تونس-الصباح : مشاهد السيارات المعطبة على حافة الطريق قد تتكرر أمامك في أكثر من محطة لا سيما خلال فصل الصيف حيث تؤثر دراجات الحرارة المرتفعة واختناق حركة المرور على وضعية بعض السيارات وإذا ما أضفنا إلى ذلك نسب الحوادث المرتفعة صيفا، نجد أن نشاط عمل ورشات اصلاح السيارات يزدهر في هذه الفترة بشكل كبير ...غير أن واقع القطاع وفقا لما يصوره عدد كبير من أصحاب التجارب مع ورشات اصلاح السيارات يشير إلى وجود جملة من النقائص تضاعف عناء البحث عن مهني أو «صنايعي» في المجال وقد يتكبد من تتعطل سياراته مصاريف كبيرة دون نتيجة مرضية أحيانا. فكيف يقيم المواطن واقع القطاع؟ وماذا عن رأي المهني؟ عبر عدد كبير من أصحاب السيارات الذين التقيناهم عن مشاغلهم مع ورشات اصلاح السيارات حيث أكد يسري (صاحب سيارة) أن عدد ورشات الإصلاح كبير خاصة وأنها منتشرة في أماكن عديدة، إلا أن العدد قد لا يعكس أحيانا حقيقة تطور القطاع خاصة فيما يتعلق بمواكبة المستجدات التقنية في عالم السيارات الذي يتغير ويأتي في كل مرة بالجديد في الحجم والتجهيزات والمعدات الميكانيكية والالكترونية المكونة للسيارة، مقابل انتشار الورشات التقليدية التي لا تتوفر فيها التجهيزات الكافية واليد العاملة المتكونة والقادرة على التعامل مع العطب بالشكل المناسب ويضيف يسري أنه مضطر للتعامل مع ورشات الإصلاح التقليدية لأن التعامل مع نيابة السيارات مكلف ولا طاقة له به... في السياق ذاته تحدث عمار (صاحب سيارة نقل بضائع) مشيرا إلى أن تقدم سياراته في السن جعله يتردد كثيرا على ورشات اصلاح السيارات وفي كل مرة يتكبد مشقة في إيجاد من يستطع التعرف على العطب وإصلاحه ويضيف عمار أن صاحب الورشة أحيانا «يتكز» للتعرف على العطل بمعنى أنه في كل مرة يقول لك أن العطب هنا ويطلب منك شراء قطعة جديدة وأحيانا بعد أن يتكبد صاحب السيارة خسائر كبيرة ويغير أكثر من قطعة في السيارة يجد أن العطب على حاله... غياب التكوين أحد الأسباب ذكر وسام بدوره أن قطاع ورشات الإصلاح في تونس لم يتطور بنفس النسق الذي تطوربه الأسطول وقال أن ذلك يعود أساسا إلى النقص في التكوين من جهة وغياب اليد العاملة المتكونة في الورشات مما يؤثر حتما على النجاعة والمردودية ... وأضاف أن أغلب ورشات إصلاح السيارات تغيب فيها التجهيزات الضرورية وأحيانا قد يغيب فهم العرف الفني في معالجة بعض التجهيزات الجديدة على الأسطول الحديث من السيارات خاصة الإلكترونية وتساءل لماذا لا يتم تركيز ورشات مختصة وحديثة لإصلاح السيارات توفر على المواطن عناء البحث عن مكان مناسب والتنقل بين الورشات وصرف أموال طائلة لا طاقة له بها خاصة وأن أغلب المواطنين يكونون بصدد تسديد أقساط شراء السيارة ... لم ينكر المهنيون بدورهم نقص التكوين والكفاءة في بعض الورشات وأشاروا إلى وجود عدد كبير من الدخلاء ليس لهم الدراسة الكافية بمجال إصلاح السيارات لكنهم يدعون الحرفية... على غرار ما ذكره كُلُّ من أمير ومازر (صاحبا ورشتيْ إصلاح) وأضافا أن الانتصاب للحساب الخاص يجب أن يكون لأصحاب الخبرة والكفاءة والتكوين الكافي حتى لا يتحمل القطاع ككل أخطاء هؤلاء...ودعوا في السياق ذاته إلى مزيد تكوين المختصين في السيارات الإلكترونية الذي لا يزال دون المأمول لأن أغلب الورشات لهم دراية بالميكانك فقط رغم أن أغلب السيارات الموردة اليوم هي إلكترونية... الانتصاب للحساب الخاص على ذكر الانتصاب للحساب الخاص أثار صلاح «فني في ضوء السيارات» هذا الإشكال مشيرا إلى أنه رغم حيازته على شهادة في التكوين وعلى شهائد خبرة إلا أنه لم يتمكن من الحصول على تمويل للانتصاب للحساب الخاص مؤكدا في السياق ذاته حصول البعض من غير المختصين على تسهيلات للانتصاب وفتح ورشات... وتساءل لماذا لا يتم منح الأولوية لخريجي قطاع التكوين المهني وخريجي الجامعة في الاختصاصات المتعلقة بمجال اصلاح وتشخيص السيارات حفاظا على الجودة وعلى سمعة القطاع... يعاني قطاع اصلاح السيارات كذلك من غياب إطار منظم للتعامل بين الورشة وصاحب السيارة يحفظ حقوق جميع الأطراف خاصة وأن الاتفاق المبرم بين منظمة الدفاع عن المستهلك والغرفة النقابية الوطنية لأصحاب ورشات إصلاح السيارات لم يدخل حيز التنفيذ رغم وجود جملة من البنود القادرة على تنظيم التعامل وضمان حد من الحرفية والشفافية ... ماذا عن كراس الشروط؟ من جهة أخرى نجد أن تأخر صدور كراس الشروط المنظم للقطاع يفتح المجال إلى تواصل الاشكاليات والنقائص في القطاع ...لا سيما وأنه ينتظر أن يكون شاملا لمختلف حاجيات القطاع من شروط الممارسة كأن يكون الحرفي حاملا لشهادة تكوينية تثبت جدارته بممارسة المهنة، ومن الشروط المتعلقة بالمحل وبالتجهيزات التي يجب أن تتوفر لدى الحرفي الذي سيقوم بالإصلاح .. وبالإضافة إلى أحكام أخرى تتعلق بإشهار الأسعار ليكون المواطن على بينة منها .. ويتضمن كراس الشروط أحكاما أخرى في إطار ردع كل التجاوزات التي قد تطرأ عن ممارسة كل نشاط من النشاطات. وقد تم التنصيص على حقوق كل الأطراف من حرفيين ومستهلكين وكذلك واجباتهم مضمنة بكراسات الشروط نظرا لأن لجنة إعداد كراس الشروط ضمت ممثلين عن اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وتحديدا الغرفة النقابية لأصحاب ورشات إصلاح السيارات ومنظمة الدفاع عن المستهلك إلى جانب وزارة التجارة... فلماذا لا يتم التسريع في إصدار كراس الشروط المنظم للقطاع والعمل على مزيد مراقبة جودة الخدمات المسداة في ورشات الإصلاح وخاصة توفر اليد العاملة المختصة والعمل على توفير ورشات متطورة وقادرة على مواكبة تطور قطاع السيارات...