لأول مرة 12 مسرحية في مهرجان واحد تونس الصباح: السمة البارزة لمهرجان البحر الأبيض المتوسط بحلق الوادي هذه السنة السعي الجاد والهام لتأكيد خصوصيه ابداعية كان قد أسس لها هذا المهرجان منذ عام 1975 باشراف المسرحي الكبير المنصف السويسي.. وأمكن لهذا المهرجان بجهود المشرفين عليه الى استعادة بريق هذه الخصوصية الفنية الابداعية من خلال اعمال مسرحية تونسية جمعت بين التجديد في الرؤية والاخراج الركحي والمضامين التي فيها جهد وبحث واجتهاد والتعاطي مع هذا الفن النبيل بمسؤولية وتوق كبير الى الأفضل والأرقى والأجمل. 12 مسرحية لعلها المرة الاولى في مسيرة المهرجانات الصيفية تقديم 12 عرضا مسرحيا في حيز زمني هام.. وكلها أعمال جمعت بين الفرجة الراقية والمضامين الهامة والاسماء الفاعلة والمؤثرة في المدونة المسرحية التونسية وحتى العربية. أسماء فاعلة جل هذه الاعمال المسرحية جمعت اسماء بارزة في المسرح والسينما والتلفزيون على غرار: ليلى الشابي وجعفر القاسمي وحمادي المزي ونعيمة الجاني ودرصاف مملوك ومنى نور الدين ومحسن الزعزاع واكرام عزور وكوثر الباردي وفتحي المسلماني والمنجي بن حفصية وجلال الدين السعدي ومحمد ادريس فكانت الاعمال التي شدت الاهتمام وجلبت جمهورا غفيرا بالفضاء الثقافي المتوسطي الذي وجد في هذه العروض الطرافة والبحث الجدي في عديد المضامين الاجتماعية والانسانية النبيلة ولا بد من الاشارة في هذا الاتجاه ان برمجة هذه العروض واختيارها تم فيها الاعتماد على منهجية تراوحت بين مسرح شعبي رفيع المستوى تؤمنه اسماء معروفة في المدونة المسرحية التونسية ومسرح شاب يؤمنه مسرحيون شبان يعكسون فنون المسرح في بلادنا ويؤكدون الدور الريادي لهذا الجيل الشاب للتقدم بهذا الفن سيما وهم من المتخرجين من المعهد العالي للفن المسرحي ومن الذين تكوّنوا على أسس معرفية صحيحة ومن هذا المنطلق فانهم يمثلون الاستمرارية في الفعل المسرحي.. تجاوب مع الاعمال وقد شهدت هذه الاعمال تجاوبا مع الجمهور الذي اقبل عليها بحب وتابعها بشغف على اعتبار انه وجد فيها الفرجة والمتعة والطرافة والمضامين الجادة.. ناهيك وان الفضاء الثقافي المتوسطي بموقعه المميز وغير البعيد عن البحر وفر للحضور مساحة شاسعة للاستمتاع بالعروض المسرحية في مناخ طبيعي خلاّب والنسائم تهب عليه من كل جانب تخفف من القيظ وتبعث الانشراح في النفوس وما يمكن التأكيد عليه في هذا المجال ان مهرجان البحر الابيض المتوسط في دورته هذه الصائفة والتي اختتمت مساء أمس امكن لها ان تعيد للفن الرابع بريقه وان يكون لهذا المهرجان طابعه الخصوصي المميز واستعاد جمهوره رغم انه غير بعيد عن مهرجان قرطاج الدولي وقيمة ما يقدمه هذا المهرجان من عروض فان مهرجان حلق الوادي نجح في ان تكون له بصمته.. فهو مهرجان الفن الرابع الراقي.. رهان عمل على تأكيده نكسبه عن جدارة. وللعروض الفرجوية نصيب هذا التوجه المسرحي الكبير في مسيرة مهرجان البحر الابيض المتوسط بحلق الوادي لم يمنع من برمجة بعض العروض الفنية الفرجوية التي زادت في حركية المدينة وبعثت فيها المزيد من الحرارة الابداعية على اكثر من مستوى. وبرزت هذه الدورة من جهة اخرى بعروض المقهى الثقافي ذات الطابع الفني الطربي الاصيل والشعر ومنابر الحوار.. ولعل اللفتة الكريمة من المهرجان الى رجل المسرح والشاعر والمخرج التلفزي المنصف البلدي علاوة على المائدة المستديرة حول المسرح والترجمة باشراف عز الدين المدني وسهرة الشعر والعزف مع آمال موسى وزهرة المدني ليكون الختام مع العزف على آلة الكمنجة وآلة الرباب بامضاء العازف المتميز وليد الغربي.