صرح وزير التعليم العالي والبحث العلمي سليم خلبوس في أفريل 2018 أن عدد الكفاءات العلمية التونسية التي غادرت البلاد منذ جانفي 2011 الى اليوم، 85000 كفاءة منهم 10 بالمائة من النساء ومن ضمنهم شباب تخرج حديثا من المؤسسات الجامعية. وأكد الوزير خلال «ملتقى حول هجرة الادمغة التونسية» انهم يتوزعون الى 2300 أستاذ باحث ومثلهم مهندسون اضافة الى 1000 طبيب وصيدلي و450 تقنيا.. «الصباح الأسبوعي» تحدثت مع الطيب الطويلي مختص في علم الاجتماع عن الاسباب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لهجرة الادمغة من تونس وتبعاتها فقال ان التفكير في الهجرة الى الخارج اصبح يراود بنسب كبيرة من التونسيين من مختلف الاعمار ومختلف المستويات التعليمية، وقد أثبتت الدراسات السوسيولوجية أن أحلام الهجرة تراود الطلبة والفئات الشغيلة بمختلف أصنافها أكثر مما تراود العاطلين، ذلك أن العاطلين تكون لهم بعض الانتظارات من سوق الشغل في تونس، ويعتقدون أن حصولهم على عمل داخل البلاد يمكنهم من تحقيق انتظاراتهم، أما المشتغلين فقد خاضوا التجربة وتوصلوا إلى أن عملهم في تونس لا يمكنهم من تحقيق طموحاتهم المادية والشغلية، وهو ما يزيد من تفكيرهم في الهجرة إلى الخارج من أجل تحقيق الطموحات المرجوة. وأكد الطويلي ان الكفاءات التونسية أصبحت تتسارع للهجرة إلى الخارج وتبحث عن مسارب لها، من أجل تحسين الوضعية المادية، والوضعيات الشغلية والبحثية، وإيجاد آفاق أخرى على مختلف الأصعدة، وهي غالبا ما نجد الكفاءة التونسية تفكر في الهجرة إما بصفة دائمة أو حتى مؤقتة، ومنهم من لقي فرصته في السفر، ومنهم من ينتظر. وارجع ذلك الى اسباب اقتصادية مثل ضعف ميزانية البحث العلمي وانخفاض الرواتب وانعدام الحوافز العلمية والمادية، وأسباب اجتماعية مثل التهميش والشعور بقلة تقدير الكفاءة في تونس مقارنة بتقديرها في بلد آخر، إضافة إلى الفكرة التي يأخذها العديدون عن بعض الجهات الإدارية التي يصفونها بالبيروقراطية والمحسوبية ويتهمونها بعرقلة بعض المشاريع البحثية، الأمر الذي يشجع على إيجاد منافذ بحثية وشغلية في بلد آخر، وأضاف الى ذلك ايضا اسباب أخرى تعليمية باعتبار تدني تصنيفات الجامعة التونسية وتدني المستوى التعليمي في تونس بعد جعل التعليم في يد الخواص حيث اصبح التفكير في الربح والمصلحة، وهو ما يشجع العقول التونسية على الهجرة من أجل الإشعاع أكثر في جامعات أو مؤسسات بحثية أفضل.. من جهة اخرى اشار محدثنا الى تبعات هجرة الكفاءات التونسية والتي رغم انها تؤدي إلى تعزيز مؤسسات الدول المهاجر إليها، وحرمان تونس من خبراتهم وإمكاناتهم، الا انه اعتبر أن بلدا ترتفع فيه نسبة بطالة حاملي الشهادات العليا إلى ما يقارب الثلاثين في المائة أواخر 2017، يمكن ان يمثل فيه هجرة بعض الكفاءات متنفسا أو فرصة لكفاءات أخرى للبروز وإيجاد فرصتها في التموقع في سوق الشغل وتطوير قدراتها الفكرية والميدانية. فتونس الولّادة معين من الكفاءات لا ينضب، وتحتوي على مخزون ورأسمال بشري ثري وقادر على التطور، وفي رأيي أن العقل التونسي المهاجر يفسح المجال لعقل تونسي آخر في انتظار أن ننفض عنه الغبار ونفعّل قدراته وملكاته.