بات جليا أن التواصل بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية أصبح شبه منعدم، على خلفية ما يحدث في نداء تونس الذي ازداد تفككا وعصفت به من جديد موجة الاستقالات.. وتوتر العلاقة بين المدير التنفيذي للنداء حافظ قائد السبسي ويوسف الشاهد، مما خلق أزمة سياسية خانقة لا يزال الجميع يبحث لها عن مخرجات خاصة أن يوسف الشاهد ما انفك يتجاوب مع الاتحاد العام التونسي للشغل، ومقر العزم على التواصل معه، فرغم أن المنظمة الشغيلة أبرز المطالبين برحيله وما تزال، فان رئيس الحكومة لم يخلط بين هذه المسائل، وهناك تقدم كبير في عديد الملفات المطروحة، كما أنه نجح في نزع فتيل أزمة العودة المدرسية وعدة ملفات أخرى بينما لا تزال أخرى عالقة لعل أبرزها ملف المؤسسات العمومية إذ على يوسف الشاهد أن يحسم في هذه القضية باعتباره رجل دولة يؤمن بأن التفاعل مع الاتحاد العام التونسي للشغل كقوة اقتراح وتوازن من شأنه أن يجنب البلاد التغول السياسي ويزيد في تجفيف منسوب الاحتقان.. ولا يختلف عاقلان في أن رئيس الحكومة قد كسب إلى حد الان كل الجولات ضد حافظ قائد السبسي، الذي غادر حزبه حتى من كان أول المدافعين عنه، وكشف أن النداء لا يمكنه أن يحكم بل يحتاج أولا إلى ترتيب بيته، وإعادة تنظيم صفوفه والى القطع مع عقلية «التوريث»، التي يرفضها المنسلخون عن النداء وعن كتلته البرلمانية والهياكل في الجهات، ونجح في تكوين حزام للحكومة بعد أن تخلى عنه رئيس الجمهورية، مؤسس النداء الذي رجح (حسب كل المحللين) كفة نجله على حساب يوسف الشاهد، حتى أن هناك من اعتبر أن رئاسة الجمهورية ليست معنية بهذا الخلاف ولا يمكن بأية حال من الأحوال التدخل في الامر حتى لو كان المدير التنفيذي نجل رئيس الجمهورية مؤسس النداء.. كما لا يفوت حكومة الشاهد، أن دعم النهضة مهم على الأقل في الوقت الحالي، لكن لا يجب أن يكون هذا الدعم على حساب الساحة السياسية، ولا أيضا المحرك الأساسي لعملية تفكيك «نداء تونس» الذي بات يحارب على واجهات مختلفة حتى لا يكون الشاهد العصا التي تضرب بها الأحزاب والاطياف المعارضة لحركة النهضة، وكذلك بات من الضروري أن يضع رئيس الحكومة اليد في اليد مع المنظمات الاجتماعية وخاصة منظمتي الشغالين والأعراف لإنقاذ الوضع الاجتماعي والاقتصادي بما يساهم في إعادة الطمأنينة والتخفيف من حدة الاحتقان من جهة، وكذلك لمواجهة تغول النهضة، الذي بات الخطر الداهم خاصة في الانتخابات المقبلة.. وحتى تستعيد الساحة السياسية التوازن المطلوب، وتظهر مؤشرات حلحلة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية لابد للاتحاد العام التونسي للشغل أن يواصل الدفاع عن الملفات المطروحة بينه وبين الحكومة، لكن عليه في الان ذاته أن يكون بمعية اتحاد الصناعة والتجارة صمام الأمان والداعمين الرئيسيين للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي الذي يساوي بالضرورة التوازن السياسي القائم على تكافؤ الفرص وليس على التغول.