تتواصل سياسة الشد والجذب بين طهران والعواصم الغربية بشأن الملف النووي الإيراني، حيث تصرّ خصوصا الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا على منع إيران من تطوير منشآتها النووية بدعوى إمكانية استغلالها لأغراض عسكرية بينما تصرّ القيادة في طهران على الحق في امتلاك التكنولوجيا النووية لتوظيفها سلميا.... وبعد مفاوضات شاقة وطويلة بين ممثلي الطرفين لعدّة أشهر تراوحت بين التهديد وعرض حوافز اقتصادية غربية لتسوية هذه الأزمة سلمت إيران أمس الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي رسالة في شكل ردّ على العرض الذي تقدّمت به الدول الست الكبرى والتي طرحت حزمة من الحوافز على طهران لوقف برنامجها النووي. ويبدو أنّ الأزمة القائمة بين طهران والغرب مرشحة للتطوّر بعد تأكيد الجانب الإيراني على أنّ هذه الرسالة لا تتضمّن ردّا على المقترحات الغربية بل توضيحا لمواقف معلنة سابقا... وهذا التطوّر المحتمل للأزمة قد يجرّ إلى اتخاذ سلسلة من العقوبات الجديدة ضدّ إيران حيث وضعت القوى الكبرى طهران أثناء مفاوضات سابقة أمام خيارين إما أن تقبل التعاون وتعلّق أنشطة تخصيب اليورانيوم المثيرة للجدل وإما أن تواجه عقوبات متزايدة من جانب المجتمع الدولي. ولئن عبّر مسؤول إيراني منذ يومين على أنّ طهران عازمة على مواصلة المفاوضات «بمقاربة إيجابية تخلق أجواء بناءة» فإنّ الرئيس نجاد أكّد من جانبه أنّ «إيران لن تتراجع قيد أنملة بشأن حقها في امتلاك الطاقة النووية..». وفي ظلّ توزيع الأدوار بين المسؤولين الإيرانيين لكسب مزيد من الوقت والمراهنة على مزيد كسب أصوات دولية تساندها في برنامجها النووي فإنّ الدّول الست الكبرى تتّجه إلى تجسيم تهديداتها السابقة باللّجوء إلى مجلس الأمن لاستصدار عقوبات إضافية ضدّ طهران قد تكون أشدّ صرامة وتأثيرا على الاقتصاد الإيراني. ولئن أصرّت الدّول الغربية لحدّ الآن على إعطاء الجانب التفاوضي ثم فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية في حال فشل المفاوضات الأولوية في تعاطيها مع هذه الأزمة فإنّ إسرائيل - التي تعتبر أنّها مهدّدة بشكل مباشر - تسعى مدعومة بالولاياتالمتحدة لفرض حلّ غربي ثالث باللجوء إلى القوّة العسكرية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية.... وبين التفاوض... وفرض عقوبات دولية والخيار العسكري تظل طهران ممسكة بخيوط اللعبة اعتبارا لمجريات الأحداث في المنطقة في الظرف الحالي... وأخذا بعين الإعتبار الانتخابات الرئاسية الوشيكة في الولاياتالمتحدةالأمريكية ومراهنة على غياب موقف غربي موحّد تجاه الحلّ العسكري نظرا لتداعياته الكارثية على الجميع....