بدأت صفارات الإنذار القوية تطلق من الفاعلين في الشأن الفلاحي بسبب الخطر المحدق بالمائدة المائية بالجنوب التونسي والذي يزداد استفحالا من سنة لأخرى حتى بات الفلاح يخشى على نشاطه من الإضمحلال في غياب المواد المائية الكافية وبالنوعية المطلوبة،وانبرى الخبراء في مجالي البيئة والموارد المائية يحذرون من عشوائية استغلال هذه المائدة ويدعون إلى ضرورة التصدي لمظاهر الحفر بدون ترخيص قانوني للآبار ما زاد طين شح المائدة الجوفية بلة. يذكر أن عدد الآبار غير القانونية قدر سنة 2008 بمايناهز4100بئر ولا شك أن الرقم في انفلات تصاعدي في السنوات الأخيرة. وقد شكلت هذه المعضلة الشائكة خلال مؤتمر النقابة التونسية للفلاحين محور تدخلات عدة من الفلاحين الذين تساءل بعضهم عن سبب رفض الوزارة منح تراخيص لحفر الآباررغم حاجتهم المؤكدة لمياه الري قابلها رد وزير الفلاحة بالشرح والتبرير لهكذا إجراء أملته حالة الاستنزاف المنهكة للمائدة المائية.منبهاإلى أن خطر تراجع المائدة يزداد غرقا كل سنة ما يؤشر بخطر نضوبها. ولهذا السبب أفاد محمد بن سالم بأن إمتناع الوزارة عن اسناد الرخص ليس تعمدا وإنما لعدم طاقة المائدة على تحمل المزيد من الاستغلال المفرط لما تبقى من الموارد الجوفية. مشيرا إلى أن من تداعيات هذا الوضع على منطقة قبلي إرتفاع نسبة الملوحة إلى 8غرام بعد ان كانت في حدود 2,6غرام وحذر من تواصل ارتفاعها مع استمرار الحفر غير المرخص فيه للآبار. على أن الوضعية الصعبة للمائدة المائية لا تختص بمناطق الجنوب بل يتفشى خطرها في جهات أخرى ومنها سيدي بوزيد التي تشهد نضوبا ملحوظا لمواردها بسبب نقص الأمطار التي تشكل المصدر الرئيسي لتغذيتها وبالتوازي يسلط عليها ضغط استغلال مكثف جراء حفر الآبارالعميقة واللجوء إلى استعمال الكهرباء بدل المازوط في ضخ الماء بمايساهم في كثرة استهلاكها. وكانت دراسات سابقة وندوات انتظمت للغرض نبهت إلى خطر استنزاف منسوب هذه المياه خصوصا أن نسبة تجددها بجهة الجنوب تعد محدودة وضعيفة وانتهت المقترحات المقدمة إلى التأكيد على ترشيد استعمالات المائدة وإلى عقلنة عمليات الحفر وتطوير آليات مراقبتها. وتطوير البحث العلمي في مجال المياه. واعتماد تقنيات تحلية المياه المالحة لتأمين مياه الشرب والري. وبالنظر إلى أن موارد المائدة المائية بالجنوب مشتركة مع القطرين الليبي والجزائري وخطر نضوبها يمثل تحد كبير للجميع تطرح أهمية التنسيق وإيجاد آليات تشاور حول إحكام استغلال الموارد المشتركة. تحد آخر إذن ينضاف إلى قائمة التحديات المائية في تونس يتطلب التعاطي المحكم معه للمحافظة على ديمومة المياه الجوفية وضمان حق الأجيال القادمة في التمتع بهذه الموارد.