بدخول سنة 2019، يبدأ العد التنازلي للانتخابات الرئاسية والتشريعية لينطلق السباق والتكالب نحو كراسي مجلس باردو الذي يمكن أن يؤدي إلى كرسي القصبة وكذلك كرسي قصر قرطاج الذي يبدو أنه بات مطمحا للعديدين.. المتأمل في نوايا الترشح والترشيح، يلاحظ أن كرسي الحكم أصبح في نظر البعض يسير المنال والكل من سياسيين ومن غير السياسيين لا يستبعد الوصول إليه، بل يرى في نفسه رجل المرحلة القادر بكل يسر على الحكم وعلى الخروج بتونس مما تردت فيه... كيف لا ومن سبقوه إلى الكراسي لم يكونوا في السنوات القليلة الماضية يحلمون بأقل المناصب في السلطة، بل ربما حتى في الإدارة؟!.. هذا عن نوايا الترشحّ، أما عمن قرروا فعلا أن يكون لهم مكان في الحكم وكرسي من بين كراسي السلطتين التشريعية والتنفيذية، فقد انطلقوا مبكرا في حملاتهم الانتخابية المقنعة.. حملات كالعادة استغلت الطبقات الاجتماعية الضعيفة والمهمشة واستغلت ما تمر به هذه الفئات في مثل هذه الظروف الطبيعية الصعبة والقاسية لتظهر بمظهر المنشغل بوضع البلاد والعباد والمهتم بحال المهمشين في الأرض وتتقدم بالعطايا والهبات والإعانات في استجداء واضح وفاضح للأصوات المنتظرة.. لقد وضع الطامحون الأرياف والفقراء والمساكين كهدف لكسب الأصوات، ليتداخل الإعلام والمال والسلطة، ليبرز البعض في ثوب الفاروق عمر ابن الخطاب الكريم والمنشغل بشؤون الرعية... وقد غاب عن هؤلاء ان هذه الفئة لم تعد تعترف بالساسة والسياسيين وملت الوعود التي حولتهم في انتخابات أكتوبر 2011 ثم في انتخابات أكتوبر ونوفمبر 2014 نحو جنات خلد تجري من تحتها الأنهار.. ليتفاجأوا بعد إغلاق صناديق الاقتراع و»احتلال» الكراسي ببقائهم في «نيران» الفقر والتهميش و»الحقرة»، ويبقى حالهم على ما هو عليه إلى حين تذكرهم من جديد باقتراب المواعيد الانتخابية... ليعلم الساسة و»الطامحون» للمناصب القيادية العليا في البلاد أن 75 بالمائة من الشباب والنساء عبروا عن مقاطعتهم للانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة بسبب عدم تحسن أوضاعهم الاجتماعية وخيبة أملهم في عدم تنفيذ الشخصيات والأحزاب السياسية لبرامجهم ولوعودهم الانتخابية.. وليعلم «حجاج» المناطق المهمشة أن 67 بالمائة من النساء في الوسط الريفي ليس لهن علم بانتخابات بلدية جرت منذ أيام.. وبالتالي لن يكنّ من بين الناخبين في الاستحقاقات القادمة.. وما على «الطامحين» إلا التوجه نحو خزان انتخابي آخر.. لكن مع عدم تناسي وتجاهل دورهم الرئيسي والحقيقي في خدمة هذه الجهات المهمشة وخدمة أهاليها ومنحهم ولو جزءا من حقهم في حياة كريمة، بعيدة عن التهميش و»الحقرة» والتجاهل لأبسط ضروريات الحياة.