخراج غاز الشيست (الغاز الصخري). معطيات أكدها المدير الجهوي للبيئة بالقيروان لطفي العبيدي الذي أكد في تصريح صحفي أن الدخان المتصاعد يتمثل في تراكم وتخمر مواد عضوية تحترق بارتفاع درجات الحرارة، وهو أمر يحصل بجميع الدول ولا علاقة للظاهرة بالزلازل. وكان مدير متابعة الاوساط البيئية بالوكالة الوطنية لحماية المحيط محمد منور الضاوي قد نفى في تصريحات سابقة وجود اي نوع من النفايات في مكان التصاعد التلقائي للدخان في منطقة المتبسطة من ولاية القيروان. موضحا ان التحاليل التي أجرتها الوكالة على عينات من التربة على عمق مترين اثبتت ان الظاهرة طبيعية وتسبب فيها وجود مواد عضوية في مجرى واد قديم متكونة من بقايا قصب ونباتات مؤكدا ان الظاهرة لا تشكل اي خطورة على حياة المتساكنين ولكنها تتسبب في ازعاج لهم بسبب رائحة الدخان. واوضح أن المواد العضوية ترسبت وتخمرت بيولوجيا تحت طبقات الاتربة على مدى السنين مما ساهم في تكون غازات ادت عند احتراقها الى انبعاث روائح كريهة واحتراق الارض مشيرا الى ان هذه الغازات غير ضارة. يذكر ان عمادة المتبسطة من معتمدية القيروان الشمالية تشهد من أشهر احتراق الارض على مساحة هكتار تقريبا مما ادى الى تصاعد الدخان من تحت التراب والى انبعاث روائح خانقة. تجدر الإشارة إلى أن تونس تعتبر منطقة معتدلة ومستقرة ومتوسطة في ما يتعلق بالهزات الأرضية لاتؤدي إلى أضرار جسيمة حسب علماء الزلازل. وتعتبر الرجات الارضية المسجلة في تونس عادية ويسجل سنويا حوالي 150 رجة خفيفة وضعيفة في مختلف مناطق البلاد. وسجلت مصالح رصد الهزات الأرضية التابعة لمعهد الرصد الجوي عددا من الرجات الخفيفية في مناطق تابعة إلى ولاية القيروان خاصة منها السبيخة تراوحت قوتها بين 2.9 و3.5 على سلم ريشتر من بينها رجة حدثت بتاريخ 20 مارس 2017 بقوة 2،9 على سلم ريشتر جنوب شرق مدينة الشبيكة، وأخرى بتاريخ 05 مارس 2016 في نفس المنطقة بقوة 3.5، ورجة حدثت بتاريخ 28 افريل 2016 بقوة 3.5، واخرى سجلت يوم 22 جويلية 2012 بقوة 1ر3، في نفس المنطقة، ورجة خفيفة بتاريخ 22 مارس 2011 بمنطقة نصر الله بلغت قوتها 4ر3 درجة على سلم ريشتر.