فلوس للصناديق الاجتماعية: شكون مطالب بالدفع وعلاش؟    عاجل إستقالة الطبوبي: رياض جراد يفجرها..(فيديو)    البرلمان ينظم ورشة عمل حول اتفاقية الاتحاد الإفريقي لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات    عاجل : قرار يهم التوانسة بخصوص زيت الزيتون    وزارة التجهيز تنفي خبر انهيار ''قنطرة'' في لاكانيا    عاجل/ العثور على الصندوق الأسود للطائرة اللّيبيّة المنكوبة..    كلّ الفرضيات مطروحة بشأن تحطّم الطائرة الليبية    عاجل : أمريكا تعرض فلوس ورحلة مجانية للمهاجرين باش يغادروا قبل نهاية العام    عاجل: بعد اختياره أفضل لاعب في مباراة تونس و أوغندا...هذا ماصرّح به إلياس العاشوري    بطاقة التعريف عن بعد لتلاميذ الثالثة ثانوي: شنيا الحكاية؟    راس السنة : جورج وسوف بش يكون موجود في هذه السهرية    سر صحي في حبات التمر... تعرف عليه    كاس امم افريقيا (المغرب 2025-المجموعو3-الجولة1): المنتخب التونسي يفوز على اوغندا 3-1    مشروع "قانون الفنان"، يطبخ على نار هادئة    عاجل/ الكشف عن تفاصيل سبقت استقالة الطّبوبي..    عاجل: استقرار في أحوال الطقس..لكن التقلّبات جاية التاريخ هذا    عاجل/ الإحتلال يقصف غزة مجددا..    كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025: برنامج مباريات اليوم والقنوات الناقلة..#خبر_عاجل    اتحاد المعارضة النقابية: استقالة الطبوبي ليست نهائية ولم تكن مفاجئة    عاجل: بعد فوز ماتش البارح...هذا ما قاله سامي الطرابلسي    اليوم: الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل يحتجون    كأس أمم افريقيا (المغرب 2025: تونس-اوغندا 3-1): تصريحات ما بعد المباراة..    كيف سيكون طقس اليوم 24 ديسمبر؟    صور: لقطة رائعة من لاعبي المنتخب وسط الأمطار الغزيرة في مباراتهم ضد أوغندا    لجنة ليبية للتحقيق في ملابسات تحطم طائرة رئيس الأركان بتركيا    منية العرفاوي: استقالة الطبوبي تمثّل أجبن استقالة في تاريخ الاتحاد    الذهب فوق 4500 دولار للمرة الأولى.. والفضة تصعد إلى مستويات قياسية    انفجار في دار لرعاية المسنين في ولاية بنسلفانيا الأمريكية والنار تحاصر المقيمين    اشتباكات بين الجيش الأردني ومجموعات مسلحة على الحدود مع سوريا    عبد الستار بن موسى: المنتخب الوطني قادر على التطور.. والمجبري كان رجل مباراة اليوم    عاجل/ تحديد سعر مرجعي لزيت الزيتون على مستوى المعاصر..    اللجنة العليا للإنتاج الخاص للكهرباء توافق على إنجاز مشاريع لإنتاج الطاقة باعتماد الطاقات المتجددة بعدد من جهات البلاد    صفاقس تصنع الحدث الثقافي... رحلة في عالم الكتب    قبلي : التسلم الوقتي لمشروع إعادة تهيئة دار الثقافة محمد المرزوقي بدوز    سيدي علي بن عون.. انطلاق فعاليات الدورة الأولى لمهرجان الحكاية    الشركة التونسية للملاحة تدخل تعديلا على برمجة السفينتين "قرطاج" و"تانيت"..وهذه التفاصيل..    قابس: حادث مرور يخلف حالتي وفاة واصابات    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    القيلولة مفيدة أو مضرة : العلم يحسم الأمر    في تطاوين: اشكاليات الكتابة المسرحية في تونس    قرار قضائي في حق يوسف الشاهد ومهدي بن غربية    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مباريات اليوم    تونس تحل في المرتبة الرابعة افريقيا ضمن مؤشر ريادة الأعمال الرقمية 2025    عاجل: فيلم تونسي ''مخدوم بالذكاء الاصناعي'' يصل نهائي مسابقة عالمية في دبي    أرقام: قطاع النسيج في تونس يوفر 155 ألف موطن شغل للتوانسة    فيروسات الشتاء: هذه الفئات معنيّة أكثر    إحباط توريد 9 كلغ من المخدرات بمطار تونس قرطاج    بتعريفة استثنائية "9 دنانير فقط": لا تفوتوا الفرجة في الفيلم الحدث "صاحبك راجل2"..التفاصيل..    حولوه لوكر لصنع المخدرات: إيقاف 13 شخصا من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء داخل منزل..    القصبة : وفاة أب أثناء مراسم زواج ابنه    رقم مفرح: هذا عدد السياح الذين زارو تونس منذ بداية 2025..    الطقس اليوم شتوي مع أمطار غزيرة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    عاجل/ تحذيرات عالمية من متحور جديد للانفلونزا..    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    عاجل/ بسبب "القريب": وزارة الصحة توجه نداء هام للمواطنين..    اليوم: أقصر نهار في العام    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناجي جلول مدير عام المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية ل«الصباح»: المعهد تحوّل بعد الثورة إلى مخبر بحوث ونحن أعدنا إليه دوره الطبيعي في استشراف مستقبل البلاد
نشر في الصباح يوم 13 - 12 - 2018

يستعد المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، لإجراء دراسة حول دور النخب التونسية في صنع المستقبل بتونس، وهو موضوع حارق بالنظر إلى وضع هذه النخب التي ظلت بعد الثورة، الغائب البارز في منطقة صنع القرار. وهو أمر لم ينفه مدير عام المعهد ووزير التربية السابق ناجي جلول في هذا الحوار الذي أجريناه معه بالمناسبة، بل على العكس فإنه يعتبر أنه نجح إلى حد ما في استقطاب النخب الجامعية إلى المعهد وهو في حد ذاته رهان في ظل سياسة تغييب النخب الحقيقية في البلاد. وفيما يلي نص الحديث الذي تعرض بالخصوص إلى وظائف المعهد وظروف عمله.
*نظم المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية هذا العام العديد من الندوات الفكرية والعلمية التي اهتمت بقضايا سياسية واجتماعية واقتصادية، لكن الجامعات والمخابر ومراكز البحوث وكذلك الجمعيات وغيرها تقيم بدورها ندوات وملتقيات، فما الذي يميز أعمال المعهد عن أعمال المؤسسات والهياكل المذكورة؟
إن المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية ليس بمركز أكاديمي ولا بمخبر جامعي ولا بجمعية ودورنا يتمثل في استشراف المستقبل واقتراح حلول لجميع القضايا وفي مختلف المجالات.
كما أن هناك جانبا من عملنا لا يعرف عنه الشيء الكثير وهو يتعلق بالعمل الجيو استراتيجي ولدينا أكبر قسم جيو استراتيجي يقدم تقارير باستمرار لرئاسة الجمهورية حول المنطقة.
*وكيف تقيمون نوعية التفاعل مع مقترحات المعهد؟
نحن مرتهنون في عملنا بالنظام السياسي، فنحن مؤسسة تفكير إستراتيجية مرتبطة برئاسة الجمهورية.
صحيح هناك وزارتان تتفاعلان بقوة مع مقترحاتنا وهي الدفاع والخارجية ووزارة الداخلية تتفاعل معنا أيضا بشكل نسبي وخاصة في مسائل الإرهاب وأعتقد أننا قمنا بعمل متميز في هذا الباب ونحن الوحيدون الذين تقدمنا بحلول في كيفية التعامل مع العائدين من بؤر التوتر، لكن طبيعة النظام الحالي تحد من مستوى التفاعل وتؤثر في نوعية التعامل مع العهد. وأؤكد في هذا الباب أن المشكل ليس في رئيس الحكومة ولا في أي وزير من الوزراء الذين لا أشك في رغبتهم في التعامل مع المعهد لكن المشكل في النظام السياسي في تونس وهو نظام معقد يحول دون اضطلاع المعهد بدوره كما ينبغي له أن يكون، والمعهد وإن كان مرتبطا إداريا برئاسة الجمهورية فهو يتوجه إلى الجميع، رئاسة جمهورية وحكومة وأحزاب وغيرها.. وكنتيجة لذلك، أحيانا يستمع إلينا على غرار ما حدث مع رئاسة الحكومة في مجال الأسعار أو مع وزارات الفلاحة والتربية والمرأة في قضايا تهم هذه الوزارات وأحيانا لا يستمع إلينا ودورنا في نهاية الأمر يبقى استشاريا ونحن لا نملك سلطة القرار.
* وأين يكمن تحديدا مشكل النظام السياسي وتأثيره على التعامل مع مقترحات المعهد؟
النظام السياسي فصل بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة في إطار مشروع تفكيك الدولة الوطنية فالنظام السياسي هو نظام تفكيكي. فلسفة الربيع العربي هي إضعاف الدولة الوطنية الناشئة على غرار ما حدث في العراق واليمن وليبيا من خلال استعمال الاختلافات الدينية أو النزعة القبلية لكن في تونس النسيج قوي وبالتالي يتم تفكيكيه بنظام سياسي كل طرف له جزء من السلطة، إلى جانب محاولة تفكيك البلاد ثقافيا ودينيا من خلال التعليم الموازي. فلا يوجد تعليم مواز عادة في الجمهورية. لأن الجمهورية هي فكر موحد وقرار سياسي موحد وهي قد جاءت في أوروبا كنقيض للإقطاع ولا يمكن أن تكون هناك جمهورية بسبعة آلاف حاكم وبتعليم مواز وبديبلوماسية شعبية موازية.
*ألا يعود الاحتراز، إن وجد، إلى أن مدير المعهد يعتبر غير مستقل حزبيا (منتميا لنداء تونس
فعلا في بعض الأحيان هناك من يعتبرنا أننا حزب معارض في حين أننا نتعامل مع الأطراف بدون احترازات ونحن لسنا بوق دعاية للرئاسة أو الحكومة أو لحزب نداء تونس أو أي طرف كان، بل نحن في خدمة الدولة التونسية بجميع مكوناتها. وكل الأحزاب -بما في ذلك حزب حركة النهضة إذا ما طلبت منا عملا - فإننا نقوم بذلك في استقلالية تامة عن كل الانتماءات.
*ما هي موارد المعهد وهل تمكنه من أداء الدور الموكول له بيسر؟
إن موارد المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية قليلة جدا (مليار واحد) وهي مرتبطة بميزانية رئاسة الجمهورية التي تعتبر من اضعف الميزانيات وحتى ميزانية المعهد فيصرف القسط الأكبر منها في تسيير المؤسسة، غير أن لدينا العديد من الشركاء من بنوك وشركات وغيرها، قد لا تجعلنا نعمل بأريحية، لكنها تساعد على تنفيذ العديد من البرامج وأغتنم الفرصة للتأكيد وتفاعلا مع بعض من يعتبر أننا نقيم ندوات من المال العمومي، أن أغلب التظاهرات التي ننظمها تتم بفضل الشراكات مع الخواص ومع رعاة العمل الثقافي والفكري والعلمي، مع الإشارة إلى أننا نختار في تعاملنا مع الشركاء المؤسسات التي لا تتدخل في عملنا. وفي هذا السياق أشير إلى أن بعض المواضيع الحساسة على غرار الدراسة حول السيادة الوطنية مثلا، أجراها المعهد بإمكانياته، وفي مقابل ذلك أنجزنا دراسة حول مستشفى الغد بالشراكة مع جامعة خاصة.
*هل أثرت الإمكانيات المادية في نجاعة المعهد مثلا؟
نحن الأوائل في إفريقيا رغم إمكانياتنا المادية الضعيفة، وأول مركز دراسات في تونس ومعهدنا اليوم ضمن المراكز الإستراتيجية العالمية التي تعتمد كمراجع في مجالها.
*هل لديكم شراكات دولية وعربية؟
لدينا شراكات مع عدة دول من بينها الصينية التي دخلنا مؤخرا وفق اتفاق شراكة معها في منظومة طريق الحرير ولدينا شراكات مع مراكز بحوث ودراسات بدول عربية من بينها دولة الإمارات التي نشتغل معها على موضوع ضخم حول الجاليات العربية بأوروبا ومع دولة البحرين التي نشتغل معها على التحولات الجيواستراتيجية الكبرى في منطقة الشرق الأوسط وكذلك مع الإيسسكو والألكسو ولدينا مشاريع شراكة مع مصر وموريتانيا وعدد من المؤسسات الإعلامية التونسية. وأعتقد أننا ركزنا كثيرا على تنظيم الندوات وينبغي لنا أن نعمل على توسيع الشراكات في الداخل وفي الخارج...
تم تأسيس المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية سنة 1993 وواصل عمله بعد الثورة، فكيف وجدته بعد تسلم إدارته منذ حوالي عام؟
قام المعهد في عهد بن علي ممتاز وتحول إلى مصدر للذكاء الحكومي وبعد الثورة تحول إلى مخبر دراسات جامعي يصدر كتبا وقام بعمل ممتازا في هذا المجال وقد أعدته من جهتي إلى هويته الأولى فهو قد تأسس كمركز تفكير استراتيجي. صحيح يلومني البعض على تسييس المعهد لكن ذلك لا يقلقني لأن لدينا قناعات أن الدراسات الأكاديمية هي من اختصاصات الجامعة والخوف من التسييس لا مبرر له لأنه بطبيعته مؤسسة ذات طابع سياسي.
وهو مؤسسة سياسية تعنى برسم ملامح تونس الغد السياسية والاقتصادية والثقافية والفلاحية وغيرها..
والمعهد اليوم له أولوليات أولها إيجاد حلول للمشاكل الحالية.
وثانيا رسم ملامح المستقبل في جميع المجالات وهو يعمل مثله مثل بقية المراكز الإستراتيجية في العالم على المستقبل.
*من يتعامل مع المعهد من الخبراء وكيف يتم ذلك؟
لدينا خبراء قارين ونتعامل بالخصوص مع الجامعة فمركز الكفاءات الحقيقي هو الجامعة وأنا فخور بعودة الجامعيين إلى المعهد ونستعد في المعهد لأجراء دراسة حول دور النخب في صناعة المستقبل.
*لكن هناك اليوم استياء معلن من النخب في تونس؟
عن أي نخب يتحدثون؟ إن النخب موجودة في الجامعة وفي الإعلام وقد وقع إقصاؤهم. ونحن أساسا نعاني من عطالة فكرية لأن النخبة السياسية التونسية غير قادرة على تقديم حلول.
ولنا أن نذكر بأن النخب اضطلعت بدور في تونس منذ عهد قرطاج والسياسات الكبرى في البلدان تصنعها النخب وقد صنعتها في تونس نخب مثل بورقيبة والماطري والمسعدي والبشروش وغيرهم وإني أتساءل مثلا أين هشام جعيط وعبد الوهاب بوحديبة وحمادي جاب الله. فالنخبة التونسية كانت موجودة في الحزب الحر الدستوري وعبد القادر المهيري كان مثلا من المنظرين للحزب وها أن الانتماء أصبح تهمة اليوم. والمنتمون يضطرون لإخفاء ذلك رغم أن في الديمقراطيات العريقة لا يضطر الصحفي أو المثقف إلى إخفاء انتمائه. فهناك فرق بين الحياد الذي يمارسه الصحفي والانتماء. فأين هم كبار الصحافيين مثلا في الأحزاب؟
غرامشي يقول إن النخبة التي لا تجذب العامة تفقد مفاتيح المعركة وبورقيبة خاض معركة ثقافية مع المجتمع التقليدية.
وحتى في العالم من حولنا من يصنع السياسة؟ إنهم النخب جوراس في فرنسا وهانتنكتون وفوكوياما في أمريكا إلخ..
*إن التحولات المتسارعة اليوم في العالم تشكل تحديا كبير لمعاهد الدراسات الإستراتيجية في العالم، فكيف هو الحال مع المعهد التونسي؟
إن العالم يتغير لأن البشرية اكتشفت العولمة بصفتها المتوحشة. وهناك اليوم عودة إلى مفهوم الدولة الوطنية وإلى مفهوم السيادة الوطنية أو كما يسميه أمين معلوف عودة الهويات القاتلة وفي هذا الإطار تندرج عودة الإسلام السياسي. لذلك نشتغل كثيرا في تونس على السيادة الوطنية. والدولة صاحبة الاستقلال السياسي.
لا أتحدث بطبيعة الحال عن دولة ذات سيادة وطنية على طريقة كوريا الشمالية وإنما عن دولة محمية من الإملاءات الخارجية. والصراع القادم بين السيادة الوطنية والعولمة المتوحشة ونحن في تونس بصدد معاينة نتائج العولمة المتوحشة من خلال املاءات صندوق النقد الدولي والمانحين الدوليين. من هنا تكمن أهمية التأكيد على الاستثناء الثقافي التونسي الذي اشتغلنا عليه من قبل. فجيلي مثلا قرأ للحصري وابن رشيق وابن شرف وكراباكة والبشير خريف وبيرم التونسي وأبو القاسم الشابي وغيرهم. أين نحن اليوم من هؤلاء بل إننا إزاء النموذج الثقافي المعولم (الفاست فود ).
ومطلوب منا اليوم إعادة بناء المشروع الوطني (ثقافيا واقتصاديا ودينيا) ولا بد من الاعتراف بأن هناك في تونس اليوم تناقض بين المشروع الإسلاموي المعولم والمشروع البورقيبي الموّطن ومفهوم الوطنية لا يمكن إلا أن يكون حديثا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.