الكرة الطائرة.. النجم الساحلي يتأهل إلى نهائي كأس الأكابر    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: المنتخب التونسي يضيف ثلاث ميداليات في منافسات الاكابر والكبريات    الدوري الايطالي.. نابولي ينتصر ويعزز صدارته في الترتيب    الأطباء الشبان يُهدّدون بالإضراب لمدة 5 أيّام    بداية من 6 ماي: انقطاع مياه الشرب بهذه المناطق بالعاصمة    مروج مخدرات بالشريط السياحي بقمرت في قبضة الأمن    خبر سارّ: العشرية الثانية من شهر ماي مُمطرة    الرابطة الأولى: الاتحاد المنستيري يتعادل مع البقلاوة واتحاد بن قردان ينتصر    القصرين: قافلة صحية متعددة الاختصاصات تحلّ بمدينة القصرين وتسجّل إقبالًا واسعًا من المواطنين    كلاسيكو اوفى بوعوده والنادي الصفاقسي لم يؤمن بحظوظه    سامي بنواس رئيس مدير عام جديد على رأس بي هاش للتأمين    نابل: رفع 219 مخالفة اقتصادية خلال شهر أفريل المنقضي    طقس الليلة: الحرارة تصل الى 27 درجة    وزير النقل يدعو الى استكمال أشغال التكييف في مطار تونس قرطاج استعدادا لموسم الحجّ وعودة التّونسيين بالخارج    منوبة: 400 تلميذ وتلميذة يشاركون في الدور النهائي للبطولة الاقليمية لألعاب الرياضيات والمنطق    "براكاج" يُطيح بمنحرف محل 26 منشور تفتيش    إحالة رجل أعمال في مجال تصنيع القهوة ومسؤول سام على الدائرة الجنائية في قضايا فساد مالي ورفض الإفراج عنهما    غدا.. قطع الكهرباء ب3 ولايات    دقاش: شجار ينتهي بإزهاق روح شاب ثلاثيني    بداية من الاثنين: انطلاق "البكالوريا البيضاء"    في اليوم العالمي لحرية الصحافة: نقابة الصحفيين تدعو لتعديل المرسوم 54    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    وزير التربية يؤدي زيارة إلى معرض الكتاب بالكرم    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    الحكومة الإيرانية: نخوض المفاوضات مع واشنطن لأننا لا نرغب في نزاع جديد بالمنطقة    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بمشروع مدني بيئي وثقافي    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سامي بن سلامة العضو السابق في مجلس الهيئة المستقلة للانتخابات ل"الصباح": يجب التخلص من نظام "القائمات المقنّعة" والانتقال إلى نظام انتخابي "مكشوف الوجه"
نشر في الصباح نيوز يوم 24 - 10 - 2018

- الانتخابات البلدية لم تكن نزيهة أو شفافة وتخللتها عديد التجاوزات والخروقات من قبل المرشحين دون أن ترد الهيئة الفعل
- بعد 5 سنوات من انتخابات 2014 لازلنا نجهل اسم المرشح الرئاسي الذي تلقى أموالا أجنبية وأسماء من زوروا التزكيات في الانتخابات الرئاسية
- لا توجد بوادر على توفر النية في الإصلاح بل فقط اقتراح حلول ترقيعية ساذجة تبقي الهيئة رهينة لدى الأحزاب المهيمنة
- هيئة الانتخابات فقدت مصداقيتها وأصبحت تمثل عنصر زعزعة للانتقال الديمقراطي ويجب التعامل معها بطريقة جراحية وعاجلة بتغيير قانونها جذريا
طالب سامي بن سلامة العضو السابق في مجلس الهيئة المستقلة للانتخابات (2011-2014) بالتخلص من نظام القائمات والانتقال إلى نظام الانتخاب على الأفراد على دورتين كضمانة لتوفر الحد الأدنى من المصداقية والكفاءة في المرشحين وتمهيدا لحصول تحول استراتيجي عميق في المشهد السياسي الوطني.
وعبّر بن سلامة في حوار مع «الصباح» عن اعتقاده بأنه لن يتم ادخال أية تعديلات جدية في القانون الانتخابي، مشككا في نزاهة وشفافية انتخابات 2014 وحتى الانتخابات البلدية، بسبب ما تخللتها من تجاوزات وخروقات من قبل المرشحين دون أن ترد هيئة الانتخابات الفعل، منتقدا أداء الهيئة الحالية التي فقدت - وفق رأيه- مصداقيتها و»أصبحت تمثل عنصر زعزعة للانتقال الديمقراطي»، مشيرا إلى غياب «نوايا حقيقية في الإصلاح بل فقط اقتراح حلول ترقيعية ساذجة من قبيل استكمال التركيبة وانتخاب رئيس جديد تُبقي الهيئة رهينة لدى الأحزاب المهيمنة ولن تؤدي سوى إلى إعادة إنتاج نفس الأخطاء السابقة»، وفق تقديره.
وبن سلامة معروف بكتاباته النقدية المتواصلة لأداء هيئة الانتخابات وللمسارات الانتخابية بشكل خاص وللمشهد السياسي بشكل عام.
* كيف تقيم المشهد السياسي الحالي ونحن على أبواب سنة انتخابية ساخنة؟
- بائس جدا، لقد تشكلت لدينا طبقة سياسية رديئة لا تعي خطورة الوضع الحالي على مصيرنا في ظل انهيار اقتصادي شامل وتعاظم التدخلات الأجنبية والدور المحوري للمال الفاسد ومراكز القوى المختلفة. ومن خدمة الشأن العام وإيجاد الحلول لمشاكلنا تحوّل الصراع نحو السلطة والنفوذ والمغانم. الانطلاقة كانت خاطئة إثر انتخابات 2014، إذ لم يتم كشف الحقائق وتحميل المسؤوليات عن فترة حكم»الترويكا» وفضل المنتخبون الجدد الدخول في «توافق مسموم» عتّم على كل المواضيع الحارقة وحكم البلاد «تحت الطاولة» إلى درجة تهديد سيادتها واستقلالها.
* هل تعتقد أن ما يجري من صراعات سياسية نتيجة إفرازات انتخابات 2014، وكيف يمكن ربطها بالاستحقاق الانتخابي لسنة 2019؟
- ما يجري نتيجة طبيعية لدستور مختل ولنظام سياسي عقيم لا يصلح لبلد مثل تونس. فالأحزاب لا برامج حقيقية لها وتتلاعب بالوطن، والبرلمان مغيّب ولا صلاحيات معتبرة لمن انتخب شعبيا بينما أسندت صلاحيات فرعونية لمن لا تفويض شعبي له. وكل ما يجري حاليا هدفه انتخابات 2019، في حين تنهار الإدارة ويتهالك الاقتصاد ويتضرر المواطنون في معيشتهم ومستقبلهم، يتخلى الجميع عن واجباته وينخرط في صراع حول مواعيد لا يزال يفصلنا عنها أكثر من سنة كاملة.
* هناك سعي محموم من قبل بعض الأحزاب وحتى رئاسة الجمهورية لتعديل القانون الانتخابي وإعادة تقسيم الدوائر، برأيك ماهي حظوظ التعديلات المقترحة، وهل سيكون لها تداعيات على المشهد السياسي ما بعد 2019؟
- جرت الانتخابات الفارطة بناء على تقسيم غير دستوري وغير قانوني للدوائر الانتخابية، إذ تم بناء على أوامر حكومية عوضا أن يتم بقانون ولو كانت لدينا محكمة دستورية لكانت أبطلت التقسيم. وكذلك الانتخابات التي جرت على أساسه. لا جدوى من أية تعديلات على القانون الانتخابي لا تقترح حلولا ناجعة للإشكاليات الكثيرة المطروحة، فالنظام الانتخابي على القائمات وضع للمساعدة على حشو قائمات الأحزاب خاصة بالمرشحين بقطع النظر عن أهليتهم للمنصب وكذلك لتمتيع من تفشل منها في نيل ثقة الشعب بمقاعد عبر «الإسعاف» بتقنية «أكبر البقايا». يجب اعتماد نظام انتخابي مختلف يضع الأفراد في المقدمة ويفصل بينهم بناء على الكفاءة والإشعاع والقدرة على أداء المهام. لن تقدم أية تعديلات جدية في الوقت الحالي لأن من وضعوا القانون الانتخابي لتحقيق مصالحهم الضيقة لن يقترحوا إلا ما يخدمها.
* هل تتفق مع بعض المحللين أن التعديلات المقترحة في القانون الانتخابي قد يكون لها الأثر في إرساء استقرار سياسي دائم؟
- قطعا لا، فالحكومة تريد إقرار عتبة ب5 بالمائة ستؤدي إلى إقصاء أغلب الأحزاب الممثلة في البرلمان اليوم. وأية تعديلات لا تأتي في إطار حزمة إصلاحات وفق مشروع متكامل يهدف إلى إنجاح المسار وتكريس الديمقراطية وسيادة القانون غايتها تحقيق مكاسب سياسية آنية، لن تؤدي إلا إلى مزيد تفاقم وضع عدم الاستقرار.
* هل ترى أن المرور إلى انتخابات 2019 يحتم تغييرات أكثر عمقا في المنظومة القانونية والتشريعية والآليات الانتخابية؟
- يجب أن نغير كل شيء تقريبا وهذا أمر مستحيل حاليا. لذلك أعتبر أن المدخل للتغيير ينطلق من النظام الانتخابي وقبل انتخابات 2019. من مصلحتنا التخلي عن نظام الانتخاب على القائمات الذي سمح بصعود مرشحين مقنّعين ومجهولي الهوية تنعدم في أغلبهم أدنى معايير الأهلية والكفاءة ولم ينتخبهم الشعب بل يمررون خلسة تحت لافتات أحزاب.
علينا إجراء تحول استراتيجي عميق في رؤيتنا للمستقبل يفرض تجديد الطبقة السياسية باشتراط توفر الحد الأدنى من المصداقية والكفاءة مع الوجه المكشوف للتصعيد إلى مواقع المسؤولية. ولن يتسنى ذلك إلا بالتخلص من نظام «القائمات المقنّعة» والانتقال إلى نظام انتخاب «مكشوف الوجه» وهو نظام الانتخاب على الأفراد على دورتين، واعتماد هذا النظام يكتسي أهمية قصوى في نظري وتطبيقه سيغنينا عن خوض تجربة الحكم المحلي المحفوفة بالمخاطر على الدولة واستقرارها، إذ يمكن من تقليص حجم الدوائر الانتخابية والترفيع في عددها ومن جعل المنتخب قريبا جدا من ناخبيه.
أما الاقتصار على المطالبة بتغيير النظام الانتخابي بأي ثمن ولو باعتماد نظام القائمات بالأغلبية عوض ذلك المطبق حاليا والذي يعتمد النسبية كما لاحظت أخيرا لدى بعض الأصدقاء بالمجتمع المدني، فسيمثل خطأ فادحا. لأنه يعدّ تمهيدا لكارثة سياسية جديدة، إذ سيسمح بتكرار تجربة «الترويكا» أو التجربة الفاشلة الحالية في نسخة مطورة تسمح بالإطباق على البلد. لذلك لا أتفق مع ذلك التوجه ولن أقبله إلا في حالة واحدة لم يلتفت لها أحد وهي أن يسبق ذلك إصلاح شامل لسجل الناخبين وتعزيزه بالأربعة ملايين ناخب المحرومين من التسجيل والذين تجبر الهيئة على عدم ضمهم وعلى عدم إطلاق حملة تسجيل شاملة لفائدتهم في كامل أنحاء الجمهورية على مدار السنة. فتسجيل هؤلاء من شأنه تغيير الخارطة الانتخابية وتخفيض نسب التصويت للأحزاب الكبيرة لذلك تتعرض الهيئة منذ تشكيلها في نسختها الجديدة لضغوط سياسية كبيرة تخضع لها وتدفعها لعدم بذل أي مجهود وتخصيص أية موارد لضمهم للسجل.
* كيف تفسر عدم وجود رغبة أو مبادرة لدى السلطة أو المعارضة في تنقيح القانون الأساسي لهيئة الانتخابات؟
- نحن في بلد تحكمه الرداءة ولا تبني فيه ديمقراطية في الواقع بل يُعمل بتفان على تخريبها. لدينا طبقة سياسية متخلفة وخطيرة على الانتقال الديمقراطي لا تقبل الاستقلالية أو الحياد والاستقامة والكفاءة ويهمها في الحقيقة تكوين هيئة «غير مستقلة» وتركها في وضع متأزم بأناس مختارين بعناية وفق حصص حزبية يسهل فيه الضغط عليها. حققنا في الهيئة الأولى سنة 2011 انجازا تاريخيا في زمن قياسي لم يتجاوز 150 يوما وبأبسط التكاليف وفق المعايير الدولية، إذ سجلنا فيه قرابة 5 ملايين ناخب علما أن الهيئة الحالية لم تسجل منذ 8 سنوات وبعد صرف مئات المليارات سوى 700 ألف ناخب. كما جهزنا الهيئة بكل ما كانت تحتاجه وأجرينا الانتخابات في تونس والخارج في كنف الاستقلالية التامة ودون تراجع أمام التهديدات والضغوطات. فكانت النتيجة أن حاربنا الجميع وعلى رأسهم حركة النهضة التي شيطنتنا واستعملت القوانين والإدارة والقضاء والإعلام لتدمير الهيئة والاستيلاء عليها مستفيدة من تواطؤ «الديمقراطيين» وخذلانهم لها.
* إن كانت الأحزاب الكبرى تتعارض مصالحها مع تنقيح جذري لآليات العمل صلب هيئة الانتخابات، كيف تفسر خنوع المعارضة ورضائها بالموجود رغم أنها تندد بالسائد دون أن تقترح البديل؟
- لكأنّ المسألة لا تهمها، والواقع أنه لا وجود في تونس لمعارضة فاعلة، إذ أن تلك التجمعات لم تمثل يوما قوة اقتراح ولا دافعت عن المصالح الوطنية العليا، فلا تأثير لها على الحياة السياسية وأغلبها غير ديمقراطية وتقصي شبابها من المواقع القيادية. وغالبا ما لا تعي مشاكل البلد ولا تفهم الرهانات الحقيقية ولا أهمية «حَكَم» المرحلة الذي تمثله الهيئة، لذلك لا يستمع لها الكثيرون فتعجز على ترشيح قائمات كافية في الانتخابات.
* قلت في مناسبات عدة أن انتخابات 2014 والبلدية غير نزيهة ماهي مبرراتك؟
- لأنها مثلت تراجعا رهيبا عن مكتسبات 2011. فالهيئة أُضعفت سياسيا وتقنيا وانحدرت إلى حد خرق قانونها الأساسي ولم تلتزم لا بالقوانين ولا بتعهداتها. لم تكن الانتخابات نزيهة أو شفافة وتخللتها عديد التجاوزات والخروقات من قبل المرشحين بدون أن ترد الهيئة الفعل. لن أذكّرك بمحتويات جميع بيانات منظمة 10_23 لدعم مسار الانتقال الديمقراطي وبوجود سجل ناخبين غير موثوق نهائيا وبأن آلاف الناخبين فتح لهم باب التسجيل قبل انتخابات 2014 ولكن بشرط عدم الترشح في سابقة عالميّة، وبأن الآلاف تم فسخهم منه في انتخابات 2014 وتم تغيير مكاتب اقتراعهم بدون علمهم، وبأن حملات انتخابية عديدة خالفت القانون ولم يتخذ في شأنها أي إجراء، وبأنك لا تعرف اليوم بعد 5 سنوات وبسبب تستر الهيئة اسم المرشح الرئاسي الذي تلقى أموالا أجنبية، ولا أسماء من زوّروا التزكيات في الانتخابات الرئاسية.
نفس الشيء بالنسبة للانتخابات البلدية التي تخبطت فيها الهيئة وأساءت إدارتها وخرقت القانون فيها عديد المرات باعتراف أعضائها. أدعوك فقط للتمعن في ملف عزل رئيس الهيئة وتقرير الأعضاء الصادم وفي رّد الرئيس المعزول ومعطياته المفجعة وستدرك أن انتخاباتنا في مهب الريح.
* تقرير بعثة الاتحاد الأوروبي حول الانتخابات البلدية لاحظ عدم ممارسة الهيئة حقها في إسقاط قائمات، كيف تقرأ هذه الملاحظة؟
- ورد في الصفحة السابعة من ذلك التقرير ما يلي: «الهيئة اختارت عدم ممارسة سلطتها في إلغاء نتائج الانتخابات وأحالت أخطر الجرائم إلى وكيل الجمهورية». التقرير مهم إذ لاحظ هذه المرة -خلافا لما عودتنا به الجهة المصدرة له سابقا من تغطية وتسطيح- بعض ما كنت أردده وأحذر منه منذ سنوات، إذ أكد خرق الهيئة لواجب من أهم واجباتها في حسن تطبيق القانون برفضها استعمال سلطتها في إلغاء النتائج وإسقاط قائمات وتفضيلها إحالة الجرائم الخطيرة للنيابة العمومية دون اتخاذ قرار فيها كما يفرضه القانون، الذي منحها صلاحيتين مترابطتين: إلغاء نتائج الانتخابات في حالة وجود جرائم انتخابية، وإحالة المخالفين على القضاء. ولا يمكن للهيئة الاكتفاء برمي كرة اللهب إلى القضاء وهو فعل دأبت على إتيانه منذ انتخابات 2014 حيث امتنعت عن ممارسة دورها في إلغاء النتائج عندما تتوفر شروطه، وإلا فما الفرق بينها وبين أتعس وزارة داخلية في دولة متخلفة تزوّر الانتخابات؟
إن الهيئة متهمة من الأوروبيين بأنها تخلصت من المسؤوليات الملقاة على عاتقها وألقتها على النيابة العمومية ولا أحد يعلم إلى اليوم شيئا عن الملفات التي أحيلت لها من قبل ونامت في الأدراج. فأن تعاين جرائم انتخابية خطيرة وتتفادى ممارسة سلطتك في إلغاء النتائج وإسقاط القائمات المتهمة، وأن تصادق على تلك النتائج وتمكنها من مقاعد دون وجه حق وتنتهك بالتالي حق قائمات أخرى، يمثل ذلك جريمة كبرى ترتكب في حق الناخبين والمرشحين وفي حق تونس، لأنه لا يعني ببساطة شيئا سوى أنك تتلاعب بنتائج الانتخابات وتغّيرها، إذ يدخل ذلك شكوكا كبيرة على مصداقيتها، خاصة أنه لا يُعلم بالتحديد تفاصيل وأعداد الحالات التي كان يجب فيها إسقاط قائمات مخالفة.
وأذكرك هنا بأن الهيئة المستقلة والقوية التي دمرتها حركة النهضة سنة 2012 بتعاون ونصائح من الأمريكان والأوروبيين وبتواطؤ من «الديمقراطيين»، كانت -دون أن تخشى أحدا ودون الاكتفاء بإحالة الأمر إلى النيابة العمومية- أسقطت سنة 2011 قائمات «العريضة الشعبية» بالاعتماد على فصل يتيم في القانون الانتخابي كان يسمح بمعاقبة من يخالف قواعد تمويل الحملة الانتخابية.
أعتقد أن الثقة انعدمت تماما في هيئة الانتخابات، التي فقدت مصداقيتها وأصبحت تمثل عنصر زعزعة للانتقال الديمقراطي ويجب التعامل معها بطريقة جراحية وعاجلة بتغيير قانونها جذريا وإلا فإن المسار برمته سيكون عرضة أكثر فأكثر لمخاطر لا موجب لها. ويؤلمني فعلا أن من في ربوعنا من مسؤولين لا يخشون غير الضغوط الخارجية ولا يقدرون حجم كوارث تحلّ بنا كان يمكن تفاديها منذ البداية لو استمعوا إلى تحذيراتنا.
* إن استمر الوضع في هيئة الانتخابات على ماهو عليه رغم انتخاب رئيس جديد، هل تتوقع نجاح انتخابات 2019؟
- الوضع متعفن تماما، ولو لم يتم تغيير قانون الهيئة بصفة جذرية سيبقى الحال على ما هو عليه ولو تم انتخاب رئيس جديد مع احترامي للمرشح الحالي ولوعوده الإصلاحية وقد أُصدّق بعضها.
مع ذلك تتوفر اليوم خبرة تقنية لدى إدارة الهيئة تمكّن من إجراء أية انتخابات بالمقاييس الدنيا في أجل قصير جدا. أما نجاح الانتخابات فأمر آخر، إذ لا يمكنني الحديث عن انتخابات «ناجحة» لا تتوفر فيها الشروط الدنيا للنزاهة والشفافية وتتهم فيه الهيئة بانتهاك القوانين برفض ممارسة سلطتها في إلغاء النتائج وإسقاط قائمات، لأن ذلك يمس من جوهر الانتخابات ويزرع الشك في مصداقية نتائجها.
* هناك من يتهمك بأنك تحاول دائما ضرب الهيئة والطعن في استقلاليتها دون موجب ودون حجج دامغة، كيف ترد؟
- إن الهيئة الحالية غير مستقلة بحكم قانونها الأساسي الذي وضعته حركة النهضة يوم 20 ديسمبر 2012 لإحكام السيطرة عليها بعد إفقادها جميع عناصر استقلاليتها في إطار استراتيجيتها في اختراق جميع مفاصل الدولة، وبحكم طريقة اختيار الأعضاء التي أخضعتها لمحاصصة حزبية قذرة، وبحكم خضوعها للأحزاب القوية وتنفيذها لطلباتها وأوامرها، فضلا عن تحكم الأجانب فيها وفي قراراتها.
دائما ما كان كلامي مدعما بالحجج والوثائق ولم تكذبه الهيئة ولا تقدر على ذلك، لذلك لا يمكن اتهامي بضرب هيكل كنت أحد مؤسسيه وضربه في الحقيقة غيري، إذ حاولت دوما الدفع في اتجاه إصلاحه والدفاع عن وجوده. تركت الهيئة المركزية بإرادتي مع بعض زميلاتي وزملائي الشجعان ورفضت الترشح من جديد دفاعا عن سلطة مستقلة وقوية للانتخابات.
أعتبر أنني أديت واجبي تجاه وطني من هذه الناحية، إذ دافعت عن الهيئة السابقة في أحلك الفترات رغم التهديدات، وبقيت سنتين كاملتين بعد 2011 مع الرئيس الجندوبي في مقرها المركزي، وكنا متطوعين بدون منح ولا امتيازات من أي نوع، لمنع الاستيلاء عليها من قبل الحركة. ودافعت عن الحالية رغبة في إصلاحها، بنقد موضوعي لأدائها وعملها وأخطائها وعدم استقلاليتها والشواهد على ذلك لا تحصى ولا تعدّ.
* هل ما زال الوقت للإصلاح والتدارك أم أن المعوقات كثيرة والإرادة مفقودة؟
- يفصلنا زمن طويل عن الانتخابات المقبلة في 2019 وهو ما يكفي لإصلاح الوضع جذريا. ولكن لا إصلاح ممكن دون توفر الروح الوطنية التي تجعلك تضحي بالمصالح الذاتية والحزبية الضيقة ودون توفر إرادة صادقة وخاصة دون مشروع يتضمن تشخيصا سليما للخلل وحلولا ناجعة. علينا أن نفرق بين الإصلاح الداخلي الذي يبقى من مسؤولية أعضاء الهيئة والإصلاح التشريعي ويكون البرلمان مسؤولا عنه. وفي الحالتين لا توجد بوادر على توفر النية في الإصلاح بل فقط اقتراح حلول ترقيعية ساذجة من قبيل استكمال التركيبة وانتخاب رئيس جديد تُبقي الهيئة رهينة لدى الأحزاب المهيمنة ولن تؤدي سوى إلى إعادة إنتاج نفس الأخطاء السابقة.
رفيق بن عبد الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.