احتجاجات بسبب الاكتظاظ داخل الأقسام.. واضرابات نفذتها اطارات تربوية تحسبا من انتشار أمراض وبائية.. وتوقيف للدروس على خلفية اكتشاف إصابات لعدد من التلاميذ بالتهاب الكبد الفيروسي «صنف أ» في حين يمنع بعض الأولياء أبناءهم من الالتحاق بمقاعد الدراسة بسبب غياب أبسط قواعد السلامة. تتعدد الأسباب لكن تبقى النتيجة واحدة: عودة مدرسية متعثرة يدفع ضريبتها لاحقا التلميذ كما تساهم بشكل مباشر في تردي وتدهور المنظومة التربوية برمتها. هكذا هو للأسف حال بعض المناطق الداخلية في بلادنا. فالوضعية التي تعيش على وقعها بعض المدارس الداخلية تبعث على القلق ازاء مستقبل التلاميذ والاجيال القادمة في ظل اشكاليات و»علل» تعتبر قديمة جديدة، ومع ذلك ما من حلول تلوح في الافق لتجاوزها. نفذ أمس مديرو 13 مدرسة ابتدائية بمعتمدية بئر علي بن خليفة من ولاية صفاقس وقفة احتجاجية للتنديد بافتقار مدارسهم لأعوان تنظيف، ملوّحين بإيقاف الدروس بالكامل بداية من يوم الجمعة القادم.. ووقّع المديرون المحتجون على عريضة ضمنوها مواقفهم الرافضة لتواصل وضعية غياب أعوان التنظيف وما انجر عنها من «تدني الوضع الصحي والبيئي» مما دفع بمدرستي (سيدي الظاهر 1 وسيدي الظاهر 2) إلى تعليق الدروس بهما منذ اول أمس.. كما هددوا في صورة عدم إيجاد حلول من قبل سلط الإشراف بإيقاف الدروس بباقي المدارس المفتقرة لأعوان نظافة بداية من يوم الجمعة المقبل، كخطوة أولى قبل إيقاف الدروس بكامل مدارس المعتمدية البالغ عددها 52 مدرسة انطلاقا من يوم الخميس القادم 11 أكتوبر في السياق ذاته السلط المحلية والجهوية ووزارة التربية المسؤولية فيما وصفوه ب»خطورة الوضع الصحي».. وبالتوازي مع ذلك تعطلت أيضا أول أمس الدروس بالمدرسة الابتدائية النور بمعتمدية العيون التابعة لولاية القصرين، وذلك بسبب دخول كافة اطاراتها التربوية في إضراب مفتوح عن العمل احتجاجا على تواصل العمل بنظام الفرق بها والاكتظاظ الحاصل في مستوى السنتين الأولى والسادسة وفقا لما نقلته وكالة الأنباء (وات)، بالنظر الى أن الاكتظاظ ونظام الفرق أصبحا ظاهرة متفشية ومنتشرة بأغلب المدارس الابتدائية في معتمدية العيون، كما ان لها تداعياتها السلبية على سير العملية التعليمية، علما ان هذا التحرك الاحتجاجي ليس الأول من نوعه وإنما سبقته وقفتان احتجاجيتان خلال شهر سبتمبر المنقضي، على ان يتواصل الى حين الاستجابة للمطالب المقدمة من خلال فك الاكتظاظ، بما يؤشر الى أن الدروس مرجحة الى الانقطاع في قادم الأيام الى حين تحقيق مطالب الاطارات التربوية. وللأولياء نصيب الاحتجاجات على اعتماد نظام الفرق في ولاية القصرين طال أيضا الأولياء بعد أن منعوا مؤخرا أبناءهم المرسمين بمدرسة الخيمة بعمادة مشرق الشمس في سبيطلة من الالتحاق بمقاعد الدراسة احتجاجا. وبالتوازي مع استنكار الاولياء اعتماد نظام الفرق، فقد عبر أحدهم في تصريح ل(وات) ان من بين المطالب الاخرى التي لم تقع الاستجابة إليها هي «تهيئة وصيانة دورة مياه المدرسة المحدثة منذ ثمانينات القرن الماضي علاوة على تسييج المدرسة لحماية التلاميذ من خطر مداهمة الحيوانات البرية ومخاطر الإرهاب والطريق فضلا عن بناء قاعة انتظار تقيهم من الحرّ والبرد ومطعم بالنظر الى بعد مساكن التلاميذ عن المدرسة».. من جهة أخرى نفذت أول أمس المدرسة الابتدائية عرباطة بمدينة القطار تحركا احتجاجيا نفذه الأولياء والإطار التربوي بدعوة من النقابة الأساسية للتعليم الابتدائي تم على إثره توقيف الدروس على خلفية اكتشاف إصابات لعدد من التلاميذ بالتهاب الكبد الفيروسي (صنف أ) بسبب تردي الأوضاع الصحية لا سيّما أن الوحدات الصحية الخاصة للتلاميذ حالتها لا تسمح للاستعمال وغير مهيأة. في حين علق أساتذة إعدادية معتمدية ملولش التابعة لولاية المهدية الدروس لليوم السادس على التوالي بسبب ما وصفوه غياب الظروف الطبيعية لسيرها. فبتاريخ 27 سبتمبر الماضي أوضح الأساتذة المحتجون في تصريحهم ل(وات) أن تواصل أشغال البناء داخل مؤسستهم وعدم توفر دورات المياه لفائدة الأساتذة والتلاميذ فضلا عن تكدس أدوات البناء في كل مكان والوضعية المزرية لمعدات التدريس علاوة على الضجيج الصادر عن الأشغال لا تسمح لهم بأداء مهمتهم في ظروف طبيعية. قد لا يتسع المجال لاستعراض جميع المؤسسات التربوية التي تشهد الى اليوم انطلاقة مدرسية متعثرة جراء اشكاليات وعلل تعتبر «قديمة جديدة» لكن المؤكد ان امكانية تواصل تعطل الدروس في بعض المؤسسات التربوية في قادم الايام ستكون تداعياته وخيمة على التلميذ والمنظومة التربوية برمتها. تداعيات سلبية تعقيبا على الحالات السالفة الذكر، اورد رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح ل «الصباح» انه دون الخوض في تفاصيل وحيثيات الاسباب التي ادت الى انقطاع الدروس في بعض المدارس فانه من المؤكد أن الحصيلة ستكون سلبية لاحقا. وفسر الزّهروني في هذا الإطار أن الزمن المدرسي مرتبط ببرامج ومناهج تعليمية محددة وبالتالي فان الإخلال به من شانه أن ينعكس سلبا على سير العملية التعليمية برمتها قائلا: «كان يتعين على سلطة الاشراف الاستعداد جيدا للعودة المدرسية لاسيما فيما يتعلق بمسألة الاكتظاظ داخل الاقسام حتى يتسنى تجاوز بعض الاشكاليات الحاصلة اليوم».