أثقل تفاقم كتلة أجور الوظيفة العمومية كاهل المالية العمومية وهذا الارتفاع في نفقات التأجير العمومي لا يعود بالضرورة إلى الزيادات في أجور القطاع العام، مثلما يروج لذلك، بقدر ما يعد المتسبب الأول فيه ارتفاع عدد الأجراء بشكل لافت منذ 2011 من قبل الحكومات المتعاقبة وذلك لأسباب سياسية بحتة وهي كسب تعاطف الشعب خلال الانتخابات، من جهة، وإلى الكم الهائل من المنتدبين من المتحصلين على العفو التشريعي وعائلاتهم مع حصولهم على ترقيات آلية، جميعها أسباب أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في عدد العاملين في الوظيفة العمومية من 450 ألف موظف سنة 2011 إلى 691 ألف موظف حسب آخر الإحصائيات ما جعل الأجور تمثل أكثر من 40 بالمائة من الميزانية و70 بالمائة من النفقات العمومية موجهة الى الأجور، لتسجل بذلك تونس أعلى النسب في العالم من حيث كتلة الأجور. هذه المعطيات جعلت المؤسسات المالية الدولية لا سيما صندوق النقد الدولي يطالب في كل مرة بالضغط على كتلة الأجور وآخرها بعد صرفه القسط الأخير من القرض لبلادنا، إذ يعتبر الصندوق أن كتلة أجور القطاع العام في تونس، تعتبر الأعلى المستويات في العالم من حيث إجمالي الناتج المحلي، ما جعله يدعو الحكومات المتعاقبة إلى احتواء كتلة الأجور. كتلة الأجور فاقت كل التوقعات ويقدر حجم الأجور في الوظيفة العمومية، وفق مشروع ميزانية الدولة لعام 2019، بقيمة 16485 مليون دينار (م د)، أي ما يعادل 14.1 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي مقابل 14 بالمائة محينة في سنة 2018 أي أكثر بقليل من 16000 مليون دينار بعد أن كانت في حدود 14 ألفا و300 مليون دينار في سنة 2017 فيما كان يبلغ حجم الأجور لأعوان الوظيفة العمومية سنة 2016 ما قيمته 13385 مليون دينار مقابل 7680 مليون دينار سنة 2011. ميزانية دون الزيادة في الأجور؟ هذا وقد تم إعداد مشروع الميزانية للسنة القادمة دون احتساب الزيادات المتوقعة للسنوات 2017 و2018 و2019 ما يعني أن حجم كتلة الأجور المعلن عنه للسنة القادمة غير دقيق. فبعد أن أمضت الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل على البلاغ الخاص بمفاوضات الزيادة في أجور موظفي وأعوان الوظيفة العمومية والشركات والدواوين العمومية والتي ستشمل السنوات المذكورة كان منتظرا أن يقع الاتفاق على الزيادة في أجور القطاع العام قبل منتصف سبتمبر الماضي بهدف إدراجها ضمن مشروع قانون المالية للسنة القادمة 2019 الذي وحسب الدستور يجب إيداعه لدى مكتب المجلس يوم 15 أكتوبر الجاري حيث لم تعد تفصلنا عن هذا الموعد سوى 5 أيام فقط وهو ما يؤكد أن مشروع قانون المالية لن يشهد إدراج أية زيادة وهو ما جعل الاتحاد يهدد بالإضراب العام. ويقترح اتحاد الشغل اعتماد نسبة التضخم مع نصيب من مساهمة الأجراء في نسبة النمو بين النقطة والنقطتين، زيادة تغطي كلفة غلاء المعيشة وبالاعتماد على هذه القاعدة فان نسبة الزيادة لا تقل عن 10 %، فالاتحاد سيسعى خلال هذه المفاوضات إلى أن تكون الزيادة بعنوان 2017 و2018 و2019 أفضل من زيادات 2015 باعتبار أن المؤشرات تختلف ونسبة التضخم قد تضاعفت هذه السنة مقارنة بالسنوات الفارطة.