تم تصعيد الوضع الامني والسياسي في العراق مجددا في تطور ربط البعض بينه وبين حرص عدة أطراف عراقية ودولية على لفت نظر العالم مجددا إلى المخلفات السلبية للحرب التي شنتها القوات الامريكية والبريطانية ضد العراق في مثل هذا الوقت قبل خمسة أعوام " بحثا عن أسلحة دمار شامل " اتهم النظام العراقي السابق باخفائها عن المفتشين الدوليين.. ورغم مرور خمسة أعوام كاملة عن بدء الحرب تتباين التقييمات داخل الولاياتالمتحدة نفسها لنجاعة قرار شنها ولعدد من القرارات التي تلته ومن بينها حل كامل الجيش العراقي السابق.. وتفجير قوات الاحتلال للتناقضات الداخلية المجمدة منذ عقود ومن بينها الاختلافات المذهبية والعرقية والحزبية.. وحسب الخطاب السياسي للمتنافسين الرئيسيين في السباق نحو البيت الابيض الامريكي والكنغرس يتأكد تزايد نسبة المواطنين والساسة الامريكيين المعارضين للحرب في العراق وأفغانستان ولسياسات بوش الابن.. التي أصر عليها في مارس 2003 رغم اعتراضات الاممالمتحدة ومجلس الامن الدولي.. إن الاحصائيات المتناقضة التي تقدم اليوم حول حصيلة الاعوام الخمسة الماضية من حيث عدد القتلى والجرحى بين العراقيين والامريكيين والحلفاء لا ينبغي أن تصرف النظر عن حقيقة أهم وهي أن حجم الخسائر البشرية والمادية تجاوز كل التقديرات.. وأن غالبية سكان المدن العراقية لا يزالون محرومين من الأمن والماء والكهرباء وفرص العلاج والدراسة والعمل في ظروف طبيعية.. وهو وضع لم يتوقعه قادة واشنطن ولندن أنفسهم عند شن الحرب.. مثلما لم يتوقعوا تطور الاوضاع في أفغانستان وفلسطين ولبنان نحو مزيد من التعقيدات الامنية والسياسية بسبب قرارات فوقية فرضتها إدارة بوش الابن على المؤسسات الرسمية والشعبية الامريكية والحليفة.. إن من بين مخاطر الوضع الحالي في العراق وأفغانستان وفلسطين أنه تسبب في بروز ظواهر امنية وسياسية خطيرة جدا في كامل العالم العربي والاسلامي.. ودعم سيناريوهات بروز قوى التطرف والارهاب وأضعف قوى الاعتدال والتسامح والوسطية.. ثقافيا واجتماعيا وسياسيا.. لذلك لا بد أن تبادر واشنطن ولندن وحلفاؤهما باتخاذ الاجراءات السياسية اللازمة لانهاء احتلال الدول المعنية.. بدءا باعلان مبدا سحب القوات الاجنبية وفق برنامج تدريجي.. يضمن عدم استفحال الاوضاع الامنية لا حقا بسبب الفراغ الذي أحدثه التدمير المرتجل لعدد من المؤسسات السياسية والعسكرية السابقة . لقد ولى عهد الايديولوجيات.. في عهد المصالح والعولمة.. وعلى كبار صناع القرار في العالم استخلاص العبرة.. وبدء مرحلة انتقالية تعطى فيها الاولوية لتسوية مخلفات الحضور العسكري الاجنبي في المنطقة .مهما كانت ألوانه.