لا يعقل في نظري أن نستنكر ونشجب وندين باقصى العبارات وننظمّ التحركات الاحتجاجيّة امام مقرات التمثيليات الديبلوماسيّة الايطالية والاسبانية دفاعا عن أبنائنا المهاجرين التونسيين في أوروبا الذين يعيشون أسوأ الاوضاع اللاإنسانيّة ويعانون المعاملات المهينة والظروف القاسية في مراكز الاحتجاز "بلمبادوزا" الايطاليّة و"مليلة" الاسبانيّة، الامر الذي دفعهم للدخول في سلسلة من التحركات الاحتجاجيّة المريرة آخرها الدخول في اضرابات جوع جماعية دفاعا عن حقهم في الحياة ومن أجل إجبار السلطات في البلدين على ضمان احترام حقوقهم الانسانية وعلى رأسها مبدأ حرية التنقل وحقهم في الايواء والعلاج المناسبين طبقا لما تسمح به المواثيق الدولية خاصة في ظل تفشّي وباء "كورونا" والخوف من تفشيه بينهم، وفي نفس الوقت نستكثر نحن التونسيون ذلك الحق على اخوتنا الافارقة الذي انقطعت بهم السبل ليجدوا انفسهم عالقين في تونس بعد أن كانوا في طريقهم الى اوروبا حيث ينتظرهم نفس مصير أبنائنا، وبغض الطرف عن الفضيحة التي تحدث في "مركز الايواء بالوردية" أين يخضع عشرات المهاجرين الأفارقة للاحتجاز في ظروف مهينة اضطرهم إلى الدخول في إضراب جوع جماعي احتجاجا على تواصل احتجازهم دون مبرر قانوني. نذكر حكومتنا التي تستند من ضمن احدى شرعياتها للحكم اليوم الى ثورة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعيّة وتنسب نفسها الى "مهجتها الثورية". نذكرها بأن المبادئ لا تتجزأ وأن لا فرق بين مراكز الاحتجاز في "لمبادوزا" و"مليلة" الاوروبيتين حيث يقبع أبناؤنا وبين مركز "الورديّة" الذي يحتجز فيه اخوتنا الافارقة. فأوقفوا مأساتهم وأطلقوا سراحهم وامنحوهم حقوقهم وحريتهم ليكون لنا الحق اخلاقيا وإنسانيا في طلب الحقوق نفسها لأبنائنا.