صدر مؤخرا الترتيب العالمي 2019 للجامعات الذي تعده سنويا مجلة Times Higher Education وهو يختلف عن ترتيب شانغهاي لأنه موجه أكثر للرأي العام العالمي ،وكما حدث في السنوات الأخيرة لا نجد للجامعات التونسية أثرا في المراكز المهمة للجامعات الافريقية وكذلك الجامعات العربية . ورغم افتخار جامعاتنا بتخريجها لموارد البشرية ذات كفاءة عالية إلا أنها لم تتمكن من الحصول على مراكز قيمة في المنظومة العالمية . ونتساءل لماذا ؟ الترتيب الافريقي والعربي يشير هذا الترتيب العالمي الجديد الذي شمل 1258 جامعة في العالم إلى تفوق الجامعات البريطانية وللسنة الثالثة على التوالي إذ تحتل جامعة أوكسفورد المرتبة الأولى وتحتل جامعة كامبريدج المرتبة الثانية وتأتي بعدها الجامعات الأمريكية لتحتل المراتب من الثالثة إلى العاشرة تتصدرها جامعة ستانفورد . وبالنسبة للجامعات التونسية فلم تجد سوى ثلاث جامعات موقعا لها في الترتيب العالمي وهي جامعة صفاقس التي احتلت المركز 801 عالميا و25 إفريقيا و22 عربيا وجامعة المنستير التي احتلت المركز 1001 عالميا و 38 إفريقيا و38 عربيا وجامعة تونس المنار في المركز 1001 عالميا و45 إفريقيا و42 عربيا . وإذا تعمقنا قليلا في هذا الترتيب لاحظنا أن جامعات جنوب إفريقيا تتصدر ترتيب الجامعات الافريقية ( تم تصنيف 9 من جامعاتها في الترتيب العالمي ) لتحتل جامعة « كاب تاون « المركز 156 عالميا والأول إفريقيا تليها جامعات «ويتوترسراند « في المركز 201 و»ستيلنبوش» في المركز 301 و «كوازولو» في المركز 401 . وتحتل الجامعات المصرية المركز الثاني إفريقيا تليها الجامعات الجزائرية في المركز الثالث . وفي إفريقيا أيضا يلاحظ تفوق جامعات أخرى على الجامعات التونسية مثل جامعة «ماكريري «الأوغندية في المركز 501 عالميا والخامس إفريقيا وجامعتين من نيجيريا في المركزين العاشر والحادي عشر إفريقيا . كما لا تجد الجامعات التونسية المصنفة مكانا مهما لها في ترتيب الجامعات العربية الافريقية إذ نلاحظ سيطرة الجامعات المصرية التي صنفت 19 منها ضمن الترتيب العالمي وتصدرتها الجامعة الأمريكية بالقاهرة في المركز 601 عالميا والسابعة إفريقيا والعاشرة عربيا تليها جامعة بنها وجامعة بني سويف في نفس المركز عالميا والثامنة والتاسعة على التوالي إفريقيا ثم جامعة كفر الشيخ في المركز الثالث عشر وتأتي بعدها في الترتيب جامعة بجاية بالجزائر وجامعة فرحات عباس بسطيف وجامعة مراكش بالمغرب وجامعة محمد الخامس بالرباط . أما بالنسبة للعالم العربي فتحتل الجامعات السعودية الصدارة فجامعة الملك عبد العزيز في السعودية تحتل المركز 201 عالميا والأول عربيا بينما تحتل جامعة الفيصل المركز 301 عالميا والثاني عربيا بالتساوي مع جامعة خليفة بالامارات العربية المتحدة وتأتي الجامعة الأردنية للعلوم والتكنولوجيا في المركز 351 عالميا والرابع عربيا بالتساوي مع جامعة الامارات العربية المتحدة ثم تأتي الجامعة الأمريكية في بيروت في المركز 401 عالميا وفي المركز السادس عربيا مع جامعة قطر. وتحتل جامعة بغداد المركز 14 عربيا وجامعة بجاية بالجزائر المركز 15 وجامعة سطيف المركز 18 وجامعة الكويت المركز 19 وجامعة مراكش المركز 20 وجامعة محمد الخامس بالرباط المركز 21 وجامعة صفاقس المركز 22 وجامعة المنستير المركز 38 وجامعة تونس المنار المركز 42 موقع الجامعات التونسية يعتمد ترتيب الجامعات هذا على تقييم خبراء لمردودها بناء على عدة معايير تغطي مجالات مثل نوعية التدريس وجودة التكوين المقدم للطلبة ومستوى التأطير لكن تهتم خاصة بمدى إنجاز طلبة الجامعة ومدرسيها لبحوث علمية متطورة في التكنولوجيات الحديثة ومدى اعتماد نتائجها في البحوث والدراسات العالمية في جامعات أخرى .وتغطي المعايير أيضا مدى إشعاع الجامعة علميا في المحيط الأكاديمي الدولي ومدى تفتحها على العالم ونسبة الطلبة الأجانب المسجلين فيها ومدى انجذاب الطلبة والمدرسين إلى تلك الجامعة .ومن المعايير المعتمدة أيضا مدى جذب المؤسسة الجامعية للكفاءات الأكاديمية والعلمية والباحثين الأجانب في إطار شراكات علمية وبحثية. لذلك وحسب هذه المعايير وخاصة ما يهم البحث العلمي الذي لا يحظى بالعناية اللازمة في المؤسسة الجامعية التونسية العمومية والخاصة وبالطريقة التي تشتغل بها اليوم ، فلا تجد مؤسساتنا الجامعية موقعا مهما لها في هذا التقييم مثلما لم تجد لها في السابق مكانا في ترتيب شنغهاي . لكن يبقى الإعلان عن هذا الترتيب مقارنة بالجامعات العربية والافريقية حافزا للقائمين على شأن التعليم العالي للتدارك بعد دراسة الوضع بطريقة علمية حتى نعيد المنظومة إلى سالف نجاحها وإلى موقعها المتقدم في الماضي في التعليم الجامعي العربي والافريقي. (*) باحث وخبير تربوي