رسالة بليغة المعاني تلك التي وجهتها أمس الدائرة الاستعجالية بالمحكمة الابتدائية بتونس بإصدارها حكما يمنع إيواء وحضور وفد «منظمة المنتدى الدولي للكشافة اليهودية» الصهيوني في الملتقى الأول لسفراء الحوار بين الأديان الذي تشرف على تنظيمه الكشافة التونسية انطلاقا من اليوم وإلى غاية الخميس المقبل، مفادها أنه على خلاف ما نشاهده في بعض الدول العربية الأخرى، لا مكان في بلادنا لأي محاولات للتطبيع مع الكيان الغاصب للأراضي الفلسطينية والعربية والذي ما ينفك عن ارتكاب الجرائم في حق أشقائنا الفلسطينيين، طالما استمرت قضيتهم الوطنية العادلة الفلسطينية تراوح مكانها دون بوادر أو مؤشرات حل نهائي في الأفق. هذه المحاولات التي تزايدت بصورة ملفتة للانتباه ومثيرة للقلق خلال السنوات الأخيرة في عالمنا العربي مستغلة حالة التشرذم والتشتت التي استفحلت في المنظومة العربية على وقع تداعيات انتفاضات ما يسمى ب»الربيع العربي» وقدوم إدارة أمريكية متماهية تماما مع السياسات الصهيونية التوسعية لتل أبيب، تستمر في طرق أبواب بلداننا العربية الواحدة بعد الأخرى، مسجلة نجاحات غير متوقعة حيث لم يعد غريبا أن تطالعك وسائل بمشاركة إسرائيل في هذا المؤتمر أو في تلك التظاهرة الرياضية الدولية التي تقام في إحدى الدول العربية الشقيقة وبعزف نشيدها الرسمي فيها. محاولات غاياتها وأهدافها معروفة ومكشوفة للعيان ألا وهي ضرب قلاع المقاطعة العربية للصهيونية، عبر تمييع ردات الفعل الشعبية المناهضة للكيان الصهيوني تحت مسميات وأشكال عدة، وصولا إلى تقليص اهتمام الشعوب العربية بالقضية الأسمى والتي لا تحتمل أي تنازل عنها ألا وهي الحل العادل المنبني على قرارات الشرعية الدولية لمأساة الشعب الفلسطيني بما يضمن له استعادة حقوقه المغتصبة في التحرر والانغتاق وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ولهذا لم يكن مستغربا بحكم موقع بلادنا وأهميتها في الخارطة العربية رغم صغر حجمها، أن تكون وشعبها في موضع الاستهداف، خصوصا لما هو معروف من تبنيها سياسة رسمية عنوانها المناصرة التامة وغير المشروطة للشعب الفلسطيني وللحق الفلسطيني، والذي سبق أن تكرس في أروع مظاهره باستقبال وإيواء المقاتلين الفلسطينيين وقيادتهم المركزية في تونس في أعقاب الحصار الاسرائيلي لبيروت، ما عرضها للعدوان في حمام الشط. رسالة القضاء الاستعجالي أمس جاءت لتؤكد لناتنياهو وزمرته وكل مناصريه وداعميه في الغرب وفي الشرق التزام تونس والتونسيين الثابث وغير القابل للمساومة تجاه فلسطين ورفضهم شعبيا وسياسيا وقضائيا لكل أشكال التطبيع مع الصهيونية والصهاينة طالما استمر تهرب تل أبيب من استحقاقات السلام العادل والدائم.