كان منتظرا عرض القانون الأساسي للميزانية مع بداية الشهر الجاري على الجلسة العامة وذلك نظرا للأهمية التي يكتسيها بعد أن قررت لجنة المالية والتخطيط والتنمية بالأغلبية ّالموافقة على مشروع هذا القانون في جلسة 30 أكتوبر المنقضي 2018 وبعد تعطل دام ثلاث سنوات. وجاءت المصادقة عقب إدخال جملة من التعديلات كان آخرها إدراج وزارة المالية لفصل إضافي لمشروع القانون يتعلق بتعريف المصطلحات وذلك بعد أن طالبت به اللجنة حيث صادقت على هذا الفصل بالإجماع، كما اقترح بعض النواب إضافة تعريف «النوع الاجتماعي» إلا أنه وبسبب عدم وجود كل الكتل النيابية ممثلة في اللجنة في ذلك الوقت تم الاتفاق على صياغة هذا التعريف لاحقا على أن يكون التعريف توافقيا بين الكتل. وكان منتظرا أن يتم الحسم في هذا القانون بعرضه والمصادقة عليه خلال الجلسات العامة قبل المصادقة على مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2018 ومشروع قانون المالية لسنة 2019 لكن يبدو أن الحسم في مشروع القانون الأساسي للمالية سيتأجل إلى موعد لاحق بالنظر إلى حجم القوانين المبرمجة خلال الجلسات العامة وأبرزها مشروع قانون المالية التكميلي ومشروع قانون المالية لسنة 2019 الذي حدد آخر أجل للمصادقة عليه في أجل أقصاه 10 ديسمبر. يفتح الباب لتعبئة تمويلات وكونه يضبط قواعد وصيغ إعداد قانون المالية وتقديمه والمصادقة عليه وتنفيذه كما يحدد طرق تنفيذ ميزانية الدولة وتقييم نتائجها وغلقها اعتبرت عديد المؤسسات المالية المانحة والدول القانون ذات أهمية قصوى مطالبة بالإسراع بالمصادقة عليه وهو ما أكده عضو لجنة المالية والتخطيط والتنمية بمجلس نواب الشعب سليم بسباس حيث أفاد «أن مصادقة البرلمان على مشروع القانون الأساسي الجديد للميزانية سيمكن البلاد من تعبئة قرض وهبات أجنبية» لا سيما وأن العديد من الجهات المانحة قد اشترطت مسبقا المضي قدما بالإصلاحات الاقتصادية الجوهرية وعلى رأسها تغيير القانون الاساسي المعتمد في صياغة وتنفيذ الميزانية. وأضاف أن ألمانيا قد اشترطت على بلادنا منذ سنتين الإسراع بالمصادقة على القانون الأساسي الجديد لميزانية من أجل منحها هبة بقيمة 300 مليون أورو. وأكد عضو مجلس النواب أن القانون يتضمن العديد من الإجراءات الإيجابية المتعلقة بالشفافية والمساءلة وتبويب النفقات حسب الأهداف والبرامج. ثورة في مجال التصرف وقد تم إيداع القانون الأساسي للميزانية لدى مجلس النواب منذ شهر نوفمبر 2015 بعد أن تمت صياغته من قبل العديد من اللجان المتكونة من خيرة الخبراء في مجال المالية العمومية، وهو قانون اعتبره الخبراء بمثابة الدستور المالي للمالية العمومية بالنظر إلى أهميته مؤكدين على وجوب الإسراع بالمصادفة عليه. ويعتبر القانون الأساسي للميزانية ثورة في مجال التصرف في المالية العمومية كونه يضمن الشفافية من حيث التصرف في الميزانية لاسيما بعد الجدل الواسع الذي عرفه غلق ميزانية 2016 وخاصة العجز المسجل خلال هذه السنة والمقدر ب2900 مليون دينار وعدم الوضوح من حيث صرف بعض الموارد على غرار ما تبقى من عائدات بيع شركة اتصالات تونس. وتكمن أهمية مشروع القانون في ضمان مزيد الوضوح والشفافية في التصرف في الميزانية عل اعتبار أن الميزانيات المرصودة لفائدة الوزارات ستكون على أساس برامج محددة الأهداف يقاس مدى تحقيقها من خلال تحديد آليات ومقاييس مسبقة وهذا من شأنه أن يمكن مجلس نواب الشعب من المصادقة على المشاريع وميزانيتها ومن ثمة تقييمها ومعرفة ما إذا تم تحقيق الأهداف المرجوة من عدمه. من جهة أخرى سيمكن القانون المقترح من إضفاء ديناميكية جديدة في التصرف في المالية العمومية قوامها الشفافية والنزاهة وتحديد الأهداف، إذ يمثل تكريس مبادئ الشفافية والمساءلة والمصداقية والتقييم أهم أهداف المشروع الجديد كونه سيكون أكثر ملاءمة لمتطلبات التصرف الحديث والتقييم والتحكم في التوازنات وتكريس أحكام الموازنات الكبرى للميزانية. وبهدف ضمان أكثر دقة من حيث التنفيذ ينص مشروع القانون على تحديد الميزانيات حسب السياسات العمومية والبرامج ما يعني توزيع الميزانية حسب البرامج مع تحديد الأهداف لكل برامج مع وضع مؤشرات لقيس مدى تحقيق هذه الأهداف ما من شأنه أن يجعل ميزانية الدولة أكثر وضوحا مع تحسين نجاعة التصرف في المالية العمومية وهو ما يعد أسلوبا حديثا للصرف العمومي خاصة مع رصد الميزانيات وتنفيذها. ويعتبر هذا القانون جوهريا كونه يندرج في إطار إصلاح المالية العمومية بما يمكن من ترسيخ الحوكمة وتحقيق نجاعة أكثر من حيث السياسات العمومية مع توفير معطيات دقيقة حول أداء القطاع العمومي.