حذّر رئيس دائرة الموارد المائية بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بولاية سيدي بوزيد، منجي الحامدي، من أخطار حقيقية تتهدّد المنطقة وقد توصلها إلى مراحل شحّ المياه وحتى العطش في حال لم يتغيّر النّمط الحالي في إستغلال المياه المتأتية من الموائد المائية سواء منها السطحية أو الجوفية. وقال هذا المصدر ل(وات) إنّه في حال تواصل الاستغلال المشطّ والمفرط لمياه الموارد المائية الجوفية منها والسطحية بالجهة فإنّ أخطارا حقيقية تهدّد بإندثار هذه الموارد وبشحّ المياه وتملّحها، مضيفا أن موائد جلمة وسيدي بوزيد والرقاب ،على سبيل المثال، تعاني منذ سنوات من هبوط في منسوب مياهها ومن استغلال مفرط لهذه المياه. وحسب معطيات للمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسيدي بوزيد، فإنّ نسبة إستغلال موارد المائدة المائية الجوفية والسطحية بالرقاب، كبرى الخزانات الجوفية العميقة بالجهة هي الان في حدود 243 فاصل 9 بالمائة بالنسبة للمائدة الجوفية و 247 فاصل 5 بالمائة بالنسبة للمائدة السطحية. وتعاني بدورها المائدة المائية السطحية والعميقة بجلمة من هبوط في منسوب مياهها يقارب المتر الواحد في السنة وذلك بفعل الاستغلال المشطّ لمواردها والذي تتجاوز نسبته باالنسبة للمائدة السطحية 140 بالمائة و 120 بالمائة بالنسبة للمائدة الجوفية. وتكتسي مياه المائدة المائية بجلمة أهمية قصوى بإعتبار ان نسبة 75 من المياه المتأتية منها مخصّصة لتزويد كامل ولاية سيدي بوزيد وأجزاء من ولاية صفاقس بمياه الشرب. امّا مياه مائدة الرقاب فإنها تقريبا كلّها موجهة لأغراض الرّي الفلاحي. وحسب تقديرات دائرة الموارد المائية بالجهة فإنّ مائدتي جلمة والرقاب مهددتان بالاندثار في غضون 50 سنة من الان في حال لم تبادر السلطات بمعالجة هذا الوضع. واعتبر رئيس دائرة الموارد المائية أن عدّة أسباب تقف وراء تدهور منسوب هذه الموارد من أهمها استفحال ظاهرة الحفر العشوائي للحفريات العميقة بالجهة حيث قدّرت المصالح المعنية عددها في السنوات الاخيرة بنحو 2500 بئر ولم تتوفّق إلى الان في ردم سوى ستّ /6/ حفريات منها من مجموع 437 بئر صدرت بشأنها قرارات ردم. وأوضح والي سيدي بوزيد محمد صدقي بوعون ل(وات)، في هذا السياق، انّ هناك صعوبة في إيجاد حلّ لهذه الحفريات العشوائية التي باتت تمثّل إشكالا حقيقيا، حسب قوله، بسبب ما اعتبره "دواعي إجتماعية "، مضيفا أنّه ليس من السهل إيجاد بديل في حال تمّ القضاء على هذه الابار خاصّة وأن مياه هذه الابار وظّفت لإحياء مستغلاّت فلاحية وخلق موارد رزق لأصحابها، إلاّ أنّه أكّد ضرورة الانكباب على هذا الملفّ ومقاومة الحفر العشوائي بكل الاليات والامكانيات المتاحة. ويعدّ كذلك تنامي إقبال فلاّحي سيدي بوزيد على تعاطي أنواع من الزراعات المعروفة بإستهلاكها الكبير للمياه مثل الزراعات الصيفية من طماطم وفلفل ودلاع وبطيخ، من الاسباب الرئيسية التي عمّقت وبشكل لافت حسب رئيس دائرة الموارد المائية، منجي الحامدي، من إشكالية الاستغلال المفرط للموارد المائية بسيدي بوزيد. وما أنفكّت السلطات والمصالح المعنية بالجهة تبادر بحلول، في سعي منها، للحدّ من ظاهرة الاستغلال المفرط لمياه الموائد المائية بالجهة حيث قاامت مثلا في الاسبوع الماضي بإتخاذ قرار ينصّ على إعتبار كلّ مناطق مائدتي جلمة والرقاب كمناطق صيانة أي أنّه يحجّر إستغلال مياهها إلاّ بإستثناءات مثل حفر آبار لأغراض مياه الشرب أو آبار في إطار مشاريع إستثمارية كبرى، حسب ما أوضحه منجي الحامدي. علما وأن نفس هذه السلطات والمصالح كانت قد إتخذت في السابق قرارات تجعل من أجزاء من مناطق موائد البراقة وسيدي بوزيد كمناطق صيانة او تحجير. وحسب رئيس دائرة الموارد المائية فإنّ هذه الحلول تبقى محدودة في حال لم يرافقها وعي من المواطنين والفلاّحين بمخاطر تفاقم ظاهرة إستنزاف مياه الموارد المائية بالجهة، مشيرا، بالخصوص، إلى ضرورة أن تقوم مصالح الارشاد الفلاحي بتحسيس الفلاّحين بالتوجه نحو أنماط وبدائل زراعية وفلاحية غير مستهلكة للمياه مثل الزراعات الشتوية والغراسات المثمرة.