كانت سهرة السبت الماضي التي احياها امير الطرب العربي هاني شاكر شهادة حية على قدرة هذا الفنان على صنع الحدث الذي يتمثل في مواصلة المسك بزمام المسارح والمحافظة على توازن الاحساس مستجيبا في ذلك لدواعي الفن الراقي الذي يعد امتدادا لماذ اخذه من معاصريه من اقطاب الطرب، وللجمهور الذي جاءه بحثا عن الفن الذي يستطيع ان يحرك مكامن الاحساس ويعكس التعبيرات والخوالج الانسانية المختلفة وقد كان الحفل في مستوى وقيمة هذا الفنان وانتظارات الجماهير العطشى للكلمات المعبرة والموسيقى الحالمة وكان لصوته الشجي والطربي فضلا عن العذوبة ورقة الاحساس وصدق الاداء دور في الرقي بمستوى السهرة التي راوح فيها بين القديم والجديد من اغانيه. رحلة غير منتظرة استطاع هاني شاكر ان يحمل الجماهير الحاضرة بمسرح قرطاج في رحلة بعيدا عن الواقع÷ وهواجسه الى عالم رومانسي في لحظات احساس صادق وحلم جسدت انسانيتهم من خلال التفاعل فرحا وحزنا وبكاء ورقصا صدقا وتمن مع مختلف المواضيع التي تطرقت اليها الاغاني التي اثث بها سهرته بدءا بالاغنية التي حيا بها تونس والتونسيين «يا بلد الفرح الدائم» مرورا ب«خليني احس» و«بحبك أنا» و«نسيانك صعب» و«أحلى الليالي» و«لو بتحب» و«المفروض» و«غلطة» وغيرها من الاغاني التي جعلت الجماهير تطلق العنان للاحساس بكل حالته لكن على طريقة هاني شاكر اذ كان للخبرة والحرفية والحرص على احترام الفن والجمهور دور في تكييف ذائقة نوعية معينة من الجماهير التي اختارت هذه المدرسة لتعيش حالات صدق مع الفن فرغم زاده الكبير من الاغاني الذي يقارب خمسمائة اغنية في مواضيع مختلفة، فقد ارتأى ان يستحضر روائع القدامى ك«من غير ليه» لمحمد عبد الوهاب و«قارئة الفنجان» و«حياتك يا حبيبي» لعبد الحليم حافظ وكان لاستجابته في الاداء وسحر صوته مقابل التلهف لما يحرك الاحاسيس ما حمل مشاهد البكاء والالم او الحب والعناق تتكرر على مدارج المهرجان على وقع كلمات وايقاعات اغاني «انا قلبي ليك» و«لو الفراق» و«نسيانك صعب» و«غلطة» و«هو انت لسه بتسألني».. حتى ان البعض عمد الى نقل المقاطع التي يريد ارسالها الى الطرف الاخر مباشرة عن طريق الهاتف الجوّال. واستمتعت بذلك الجماهير الحاضرة بسهرة اخرى تحمل امضاء «رائعة» امتدا ثلاث ساعات لم نسجل تعب الفنان او وهنا في صوته رغم الخلل في التقنيات الصوتية بين الحين والآخر ولينهي لحظات الحلم والاماني ب«علي الضحكاية» ليعيد البسمة والفرح للحاضرين.