لعل ما تم الاتفاق بشأنه في قمة أكرا الإفريقية حول أهمية التريث في إقامة الولاياتالمتحدة الإفريقية فيه من الحكمة والتروي وبعد النظر ما يعكس "خطورة " الاقتراح حيث تكمن أهميته في محاولة توحيد إمكانيات وقدرات قارة بأكملها تعد من أكثر القارات دولا وتشهد اقتصادياتها ومجتمعاتها أوضاعا متفاوتة فيما يمر العديد من دولها بأزمات أثرت على شعوبها وعلى احتمالات التعاون والتكامل على الصعيد القاري. فالاقتراح في حد ذاته يمثل أبرز الطرق لإخراج القارة من أوضاعها الراهنة خصوصا في وقت أصبحت فيه التكتلات الاقتصادية عنصرا فاعلا في الاقتصاد العالمي وتحديا يواجه قدرات البلدان النامية في مجال التنمية والمبادلات والمنافسة واقتحام الاسواق، إلا أن القفز على الواقع فيه الكثير من المخاطر.. ذلك أنه لإقامة ولايات متحدة إفريقية لا بد من الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الحالية من مختلف النواحي وتوفير الأرضية الملائمة للمشروع الطموح. ولا شك أن النظر إلى الواقع الإفريقي ككل كفيل بإبراز عديد العوائق التي تحول دون إقامة ولايات متحدة إفريقية على أسس صلبة بل وحتى إقامة حكومة إفريقية إذ يتعين على بعض البلدان أن تكرس مفهوم الدولة في الممارسة اليومية لأن بقاء القبلية والتهميش للأقليات العرقية والمشاكل والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية هو عبء يعرقل تنمية البلدان وبالتالي تبقى مردودية العمل الإفريقي المشترك مؤجلة. وإذا كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية تبرز كمثال للقارة فإن مسيرة أمريكا مختلفة عما تشهده إفريقيا من أوضاع، فحركية المجتمعات في شمال القارة الأمريكية لا تقارن بما هو سائد في إفريقيا من تخلف وتناقضات ثقافية وعرقية وأحيانا تضارب في المصالح إضافة إلى الحروب الأهلية التي برهنت على هشاشة مفهوم الدولة في أكثر من منطقة إفريقية. لا بد من الانتظار لتحقيق الحلم الإفريقي وهو ما يعني مواصلة الإصلاحات العميقة على أصعدة متعددة وتطوير صيغ التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف بين البلدان الإفريقية للوصول إلى الأدنى الكفيل بأن يكون نقطة ارتكاز في أي مشروع يرتئيه الأفارقة لتكتلهم سواء في إطار سوق اقتصادية مشتركة أو اتحاد أو ولايات متحدة. إن التسرع في مثل هذه الحالات لا يمكنه إلا أن يؤدي إلى الفشل ثم اليأس وهو ما لا يتمناه أي افريقي يحرص على التضامن الإفريقي ويأمل في الأفضل لقارة عانت كثيرا من التخلف ومن الاستعمار ومازالت محل تجاذبات مختلفة والمهم النظر لمستقبل القارة بواقعية.