تعدّ ولاية مدنين ثلاث قرى حرفية تابعة للديوان الوطني للصناعات التقليدية موزّعة بين مدينة مدنين وجربة حومة السوق وبني خداش مع قرية حرفية أخرى في بن قردان تابعة للبلدية لكن معظمها يشكو صعوبات وتعثّرا جعلها لم تبلغ أهدافها التي بعثت لأجلها في أن تكون بمثابة محضنة لخلق جيل جديد من الحرفيين والحرفيات وفضاء مناسب يجمع بين العرض والورشات الحية في تكامل بين اختصاصات حرفية متنوعة. ورغم التفاوت في نسبة استغلال هذه القرى الحرفية الا انها تبقى دون المطلوب فلم تستطع هذه القرى استقطاب الحرفيين والحرفيات وجلبهم بحوافز وامتيازات مشجعة بل إن العقود التي يمضيها الحرفيون عند تسويغ محل بإحدى هذه القرى يبعث على الخوف والترهيب بتركيزه في جزء كبير منه على "العقوبات" وفق ما ذكره عدد من الحرفيين لمراسلة (وات) الى جانب ارتفاع سعر الكراء بالنظر الى ضعف مردودية عديد الحرفيين وخاصة بمدينة مدنين وبني خداش. ويظل أكبر عائق أمام هذه القرى الحرفية عدم ادراجها في المسلك السياحي لتبقى مغلقة على ذاتها ومعزولة عن محيطها وذلك بسبب ضعف عمليات تنشيطها ونقص المعارض التي من شأنها أن تستقطب الزوار وتدخل الحركية بها وفق ما ذكرته نجاة بوعبيدي إحدى الحرفيات المنتصبات داخل القرية الحرفية بمدنين التي قضت طيلة سنة 2018 بمفردها داخل هذه القرية الحرفية ما جعلها لفترة طويلة تشتغل داخل ورشتها في الرسم والتزويق على جميع المحامل وأبواب الورشة مغلقة حسب قولها، مضيفة ان هذه القرية لم ينتصب به أي حرفي وتفتقر إلى حارس أو عون تنظيف وتشكو من ظاهرة الانتصاب الفوضوي أمامها. واقترحت نجاة التخفيض في معلوم الكراء وتحفيز الحرفيين الشبان للإقبال على هذه القرى الحرفية وضرورة ادراجها بالمسالك السياحية وتكثيف الايام الترويجية والمعارض وأشكال تنشيط اخرى للتعريف بها مع دعوة الإدارات والمؤسسات العمومية الى اقتناء المنتوج التقليدي في عدة مناسبات كهدايا او تحف للتزويق. وأضافت ان الحرفي خارج أسوار القرى الحرفية يعاني صعوبات مختلفة من غلاء المواد الأولية وضعف الترويج وغيرها الا أن الحرفي المنتصب داخل القرى الحرفية مشاكله مضاعفة لذلك من الضروري مساعدته بتذليل الصعوبات حتى تكون هذه القرى نقاط جذب للحرفيين وللحرفاء والسواح. وينتظر أن ترتفع نسبة استغلال القرى الحرفية بالجهة في شهر افريل وفق ما ذكره المندوب الجهوي للصناعات التقليدية بمدنين سليم الغنجة حيث انعقدت اللجنة المكلفة بالنظر في ملفات طلبات الانتصاب داخل القرى الحرفية ووافقت على تمكين عدد من الحرفيين من محلات بها ومنحتهم مدة إمهال الى نهاية شهر افريل موعد انطلاق العقود حسب تصريحه. وأوضح المندوب أن معلوم الكراء تحدّده وزارة املاك الدولة وهو عادي خاصة وان المحلات متّسعة المساحة وإمكانية اشتراك حرفيين في نفس المحل يخفّف العبء على الحرفي الواحد حسب قوله. واعتبر الغنجة ان مشاكل القرى الحرفية بولاية مدنين لا تختلف عن غيرها من القرى بجهات اخرى في ظل غياب هيكل يهتم بها وترجع لها بالنظر بإمكانياته المادية التي تخوّل له وفق إطار قانوني مناسب التصرف فيها وتنظيم الايام الترويجية والمعارض وتنشيطها أمام عجز مندوبيات الصناعات التقليدية عن القيام بمثل هذه المهام، مضيفا أن دور هذا الهيكل أيضا لو وجد يكمن في ربط الصِّلة بين القرى ووكالات الأسفار لاستقطاب السواح نحوها والمساعدة على فرص التوأمة مع الخارج. وشدّد على أنه من الضروري التفكير جديا في وضع القرى الحرفية والارتقاء بها باعتبارها في الوضع الراهن دون المأمول ودون الانتظارات رغم الاستثمارات الكبرى التي رصدت لإنجازها لكنها تفتقر حتى لعون تنظيف او حراسة.