ألقت مؤشرات الانخراط المبكر في الحملات الانتخابية بظلالها منذ فترة، لا على تطورات المشهد الحزبي والتصريحات والتحركات والتحالفات بين الأطراف السياسية فحسب بل شملت أيضا قانون المالية ومخاض المصادقة عليه. وفي قراءة أولية للمستجدات تحت قبة البرلمان نهاية الأسبوع الفارط وبداية الأسبوع الجاري، وتحديدا الجدل الحاد الذي رافق مقترحات تعديل قانون المالية، نستطيع الإقرار بأن مجريات اقتراح بعض الفصول وإسقاطها تركت انطباعا سيئا لدى عموم التونسيين والمتابعين لجلسات مجلس النواب بأن التفكير في الانتخابات كان حاضرا بقوة في خيارات الأغلبية الحاكمة وأيضا في مقترحات المعارضة البرلمانية. وساهمت الاتهامات المتبادلة ليلة أول أمس بين النواب وحجم التشنج الذي بلغ حد اتهام البعض بالحصول على أموال تحت قبة البرلمان من طرف رجال أعمال للتصويت على مقترحات تعديل أو لاجهاض البعض الآخر، في تغذية التخمينات والانطباع بأن الحسابات الانتخابية سيطرت بقوة على المشهد التشريعي، تماما كما سيطرت على المؤسسة التنفيذية وغيرها من مؤسسات الحكم قبل أقل من سنة من موعد 2019. وكل من موقعه سواء ضمن المعارضة أو الأغلبية الحاكمة اتجه الجميع في إطار مقترحات قانون المالية، إما إلى إحراج الحكومة ومن ورائها الأغلبية البرلمانية بتقديم مقترحات لإحداث صناديق تم إسقاطها بالتصويت وعمدت المعارضة لاتهام الأحزاب الحاكمة بمعاداة الشعب والفئات الضعيفة، أو إلى السعي إلى إرضاء بعض أصحاب النفوذ لغايات مرتبطة بتمويل الحملات الانتخابية على غرار اقتراح الحكومة تأجيل تطبيق ضريبة بنسبة 35 بالمائة على الفضاءات التجارية الكبرى الذي اعتبرته المعارضة يخدم مصالح بعض العائلات المتنفذة. صورة لن تزيد الوضع إلا تعفنا مع تغذية الشعور العام بفقدان الثقة في الطبقة السياسية ومدى جديتها في تقديم المقترحات المدروسة والقابلة للتنفيذ بعيدا عن الحسابات أو الإحراج والتى تخدم فعلا المصلحة العامة وتضمن تحقيق المعادلة بين مراعاة الظرف الراهن وإمكانيات الدولة والتوازنات المالية الصعبة من جهة، وتعمل من جعة أخرى على خدمة مصلحة الشعب والدفاع عن الفئات المهمشة والفقيرة والمفقرة في السنوات الأخيرة بسبب تدهور المقدرة الشرائية والصعود الصاروخي لنسب التضخم. ◗ منى اليحياوي الفصول الإضافية الساقطة.. المثيرة للجدل بالتوازي مع اشغال لجنة التوافقات المنعقدة أول امس تحت قبة البرلمان حول الفصول التي اقترحت الكتل البرلمانية اضافتها الى مشروع قانون المالية، تواصل الجدل ساخنا في الكواليس وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي حول «الصناديق التي تم اسقاطها بالتصويت». واقترحت كتلة النداء تعديل الفصل 93 من القانون عدد 54 مؤرخ في 30 ديسمبر 2013 يتعلق بقانون المالية لسنة 2014 وذلك بإضافة فقرة ثانية نصها كالآتي: «توقف الدولة مساهماتها في صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد» لمدة ثلاث سنوات وذلك ابتداء من غرة جانفي 2019 إلى موفى ديسمبر 2021. بقية الفصل دون تغيير ليصبح الفصل كالآتي: أحدث حساب خاص يطلق عليه إسم»صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد» يتولى المساهمة في التعويض لضحايا الاستبداد في إطار العدالة الإنتقالية. «توقف الدولة مساهماتها في صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد» لمدة ثلاث سنوات وذلك ابتداء من غرة جانفي 2019 إلى موفى ديسمبر 2021. تضبط طرق تنظيم الصندوق وتسييره وتمويله بأمر. وعند عرض المقترح على التصويت تم إسقاطه وفي نفس السياق قدمت كتلة الحرة لحركة المشروع مقترحا تم اسقاطه وهو ينص على ان توقف الدولة مساهمتها في تمويل موارد صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد طيلة السنوات التالية 2019 و2020 و2021. اما كتلة الجبهة الشعبية فنص مقترحها الذي جوبه بدوره بالرفض على تنقيح الفصل 93 من قانون عدد 54 لسنة 2013 مؤرخ في 30 ديسمبر 2013 يتعلق بقانون المالية لسنة 2014 كما يلي: «أحدث حساب خاص يطلق عليه اسم»صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الإستبداد «يتولى المساهمة في التعويض لضحايا الإستبداد في إطار العدالة الإنتقالية. تتكون موارد الصندوق من: نسبة من الأموال الراجعة لميزانية الدولة والمتأتية من تنفيذ القرارات التحكيمية الصادرة عن لجنة التحكيم والمصالحة المحدثة بمقتضى الفصل 45 من القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 المؤرخ في 24 ديسمبر 2013 المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها وتضبط هذه النسبة بقرار من رئيس الحكومة، الهبات والتبرعات والعطايا وطنية الغير المشروطة، تضبط طرق تنظيم الصندوق وتسييره بأمر» وقدمت كتلة الاتئلاف الوطني مقترحا ينص على أن تسثنى العربات رباعية الدفع ذات الإستعمال السياحي من النظام التوقيفي وتم اسقاطه. وقدمت كتلة نداء تونس مقترحا آخر لكنه رفض وينص على احداث بمقتضى هذا القانون حساب خاصّ بالخزينة يسمّى»صندوق المستقبل والثورة المعلوماتية والطّاقات المتجدّدة». يختصّ هذا الصّندوق في تمويل الأنشطة الشبابية للمساهمة في الثورة المعلوماتية والطّاقات المتجدّدة وإحداث رصيد مستقبلي للمتحصّلين على شهادات جامعية عليا. كما يتدخّل الصندوق في مساندة الانتصاب للحساب الخاص وذلك بتحمّل، لمدّة سنتين، الأعباء المالية للفوائض البنكية المنجرّة عن الانتصاب الخاصّ وتحمّل مساهمات الأعراف في الصندوق الوطني للضّمان الاجتماعي بالنسبة للشباب الواقع انتدابهم في إطار الانتصاب الخاصّ ضمن البرنامج الوطني للتسريح. وتقدّر مجمل إعتماداته بما يعادل 1.000.000.000 دينار. كما اقترح نواب النداء فصلا اضافيا لكن عند عرضه على التصويت سقط وهو ينص على ان يحدث بمقتضى هذا القانون حساب خاصّ بالخزينة يسمّى»صندوق مساكن الكرامة». يساهم هذا الصّندوق إلى جانب الدّولة في تمويل البرنامج الوطني»للمسكن الأوّل» وذلك بتحمّل ما يعادل 10 % من التمويل الذاتي الضروري للتمتّع بهذا الامتياز. ويموّل هذا الصندوق مساهمة الدّولة في برنامج خاص بمساكن الكرامة يدوم ثلاث سنوات ويسمح ببناء 264.000 على كامل تراب الجمهورية على أساس 1000 مسكن للكرامة في كلّ معتمدية دون اعتبار الكثافة السكانية. وتتحمّل الجماعات العمومية المحلية عبء توفير الأراضي الصّالحة للبناء لهذه المشاريع. وهي مساكن عصرية تصميما وتجهيزا. ولا يمكن المشاركة في البرنامج والاستفادة بالمساكن إلاّ بالانخراط في الضمان الاجتماعي وقانونية الوضعية الجبائية. كما يعطي البرنامج أولويّة للشباب حاملي الشهادات الجامعية والمستقرّين في جهاتهم والمقدمين على الزّواج. ويتمتّع بهذه المساكن زوجات شهداء الأمنيين والعسكريين وكذلك عائلات شهداء الثورة. وتقدّر مجمل إعتماداته السنويّة بما يعادل 2.000.000.000 دينار. واقترح نواب النداء فصلا اخر وتم اسقاطه وهو ينص على: يحدث بمقتضى هذا القانون حساب خاصّ بالخزينة يسمّى»صندوق تسريع إنجاز المشاريع العمومية». يختصّ هذا الصّندوق بتمويل آليّات وفرق التسريع في إنجاز المشاريع العمومية لتلافي ضعف القدرة الجهوية والمحليّة على هضم الاعتمادات كما برزت بعد الثّورة ممّا ساهم في تعطيل المشاريع العمومية. وتسمح كذلك هذه الآلية باقتصاد اعتمادات لا يستهان بها في تكلفة المشاريع العمومية وهو ما يدفع إلى حسن التسيير في الاعتمادات العمومية ويساهم في نقلة نوعيّة لإدارتنا. وتسمح هذه الآلية في حدود 10.000.000 دينار لتمويل برنامج خصوصي للتصرّف في ملك الدّولة العام. وتقدّر مجمل اعتمادات هذا الصّندوق بما يعادل 150.000.000 دينار. اقترح نواب النداء احداث صندوق للتمييز الايجابي بين الجهات لكن تم اسقاطه وهو ينص على ما يلي: حدث بمقتضى هذا القانون حساب خاصّ بالخزينة يسمّى»صندوق التمييز الإيجابي بين الجهات واللاّمركزية. يختصّ هذا الصّندوق بدعم سياسية التمييز الإيجابي بين الجهات في مجالات الاستثمارات والمناقصات العمومية والانتدابات وتأسيسا عليه يتحمّل في المجال الانعكاسات المالية لتفعيل عناصر التمييز الإيجابي. ويتكفّلُ بتحمّل مساهمات الأعراف في الصندوق الوطني للضّمان الاجتماعي بالنسبة للاستثمارات الجديدة لمدّة سنتين. كما يتكفّلُ كذلك بدعم الانتصاب الخاصّ في مختلف البرامج الوطنية وفي برنامج تسريح الموظفين العموميين. كما يتكفّل أيضا بمساهمة الدّولة في تكوين آلية للتعويض عن الكوارث الطبيعية للفلاّحين في حدود 200.000.000 دينار. كما يتكفّلُ كذلك بالمساهمة في بنك الجهات برأس مال قدره 1.000.000.000 دينار. وتقدّر مجمل اعتمادات الصّندوق بما يعادل 2.000.000.000 دينار. واقترح نواب النداء فصلا لكنه سقط يحدث بمقتضى هذا القانون حساب خاصّ بالخزينة يسمّى»صندوق رقمنة الإدارة». يختصّ هذا الصّندوق بالتنفيذ العاجل والنّاجع لرقمنة الإدارة التونسية. وتقدّر مجمل إعتماداته بما يعادل 250.000.000 دينار. واقترح نواب النداء إحداث صندق آخر لكن تم اسقاط مقترحهم وهو ينص على: يحدث بمقتضى هذا القانون حساب خاصّ بالخزينة يسمّى»صندوق تحسين الخدمات الصحيّة». يختصّ هذا الصّندوق بتمويل تحسين مستوى الخدمات الاجتماعية في إطار خطّة متوسّطة المدى تهدف إلى مساواة جودة الخدمات التي تسديها المؤسّسات الصحيّة في القطاع العام ونظيراتها في القطاع الخاصّ. كما يتدخّل هذا الصّندوق في مساعدة المؤسّسات الإستشفائية العمومية على استيعاب نسبة من العجز الذي تشكوه. وتقدّر مجمل إعتماداته بما يعادل 200.000.000 دينار. واقترحت كتلة النداء اضافة فصل لمشروع قانون المالية وتم اسقاطه وهو ينص على ما يلي: يحدث بمقتضى هذا القانون حساب خاصّ بالخزينة يسمّى»الصندوق الخصوصي لعقلنة التوظيف في الوظيفة العمومية والقطاع العام». يساهم هذا الصندوق في تمويل عمليّات البرنامج الخصوصي لتسريح الموظفين طبقا لمقترحاتنا. وتقدّر مجمل اعتمادات الصندوق بما يعادل 1.715.100.000 دينار. وعند عرض هذا المقترح على التصويت سقط مثلما سقط مقترحا آخر قدمته نفس الكتلة وينص على: حدث بمقتضى هذا القانون حساب خاصّ بالخزينة يسمّى»صندوق مقاومة الفقر». يختصّ هذا الصّندوق بالحدّ من ظاهرة تفشّي الفقر ببلادنا. وسيساعد الصّندوق على المساهمة، بمعيّة تغيير آلية الدّعم، في انتشال 1.000.000 مواطن من الفقر سنة 2019. وتقدّر مجمل إعتماداته بما يعادل 600.000.000 دينار. واقترح نواب النداء فصلا اضافيا ينص على ان تجمّد تدخلات ميزانية الدولة في صندوق الكرامة وردّ الاعتبار لضحايا الاستبداد لمدّة ثلاثة سنوات بداية من تاريخ دخول هذا القانون حيز النفاذ. وتحوّل المبالغ المرصودة فيه بمقتضى نصوص ترتيبيّة إلى ميزانيّة الدولة لتمويل برنامج العائلات المعوّزة. وعند عرض هذا المقترح على التصويت سقط. كما قدمت نفس الكتلة فصلا تم اسقاطه وينص على ان يحدث بمقتضى هذا القانون حساب خاصّ بالخزينة يسمّى»صندوق تنمية القدرة التنافسية للتصدير والتسويق وتجديد الأجيال الصناعيّة». يختصّ هذا الصندوق بمساعدة المؤسّسات المصدّرة والتي تجلب العملة الصّعبة على تمويل العمليات التسويقية. وتقدّر مجمل اعتماداته بما يعادل 300.000.000 دينار.