قرّر كل من اتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين «إجابة» و»الجامعة العامة للتعليم الثانوي «التصعيد» كخطوة يراها الطرفان طبيعية في ظل تنكر سلطتي الإشراف لاتفاقيات مبرمة سابقا. ودون الخوض في مدى أحقيّة كل طرف ومدى مشروعية سيل المطالب المهنية والاجتماعية - رغم أهميتها ومشروعية تسويتها- إلا أن قرار التصعيد في بعض المؤسسات الجامعية والتربوية سينعكس سلبا على التلميذ والطالب بما انه يعيد إلى الأذهان «كابوس» السنة الماضية لا سيما الهواجس من إمكانية إقرار سنة دراسية بيضاء.. ليكون بذلك اهتمام التلميذ كما الطالب بعيدا كل البعد عن التحصيل العلمي وإنما منحصرا على ما ستقرره الأطراف النقابية من خطوات تصعيدية مرتقبة. شرع أمس إتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين «إجابة» في تنفيذ سلسلة من التحركات الاحتجاجية بمؤسسات التعليم العالي تنديدا بعدم تطبيق اتفاق 7 جوان 2018 المبرم مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي .. ووفقا لبيان صادر الاثنين الماضي عن «إجابة» فأن الأساتذة من منظوري الإتحاد سيرفعون الشارة الحمراء بداية من يوم أمس على أن يتم تنفيذ إضراب دوري بثلاثة أيام بداية من الأسبوع القادم وذلك (أيام 19 و21 و23 نوفمبر الجاري) ثم يومي (27 و29 نوفمبر 2018) وكذلك يوم 1 ديسمبر 2018. كما قرر «إجابة» وفقا لما ورد في نص البيان اعتماد الإضراب الإداري في شكله الأول بحجب أعداد فروض المراقبة والأشغال التطبيقية كمرحلة أولى داعيا الوزارة إلى التفاوض الجدي من أجل إيجاد الحلول الكفيلة بتثمين مجهودات الجامعيين والارتقاء بالجامعة التونسية. وبرر «إجابة» قراره بعدم التزام الوزارة باحترام الروزنامة الزمنية المسقفة بنهاية شهر أكتوبر الماضي كآخر أجل لإنهاء أشغال النظام الأساسي للجامعيين الباحثين إلى جانب رفضه التفاوض حول الانعكاسات المالية للنظام الأساسي في إطار المضي نحو احترام التأجير. واتهم «إجابة» الوزارة بالسعي إلى تمرير نظام أساسي»جاهز وخطير (توحيد الأسلاك) دون مراعاة مسار التفاوض إلى جانب رفض فتح خطط الانتداب للدكاترة المعطلين عن العمل في كل الاختصاصات وحسب احتياجات المؤسسات وفقا لما ورد في نص البيان. وفي تقديمه لحيثيات اليوم الأول من الاحتجاج أورد المنسق العام لاتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين «إجابة» نجم الدين جويدة في تصريح ل»الصباح» انه تم انطلاقا من يوم أمس رفع الشارة الحمراء في جميع المؤسسات الجامعية مشيرا إلى أن هذه الخطوة التصعيديّة ستتواصل في قادم الأيام وعلى مدار 12 يوما . وأضاف المنسّق العام لاتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين «إجابة» أنه في صورة عدم تفاعل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مع هذه الحركة الاحتجاجية فانه ستعقبها خطوات تصعيدية أخرى تتمثل في إضرابات دورية بثلاثة أيام هذا بالتوازي مع اعتماد آلية حجب أعداد الأشغال التطبيقية وفروض المراقبة . وردا على سؤال يتعلق بمدى تفاعل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مع الشارة الحمراء التي رفعت أمس أورد جويدة انه لا يوجد أدنى تفاعل إلى حد اللحظة قائلا: «ندرك جيدا طريقة تعامل الوزارة معنا فهي حتما ستعتمد سياسة التجاهل لاسيما أن تفاعلها معنا السنة الماضية كان بعد مضي خمسة أشهر من الاحتجاج». وبالتّوازي مع التصعيد المرتقب في بعض المؤسسات الجامعية، أعلن أول أمس الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الثانوي فخري السميطي وفقا لما تناقلته مصادر إعلامية «أنّ الهيئة الإدارية القطاعية للتعليم الثانوي قرّرت عدم إجراء الاختبارات التأليفية خلال الثلاثي الأول مع مواصلة التدريس». وعلاوة على ذلك أورد الكاتب العام لجامعة الثانوي لسعد اليعقوبي في معرض تصريحاته الإعلامية «أنّ الهيئة الإدارية القطاعية تتّجه نحو إقرار تحرّكات احتجاجية خلال الفترة القادمة ردّا على فشل المفاوضات مع الحكومة موضحا أن المفاوضات لم تسفر عن أي اتفاق قائلا في السياق ذاته: «يبدو أن الحكومة تريد جرّنا إلى الاحتجاجات ونحن جاهزون لها». تصريحات تؤشر إلى إمكانية إعادة سيناريو السنة الماضية: من تصعيد وسياسة لي الذراع بين الأطراف المتفاوضة كادت أن تفضي إلى سنة بيضاء. وتشتت في جوهرها تركيز التلميذ كما الولي بما أن الاهتمام سيكون منحصرا على ما ستفضي إليه الأيام القادمة.. في هذا الخضم، ولان مصلحة ومستقبل التلميذ والطالب تبقى من المسائل الجوهرية التي يفترض ألا تطالها سياسة التعنت ولي الذراع فان سلطتي الإشراف سواء كانت وزارة التربية أو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مدعوة سريعا إلى التفاعل وعدم اعتماد سياسة التجاهل حتى يتسنى تطويق الخلاف بما يخدم مصلحة التلميذ والطالب والولي الذي يلتجئ في كثير من الأحيان إلى الاقتراض لتامين مستلزمات سنة دراسية أو جامعية....