معاناة كبيرة يعيشها متساكنو تونس الكبرى يوميا عند التنقل من محلات سكانهم الى مقرات أعمالهم أو دراستهم.. فوسائل النقل العمومي شديدة الاكتظاظ ولا تلبي الحاجة، واختناق الطرقات لا يطاق، ويتسبب في ضغوطات نفسية كبيرة لمستعمليها، وذلك الى جانب الوقت الضائع والخسائر الفادحة في المحروقات واستنزاف الجهود. وللتخفيف من وطأة الازدحام هناك من اقترح تحويل مقر العاصمة برمته الى النفيضة او حتى الى معتمدية المحمدية، لكن هذا المقترح وحسبما أشار اليه سامي ياسين التركي الخبير في التهيئة العمرانية بالمركز الدولي للتنمية المحلية والحكم الرشيد، ليس منطقيا. وأشار الخبير في تصريح خاطف ل»الصباح» إلى أن تونس العاصمة في الثمانينات والتسعينات كان يضرب بها المثل في القارة الافريقية نظرا لما حققته من نجاحات كبيرة في وضع شبكات النقل العمومي. وأدت السياسة التي توختها الدولة في النقل العمومي - على حد تأكيده - إلى اقبال الناس من مختلف فئاتهم الاجتماعية على استعمال وسائله، لكن البلاد بدأت منذ سنوات قليلة تخسر هذه النجاحات، ويعود السبب إلى سياستها التي لم تواكب التطور العمراني والمد الذي عرفته مدينة تونس الكبرى. كما أن الدولة - على حد قول الخبير - لم تقم بتطوير شبكة النقل العمومي، ولم تحرص على مضاعفتها، ولم تقم بتجديد الأسطول، ولم تضف ما يكفي من السكك الحديدية، وهو ما جعل المواطنين يعزفون مكرهين لا أبطال على استعمال النقل العمومي، واضطر العديد منهم إلى التداين لاقتناء سيارات خاصة، وهناك من أصبحوا يستعملون التاكسي الفردي أو التاكسي الجماعي أو حافلات شركات النقل الخاصة. ونبه الخبير في التهيئة العمرانية من تبعات غياب تطوير النقل العمومي، وفسر أن الاستثمار في الطرقات وفي المحولات والجسور مهم لكن هذا التطور كان لا بد أن يواكبه النقل العمومي. وخلص الى انه في صورة بقاء على الوضع على ما هو عليه اليوم ستحصل مشاكل عويصة في العاصمة وسيصبح التنقل فيها على غاية من العسر. وبخصوص موقع المطار الذي أصبح تقريبا في قلب العاصمة وهناك من يعتبره عائقا، بين الخبير أن وجود مطار في قلب العاصمة ميزة تفاضلية لكن هذه الميزة غير مستغلة بالشكل الكافي، فمطار تونسقرطاج لا يحظى بإشعاع في المنطقة وهو ما يتطلب التسويق لموقعه.