تفيد مؤشرات عديدة أن القيادة الحالية للبيت الابيض تريد حسما فوريا وسريعا للخلافات السياسية الامريكية الامريكية حول مستقبل الوجود العسكري الامريكي في العراق.. خاصة بعد تزايد شعبية المرشح الديمقراطي أوباما الذي رفع شعارات مركزية عديدة لحملته الانتخابية من بينها انهاء الوجود العسكري الامريكي في العراق "في اقرب وقت".. بخلاف منافسه الجمهوري ماكين حليف الرئيس الحالي بوش الابن وفريقه.. وقد سخر البيت الابيض مؤسسات الحكومة الامريكية للضغط على السلطات العراقية الحالية ودفعها نحو ابرام اتفاق سريع يبرر تمديد الحضور العسكري الامريكي حتى 2011.. وهو ما يعني وضع الرئيس الامريكي القادم أمام الامر الواقع.. باعتبار الوجود العسكري الاجنبي في العراق سيصبح مبررا "بناء على اتفاق أمني أبرم مع الحكومة العراقية وبطلب منها".. وليس ضمن "قوات الاحتلال الاجنبي" التي منحتها الاممالمتحدة حتى موفى ديسمبر 2008 مسؤولية حفظ الامن في العراق.. والعمل على تسليم مؤسسات الامن والجيش للقوات العراقية الجديدة.. إن جولات المسؤولين الامريكيين وبينهم السيدة رايس في المنطقة وخاصة في العراق تهدف الى توجيه "ضربة استباقية" تضعف المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية وزملاءه المترشحين للتجديد النصفي في الكونغرس والذين وجهوا انتقادات علنية لحصيلة سنوات بوش الثماني دوليا وأمريكيا.. بعد أن تضاعف حجم الخسائر البشرية والمادية والسياسية والاعلامية التي كلفتها حروب بوش في العراق وافغانستان وفلسطين وفي العالم لواشنطن.. تحت يافطة "الحرب العالمية على الارهاب".. إن تفاصيل الاتفاق الامني العراقي الامريكي الجديد شان يهم أولا الاشقاء العراقيين وحلفاءهم.. لكن لا مجال لان تتطور الاوضاع اقليميا ودوليا في اتجاه الاستقرار الامني والسياسي اذا لم تبدأ واشنطن بعد الانتخابات القادمة مباشرة خطة علنية لسحب قواتها واستبدالها بمؤسسات سياسية وأمنية عراقية.. تضمن للشعب العراقي ولكامل المنطقة الامن والتقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.. وحدا ادنى من الحياة الطبيعية.. التي تبدأ بإعادة بناء البنية الاساسية والمؤسسات التي دمرتها حروب واشنطن وحلفائها منذ 1991 وخاصة منذ الاحتلال في افريل 2003.. إن العراق ليس دويلة صغيرة يمكن ابتلاعها أو تبرير احتلالها تحت اي يافطة ولا بديل عن خيار الانسحاب الشامل للقوات الاجنبية ولو على مراحل.. مع استبعاد كل سيناريوهات تبرير الحضور العسكري طويل المدى في المنطقة.. وكل اصرار على منهج الادارة الحالية للبيت الابيض يعني توريط العالم في مرحلة جديدة من العنف والفوضى والارهاب.