بين قرار وزيرالحرب الاسرائيلي ايهود باراك بهدم منزل ناشط فلسطيني كان فجر في مارس الماضي مدرسة تلمودية في القدسالغربية تكريسا من جانب المسؤول الاسرائيلي لمبدا العقاب الجماعي الذي تبنته اسرائيل عن النظام القضائي المعمول به اثناء الانتداب البريطاني في فلسطين وبين قرار اولمرت الافراج عن مائة وخمسين اسيرا فلسطينيا في السجون والمعتقلات الاسرائيلية في خطوة ارادها رئيس الوزراء الاسرائيلي ان تكون لابداء حسن النوايا الاسرائيلية في اعقاب اللقاء الذي جمعه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس ما يعكس سياسة تقاسم الادوار بين المسؤولين الاسرائيلين خلال اسوا الازمات السياسية الداخلية واكثرها تعقيدا وذلك بين فرض سياسة الامر الواقع وتنشيط المخططات الاستيطانية وتهويد المقدسات من ناحية وبين سياسة ذر الرماد على العيون واستبلاه العقول وبيع الاوهام وترويج الخداع لدى الراي العام الاسرائيلي والدولي الذي بات مستعدا لتصديق ما تروج له اسرائيل من دعايات لاغراض لا تخفى على مراقب هدفها الاول والاخير تعزيز الاحتلال واضعاف الجانب الفلسطيني وتفعيل كل اسباب الانشقاق والاختلاف في صفوفه بما يجعله عرضة للوقوع في مزيد الفتن التي لا تجلب للشعب الفلسطيني غير المزيد من الماسي والمعاناة والابتعاد عن القضية الوطنية الاولى في مواجهة الاحتلال ...و لاشك ان اولمرت الغارق في فضائحه السياسية والاخلاقية يظل في موقع لا يحسد عليه ولم يعد امامه تقديم القليل او الكثير للرئيس الفلسطيني بعد ان فوت كل الفرص الممكنة لتحقيق الاختراق المطلوب على طريق السلام المتجمد بل ان كل ما يمكنه القيام به هو ان يسعى لمحاولة تلميع صورته قبل انسحابه من الساحة وفي المقابل فان باراك الذي يسعى لعودة قوية سوف يجد في التلويح بورقة التهديدات ولغة القوة مدخلا له الى مختلف الاوساط الاسرائيلية السياسية والدينية الغارقة في التطرف والتمسك باسلوب الرفض والمماطلة لكل الحلول السلمية مهما كان حجم الظلم الذي تفرضه على الجانب الفلسطيني... طبعا لا احد ايا كان موقعه بامكانه ان يقلل او يستخف بشان اطلاق سراح عدد من الاسرى الفلسطينيين فكل اسير فلسطيني او عربي محرر يبقى مكسبا وذخرا لعائلته واهله وارضه وقضيته الا ان الحقيقة ايضا ان ما قام به اولمرت في اعقاب اللقاء الذي من المرجح ان يكون الاخير مع الرئيس الفلسطيني ليس سوى محاولة مدروسة للقفز على الحقائق ولا يمكن باي حال من الاحوال ان يشكل دعما للرئيس الفلسطيني على الساحة الداخلية او تعزيزا لشعبيته فليس سرا بالمرة ان ابومازن كان يامل من خلال لقائه الاخير مع اولمرت ان يكسب ورقة الافراج عن مروان البرغوثي امين سر حركة فتح بالضفة وعزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي واحمد سعدات الامين العام للجبهة الشعبية فضلا عن اكثر من اثني عشر الف اسير فلسطيني في السجون والمعتقلات الاسرائيلية بينهم اطفال وشيوخ ونساء يواجهون مستقبلا مجهولا... مرة اخرى ان في سياسة العقاب الجماعي التي تعتمدها اسرائيل كخيار لردع النشطاء الفلسطينيين ليست سوى الوجه الاخر المسكوت عنه بشان احد اكثر الخيارات الاسرائيلية خطرا على القضية الفلسطينية لا سيما عندما يتعلق الامر بمصير القدس ومستقبلها بعد ان بات الحديث عن القدسالغربية من المحظورات التي فرضتها اسرائيل والامرطبعا لا يتوقف عند حدود هدم بيوت العائلات الفلسطينية المقدسية ولكن الى ما يمكن ان تخفيه من امتداد لسياسة تهويد القدسالشرقية والتهجير القسري لسكانها الاصليين الذين قد يضطرون لتركها اما بسبب سياسية العقوبات الجماعية او كذلك بسبب منعهم من ترميمها واصلاحها بما يجعلها متداعية للسقوط وغير صالحة للسكن وهو الهدف الذي تسعى اسرائيل لتحقيقه بكل الطرق للتخلص من عرب الداخل الذين ظلوا يتشبثون بارضهم وممتلكاتهم ورفضوا التنازل عنها امام كل الاغراءات والضغوطات.. والحقيقة ان الوجود الفلسطيني في القدس ورقة لا مجال للتنازل عنها او اضاعتها او التفريط فيها لاي سبب كان والقنبلة البشرية الفلسطينية المؤقتة التي تتحسب لها اسرائيل وتسعى لاقتلاعها يجب ان تظل مفتاح القدس الذي يتعين على مختلف الفئات الفلسطينية ان توفر له الحماية والحصانة والدعامة في وجه كل المحاولات التي فشلت حتى الان في استئصاله فالوجود الفلسطيني في القدس ورقة غير قابلة للمزايدات او المقايضات ...