كيم يشرف على اختبار أداء مسيرات هجومية تكتيكية    حمادي الحبيّب يدعو الى تعزيز الجاهزيّة لضمان نجاعة التّدخّلات الوقائيّة من الفيضانات    حصيلة مظاهرات 18 سبتمبر 2025: فرنسا في الشارع ضد التقشف    تأكيد على خدمة المحاماة .. عميد المحامين الجديد بوبكر بالثابت يتسلّم مهامه    مصالح المراقبة الإقتصادية بأريانة تحجز خمسة أطنان من مشتقات الحبوب لدى مخبزة مصنفة    الهنشيري.. قرابة 30 سفينة راسية بالقرب من سيسيليا في انتظار تحسن الأحوال الجوية    واشنطن تستخدم "الفيتو" ضد مشروع قرار بمجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار بالقطاع..# خبر_عاجل    الحوثيون يعلنون تنفيذ 3 عمليات عسكرية في إسرائيل    الكرة الطائرة ..المنتخب في الدور ثمن النهائي لبطولة العالم    بين الخبرة والطموح .. هذه قائمة مُدربي الرابطة الثانية    مصر.. إحالة الفنانة شيرين عبد الوهاب إلى المحاكمة    وخالق الناس بخلق حسن    خطبة الجمعة .. أخطار النميمة    التسامح أساس من أسس التعايش بين الناس    عاجل: قرار وزاري مشترك بين الشؤون الاجتماعية والصحة لتعزيز الحماية من حوادث الشغل والأمراض المهنية    عاجل/ هذا ما تقرّر في حق الطيب راشد ورجل أعمال في قضية غسيل أموال    جريدة الزمن التونسي    تخطت السبعين.. إيناس الدغيدي تتصدر الترند بزفافها    عاجل/ مقتل 4 جنود خلال معارك في رفح جنوبي غزّة    جيش الاحتلال يشن ضربات جوية على جنوب لبنان    البرلمان: 7 أكتوبر القادم موعد الجلسة العامّة الافتتاحيّة للدورة العادية الرابعة    عاجل: وزارة التربية تنشر قائمة محيّنة للمدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية الخاصة    المهرجان الجهوي للمسرح بدور الثقافة ودور الشباب ببن عروس من 27 سبتمبر الى 5 أكتوبر 2025    الرابطة الاولى ... فوز مستقبل المرسى على مستقبل سليمان 1-صفر    معز الشرقي يواصل التألق.. ربع نهائي سان تروبيه    سحب عابرة على كامل البلاد تتكاثف آخر الليل بالمناطق الساحلية الشرقية    الليلة: الغيث أوّله قطرة    عاجل: نداء للبحث عن طفل مفقود بمنطقة العمران (يلبس طبلية زرقاء ويحمل محفظة)    عاجل : مستجدات بطاقة التعريف البيومترية للتونسيين    هذا هو موعد انتهاء أشغال المدخل الجنوبي للعاصمة    عاجل/ رجل يعتدي على طليقته بسكين في شارع أمام المارة..    عاجل: الجامعة تفتح الباب قدّام الفرق باش تبث ماتشاتها وحدها..كيفاش؟    صادرات القطاع الصناعي ترتفع ب1,9% خلال النصف الأوّل من 2025    حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك قرب إحدى المؤسسات التربوية..    موسم الحبوب..البنك الوطني الفلاحي يرفع من قيمة التمويلات    قصر النظر عند الأطفال: الدكتور فهمي نافع يحذر ويقدم نصائح مع العودة المدرسية    عاجل : وزير النقل يضع مهلة ب15يوما لضبط روزنامة برامج عمل    ترتيب الفيفا: المنتخب التونسي يتقدم إلى المركز 46 عالميا    اجتماع بمعهد باستور حول تعزيز جودة وموثوقية مختبرات التشخيص البيولوجي    آلام المفاصل عند الأطفال مع العودة المدرسية: أسباب وطرق الوقاية    عاجل/ تقلبات جوية وأمطار بداية من هذا التاريخ..    السجل الوطني للمؤسسات يعلن حزمة إجراءات رقمية جديدة: دفع حصري عن بُعد ومضمون إلكتروني مُحدَّث    لليوم الثاني على التوالي..غزة دون اتصالات وانترنات..#خبر_عاجل    الملعب التونسي يفسخ عقد هذا اللاعب..#خبر_عاجل    رابطة ابطال اوروبا : ثنائية كين تقود بايرن للفوز 3-1 على تشيلسي    الموت يغيب هذه الإعلامية..#خبر_عاجل    تونس تجمع 12 مليون قنطار لكن حاجياتها تبلغ 36 مليون قنطار    في بالك الى فما مكوّن سرّي في زيت الحوت... شنوة يعمل في جسمك؟    بلعيد يؤكد خلال الدورة 69 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذريّة حرص تونس على مواصلة التعاون مع الوكالة    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    اللجنة الوطنية للحج تستعدّ لموسم 1447ه: ترتيبات متكاملة لضمان أفضل الظروف للحجيج    السبيخة ..الاطاحة ب 4 من مروجي الزطلة في محيط المؤسسات التربوية    تنظمها مندوبية تونس بالتعاون مع المسرح الوطني...أربعينية الفاضل الجزيري موفّى هذا الأسبوع    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    شهر السينما الوثائقية من 18 سبتمبر إلى 12 أكتوبر 2025    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    جريدة الزمن التونسي    طقس اليوم: سماء قليلة السحب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث الأربعاء: سامي بن سلامة العضو السابق في مجلس الهيئة المستقلة للانتخابات ل«الصباح».. يجب التخلص من نظام «القائمات المقنّعة» والانتقال إلى نظام انتخابي «مكشوف الوجه»
نشر في الصباح يوم 24 - 10 - 2018

بعد 5 سنوات من انتخابات 2014 لازلنا نجهل اسم المرشح الرئاسي الذي تلقى أموالا أجنبية وأسماء من زوروا التزكيات في الانتخابات الرئاسية
لا توجد بوادر على توفر النية في الإصلاح بل فقط اقتراح حلول ترقيعية ساذجة تبقي الهيئة رهينة لدى الأحزاب المهيمنة
هيئة الانتخابات فقدت مصداقيتها وأصبحت تمثل عنصر زعزعة للانتقال الديمقراطي ويجب التعامل معها بطريقة جراحية وعاجلة بتغيير قانونها جذريا
◗ التقاه: رفيق بن عبد الله -
طالب سامي بن سلامة العضو السابق في مجلس الهيئة المستقلة للانتخابات (2011-2014) بالتخلص من نظام القائمات والانتقال إلى نظام الانتخاب على الأفراد على دورتين كضمانة لتوفر الحد الأدنى من المصداقية والكفاءة في المرشحين وتمهيدا لحصول تحول استراتيجي عميق في المشهد السياسي الوطني.
وعبّر بن سلامة في حوار مع «الصباح» عن اعتقاده بأنه لن يتم ادخال أية تعديلات جدية في القانون الانتخابي، مشككا في نزاهة وشفافية انتخابات 2014 وحتى الانتخابات البلدية، بسبب ما تخللتها من تجاوزات وخروقات من قبل المرشحين دون أن ترد هيئة الانتخابات الفعل، منتقدا أداء الهيئة الحالية التي فقدت - وفق رأيه- مصداقيتها و»أصبحت تمثل عنصر زعزعة للانتقال الديمقراطي»، مشيرا إلى غياب «نوايا حقيقية في الإصلاح بل فقط اقتراح حلول ترقيعية ساذجة من قبيل استكمال التركيبة وانتخاب رئيس جديد تُبقي الهيئة رهينة لدى الأحزاب المهيمنة ولن تؤدي سوى إلى إعادة إنتاج نفس الأخطاء السابقة»، وفق تقديره.
وبن سلامة معروف بكتاباته النقدية المتواصلة لأداء هيئة الانتخابات وللمسارات الانتخابية بشكل خاص وللمشهد السياسي بشكل عام.
* كيف تقيم المشهد السياسي الحالي ونحن على أبواب سنة انتخابية ساخنة؟
- بائس جدا، لقد تشكلت لدينا طبقة سياسية رديئة لا تعي خطورة الوضع الحالي على مصيرنا في ظل انهيار اقتصادي شامل وتعاظم التدخلات الأجنبية والدور المحوري للمال الفاسد ومراكز القوى المختلفة. ومن خدمة الشأن العام وإيجاد الحلول لمشاكلنا تحوّل الصراع نحو السلطة والنفوذ والمغانم. الانطلاقة كانت خاطئة إثر انتخابات 2014، إذ لم يتم كشف الحقائق وتحميل المسؤوليات عن فترة حكم»الترويكا» وفضل المنتخبون الجدد الدخول في «توافق مسموم» عتّم على كل المواضيع الحارقة وحكم البلاد «تحت الطاولة» إلى درجة تهديد سيادتها واستقلالها.
* هل تعتقد أن ما يجري من صراعات سياسية نتيجة إفرازات انتخابات 2014، وكيف يمكن ربطها بالاستحقاق الانتخابي لسنة 2019؟
- ما يجري نتيجة طبيعية لدستور مختل ولنظام سياسي عقيم لا يصلح لبلد مثل تونس. فالأحزاب لا برامج حقيقية لها وتتلاعب بالوطن، والبرلمان مغيّب ولا صلاحيات معتبرة لمن انتخب شعبيا بينما أسندت صلاحيات فرعونية لمن لا تفويض شعبي له. وكل ما يجري حاليا هدفه انتخابات 2019، في حين تنهار الإدارة ويتهالك الاقتصاد ويتضرر المواطنون في معيشتهم ومستقبلهم، يتخلى الجميع عن واجباته وينخرط في صراع حول مواعيد لا يزال يفصلنا عنها أكثر من سنة كاملة.
* هناك سعي محموم من قبل بعض الأحزاب وحتى رئاسة الجمهورية لتعديل القانون الانتخابي وإعادة تقسيم الدوائر، برأيك ماهي حظوظ التعديلات المقترحة، وهل سيكون لها تداعيات على المشهد السياسي ما بعد 2019؟
- جرت الانتخابات الفارطة بناء على تقسيم غير دستوري وغير قانوني للدوائر الانتخابية، إذ تم بناء على أوامر حكومية عوضا أن يتم بقانون ولو كانت لدينا محكمة دستورية لكانت أبطلت التقسيم. وكذلك الانتخابات التي جرت على أساسه. لا جدوى من أية تعديلات على القانون الانتخابي لا تقترح حلولا ناجعة للإشكاليات الكثيرة المطروحة، فالنظام الانتخابي على القائمات وضع للمساعدة على حشو قائمات الأحزاب خاصة بالمرشحين بقطع النظر عن أهليتهم للمنصب وكذلك لتمتيع من تفشل منها في نيل ثقة الشعب بمقاعد عبر «الإسعاف» بتقنية «أكبر البقايا». يجب اعتماد نظام انتخابي مختلف يضع الأفراد في المقدمة ويفصل بينهم بناء على الكفاءة والإشعاع والقدرة على أداء المهام. لن تقدم أية تعديلات جدية في الوقت الحالي لأن من وضعوا القانون الانتخابي لتحقيق مصالحهم الضيقة لن يقترحوا إلا ما يخدمها.
* هل تتفق مع بعض المحللين أن التعديلات المقترحة في القانون الانتخابي قد يكون لها الأثر في إرساء استقرار سياسي دائم؟
- قطعا لا، فالحكومة تريد إقرار عتبة ب5 بالمائة ستؤدي إلى إقصاء أغلب الأحزاب الممثلة في البرلمان اليوم. وأية تعديلات لا تأتي في إطار حزمة إصلاحات وفق مشروع متكامل يهدف إلى إنجاح المسار وتكريس الديمقراطية وسيادة القانون غايتها تحقيق مكاسب سياسية آنية، لن تؤدي إلا إلى مزيد تفاقم وضع عدم الاستقرار.
* هل ترى أن المرور إلى انتخابات 2019 يحتم تغييرات أكثر عمقا في المنظومة القانونية والتشريعية والآليات الانتخابية؟
- يجب أن نغير كل شيء تقريبا وهذا أمر مستحيل حاليا. لذلك أعتبر أن المدخل للتغيير ينطلق من النظام الانتخابي وقبل انتخابات 2019. من مصلحتنا التخلي عن نظام الانتخاب على القائمات الذي سمح بصعود مرشحين مقنّعين ومجهولي الهوية تنعدم في أغلبهم أدنى معايير الأهلية والكفاءة ولم ينتخبهم الشعب بل يمررون خلسة تحت لافتات أحزاب.
علينا إجراء تحول استراتيجي عميق في رؤيتنا للمستقبل يفرض تجديد الطبقة السياسية باشتراط توفر الحد الأدنى من المصداقية والكفاءة مع الوجه المكشوف للتصعيد إلى مواقع المسؤولية. ولن يتسنى ذلك إلا بالتخلص من نظام «القائمات المقنّعة» والانتقال إلى نظام انتخاب «مكشوف الوجه» وهو نظام الانتخاب على الأفراد على دورتين، واعتماد هذا النظام يكتسي أهمية قصوى في نظري وتطبيقه سيغنينا عن خوض تجربة الحكم المحلي المحفوفة بالمخاطر على الدولة واستقرارها، إذ يمكن من تقليص حجم الدوائر الانتخابية والترفيع في عددها ومن جعل المنتخب قريبا جدا من ناخبيه.
أما الاقتصار على المطالبة بتغيير النظام الانتخابي بأي ثمن ولو باعتماد نظام القائمات بالأغلبية عوض ذلك المطبق حاليا والذي يعتمد النسبية كما لاحظت أخيرا لدى بعض الأصدقاء بالمجتمع المدني، فسيمثل خطأ فادحا. لأنه يعدّ تمهيدا لكارثة سياسية جديدة، إذ سيسمح بتكرار تجربة «الترويكا» أو التجربة الفاشلة الحالية في نسخة مطورة تسمح بالإطباق على البلد. لذلك لا أتفق مع ذلك التوجه ولن أقبله إلا في حالة واحدة لم يلتفت لها أحد وهي أن يسبق ذلك إصلاح شامل لسجل الناخبين وتعزيزه بالأربعة ملايين ناخب المحرومين من التسجيل والذين تجبر الهيئة على عدم ضمهم وعلى عدم إطلاق حملة تسجيل شاملة لفائدتهم في كامل أنحاء الجمهورية على مدار السنة. فتسجيل هؤلاء من شأنه تغيير الخارطة الانتخابية وتخفيض نسب التصويت للأحزاب الكبيرة لذلك تتعرض الهيئة منذ تشكيلها في نسختها الجديدة لضغوط سياسية كبيرة تخضع لها وتدفعها لعدم بذل أي مجهود وتخصيص أية موارد لضمهم للسجل.
* كيف تفسر عدم وجود رغبة أو مبادرة لدى السلطة أو المعارضة في تنقيح القانون الأساسي لهيئة الانتخابات؟
- نحن في بلد تحكمه الرداءة ولا تبني فيه ديمقراطية في الواقع بل يُعمل بتفان على تخريبها. لدينا طبقة سياسية متخلفة وخطيرة على الانتقال الديمقراطي لا تقبل الاستقلالية أو الحياد والاستقامة والكفاءة ويهمها في الحقيقة تكوين هيئة «غير مستقلة» وتركها في وضع متأزم بأناس مختارين بعناية وفق حصص حزبية يسهل فيه الضغط عليها. حققنا في الهيئة الأولى سنة 2011 انجازا تاريخيا في زمن قياسي لم يتجاوز 150 يوما وبأبسط التكاليف وفق المعايير الدولية، إذ سجلنا فيه قرابة 5 ملايين ناخب علما أن الهيئة الحالية لم تسجل منذ 8 سنوات وبعد صرف مئات المليارات سوى 700 ألف ناخب. كما جهزنا الهيئة بكل ما كانت تحتاجه وأجرينا الانتخابات في تونس والخارج في كنف الاستقلالية التامة ودون تراجع أمام التهديدات والضغوطات. فكانت النتيجة أن حاربنا الجميع وعلى رأسهم حركة النهضة التي شيطنتنا واستعملت القوانين والإدارة والقضاء والإعلام لتدمير الهيئة والاستيلاء عليها مستفيدة من تواطؤ «الديمقراطيين» وخذلانهم لها.
* إن كانت الأحزاب الكبرى تتعارض مصالحها مع تنقيح جذري لآليات العمل صلب هيئة الانتخابات، كيف تفسر خنوع المعارضة ورضائها بالموجود رغم أنها تندد بالسائد دون أن تقترح البديل؟
- لكأنّ المسألة لا تهمها، والواقع أنه لا وجود في تونس لمعارضة فاعلة، إذ أن تلك التجمعات لم تمثل يوما قوة اقتراح ولا دافعت عن المصالح الوطنية العليا، فلا تأثير لها على الحياة السياسية وأغلبها غير ديمقراطية وتقصي شبابها من المواقع القيادية. وغالبا ما لا تعي مشاكل البلد ولا تفهم الرهانات الحقيقية ولا أهمية «حَكَم» المرحلة الذي تمثله الهيئة، لذلك لا يستمع لها الكثيرون فتعجز على ترشيح قائمات كافية في الانتخابات.
* قلت في مناسبات عدة أن انتخابات 2014 والبلدية غير نزيهة ماهي مبرراتك؟
- لأنها مثلت تراجعا رهيبا عن مكتسبات 2011. فالهيئة أُضعفت سياسيا وتقنيا وانحدرت إلى حد خرق قانونها الأساسي ولم تلتزم لا بالقوانين ولا بتعهداتها. لم تكن الانتخابات نزيهة أو شفافة وتخللتها عديد التجاوزات والخروقات من قبل المرشحين بدون أن ترد الهيئة الفعل. لن أذكّرك بمحتويات جميع بيانات منظمة 10_23 لدعم مسار الانتقال الديمقراطي وبوجود سجل ناخبين غير موثوق نهائيا وبأن آلاف الناخبين فتح لهم باب التسجيل قبل انتخابات 2014 ولكن بشرط عدم الترشح في سابقة عالميّة، وبأن الآلاف تم فسخهم منه في انتخابات 2014 وتم تغيير مكاتب اقتراعهم بدون علمهم، وبأن حملات انتخابية عديدة خالفت القانون ولم يتخذ في شأنها أي إجراء، وبأنك لا تعرف اليوم بعد 5 سنوات وبسبب تستر الهيئة اسم المرشح الرئاسي الذي تلقى أموالا أجنبية، ولا أسماء من زوّروا التزكيات في الانتخابات الرئاسية.
نفس الشيء بالنسبة للانتخابات البلدية التي تخبطت فيها الهيئة وأساءت إدارتها وخرقت القانون فيها عديد المرات باعتراف أعضائها. أدعوك فقط للتمعن في ملف عزل رئيس الهيئة وتقرير الأعضاء الصادم وفي رّد الرئيس المعزول ومعطياته المفجعة وستدرك أن انتخاباتنا في مهب الريح.
* تقرير بعثة الاتحاد الأوروبي حول الانتخابات البلدية لاحظ عدم ممارسة الهيئة حقها في إسقاط قائمات، كيف تقرأ هذه الملاحظة؟
- ورد في الصفحة السابعة من ذلك التقرير ما يلي: «الهيئة اختارت عدم ممارسة سلطتها في إلغاء نتائج الانتخابات وأحالت أخطر الجرائم إلى وكيل الجمهورية». التقرير مهم إذ لاحظ هذه المرة -خلافا لما عودتنا به الجهة المصدرة له سابقا من تغطية وتسطيح- بعض ما كنت أردده وأحذر منه منذ سنوات، إذ أكد خرق الهيئة لواجب من أهم واجباتها في حسن تطبيق القانون برفضها استعمال سلطتها في إلغاء النتائج وإسقاط قائمات وتفضيلها إحالة الجرائم الخطيرة للنيابة العمومية دون اتخاذ قرار فيها كما يفرضه القانون، الذي منحها صلاحيتين مترابطتين: إلغاء نتائج الانتخابات في حالة وجود جرائم انتخابية، وإحالة المخالفين على القضاء. ولا يمكن للهيئة الاكتفاء برمي كرة اللهب إلى القضاء وهو فعل دأبت على إتيانه منذ انتخابات 2014 حيث امتنعت عن ممارسة دورها في إلغاء النتائج عندما تتوفر شروطه، وإلا فما الفرق بينها وبين أتعس وزارة داخلية في دولة متخلفة تزوّر الانتخابات؟
إن الهيئة متهمة من الأوروبيين بأنها تخلصت من المسؤوليات الملقاة على عاتقها وألقتها على النيابة العمومية ولا أحد يعلم إلى اليوم شيئا عن الملفات التي أحيلت لها من قبل ونامت في الأدراج. فأن تعاين جرائم انتخابية خطيرة وتتفادى ممارسة سلطتك في إلغاء النتائج وإسقاط القائمات المتهمة، وأن تصادق على تلك النتائج وتمكنها من مقاعد دون وجه حق وتنتهك بالتالي حق قائمات أخرى، يمثل ذلك جريمة كبرى ترتكب في حق الناخبين والمرشحين وفي حق تونس، لأنه لا يعني ببساطة شيئا سوى أنك تتلاعب بنتائج الانتخابات وتغّيرها، إذ يدخل ذلك شكوكا كبيرة على مصداقيتها، خاصة أنه لا يُعلم بالتحديد تفاصيل وأعداد الحالات التي كان يجب فيها إسقاط قائمات مخالفة.
وأذكرك هنا بأن الهيئة المستقلة والقوية التي دمرتها حركة النهضة سنة 2012 بتعاون ونصائح من الأمريكان والأوروبيين وبتواطؤ من «الديمقراطيين»، كانت -دون أن تخشى أحدا ودون الاكتفاء بإحالة الأمر إلى النيابة العمومية- أسقطت سنة 2011 قائمات «العريضة الشعبية» بالاعتماد على فصل يتيم في القانون الانتخابي كان يسمح بمعاقبة من يخالف قواعد تمويل الحملة الانتخابية.
أعتقد أن الثقة انعدمت تماما في هيئة الانتخابات، التي فقدت مصداقيتها وأصبحت تمثل عنصر زعزعة للانتقال الديمقراطي ويجب التعامل معها بطريقة جراحية وعاجلة بتغيير قانونها جذريا وإلا فإن المسار برمته سيكون عرضة أكثر فأكثر لمخاطر لا موجب لها. ويؤلمني فعلا أن من في ربوعنا من مسؤولين لا يخشون غير الضغوط الخارجية ولا يقدرون حجم كوارث تحلّ بنا كان يمكن تفاديها منذ البداية لو استمعوا إلى تحذيراتنا.
* إن استمر الوضع في هيئة الانتخابات على ماهو عليه رغم انتخاب رئيس جديد، هل تتوقع نجاح انتخابات 2019؟
- الوضع متعفن تماما، ولو لم يتم تغيير قانون الهيئة بصفة جذرية سيبقى الحال على ما هو عليه ولو تم انتخاب رئيس جديد مع احترامي للمرشح الحالي ولوعوده الإصلاحية وقد أُصدّق بعضها.
مع ذلك تتوفر اليوم خبرة تقنية لدى إدارة الهيئة تمكّن من إجراء أية انتخابات بالمقاييس الدنيا في أجل قصير جدا. أما نجاح الانتخابات فأمر آخر، إذ لا يمكنني الحديث عن انتخابات «ناجحة» لا تتوفر فيها الشروط الدنيا للنزاهة والشفافية وتتهم فيه الهيئة بانتهاك القوانين برفض ممارسة سلطتها في إلغاء النتائج وإسقاط قائمات، لأن ذلك يمس من جوهر الانتخابات ويزرع الشك في مصداقية نتائجها.
* هناك من يتهمك بأنك تحاول دائما ضرب الهيئة والطعن في استقلاليتها دون موجب ودون حجج دامغة، كيف ترد؟
- إن الهيئة الحالية غير مستقلة بحكم قانونها الأساسي الذي وضعته حركة النهضة يوم 20 ديسمبر 2012 لإحكام السيطرة عليها بعد إفقادها جميع عناصر استقلاليتها في إطار استراتيجيتها في اختراق جميع مفاصل الدولة، وبحكم طريقة اختيار الأعضاء التي أخضعتها لمحاصصة حزبية قذرة، وبحكم خضوعها للأحزاب القوية وتنفيذها لطلباتها وأوامرها، فضلا عن تحكم الأجانب فيها وفي قراراتها.
دائما ما كان كلامي مدعما بالحجج والوثائق ولم تكذبه الهيئة ولا تقدر على ذلك، لذلك لا يمكن اتهامي بضرب هيكل كنت أحد مؤسسيه وضربه في الحقيقة غيري، إذ حاولت دوما الدفع في اتجاه إصلاحه والدفاع عن وجوده. تركت الهيئة المركزية بإرادتي مع بعض زميلاتي وزملائي الشجعان ورفضت الترشح من جديد دفاعا عن سلطة مستقلة وقوية للانتخابات.
أعتبر أنني أديت واجبي تجاه وطني من هذه الناحية، إذ دافعت عن الهيئة السابقة في أحلك الفترات رغم التهديدات، وبقيت سنتين كاملتين بعد 2011 مع الرئيس الجندوبي في مقرها المركزي، وكنا متطوعين بدون منح ولا امتيازات من أي نوع، لمنع الاستيلاء عليها من قبل الحركة. ودافعت عن الحالية رغبة في إصلاحها، بنقد موضوعي لأدائها وعملها وأخطائها وعدم استقلاليتها والشواهد على ذلك لا تحصى ولا تعدّ.
* هل ما زال الوقت للإصلاح والتدارك أم أن المعوقات كثيرة والإرادة مفقودة؟
- يفصلنا زمن طويل عن الانتخابات المقبلة في 2019 وهو ما يكفي لإصلاح الوضع جذريا. ولكن لا إصلاح ممكن دون توفر الروح الوطنية التي تجعلك تضحي بالمصالح الذاتية والحزبية الضيقة ودون توفر إرادة صادقة وخاصة دون مشروع يتضمن تشخيصا سليما للخلل وحلولا ناجعة. علينا أن نفرق بين الإصلاح الداخلي الذي يبقى من مسؤولية أعضاء الهيئة والإصلاح التشريعي ويكون البرلمان مسؤولا عنه. وفي الحالتين لا توجد بوادر على توفر النية في الإصلاح بل فقط اقتراح حلول ترقيعية ساذجة من قبيل استكمال التركيبة وانتخاب رئيس جديد تُبقي الهيئة رهينة لدى الأحزاب المهيمنة ولن تؤدي سوى إلى إعادة إنتاج نفس الأخطاء السابقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.