اليوم وعندما تفتتح رسميا اشغال الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة للامم المتحدة بمشاركة نحو مائة وعشرين من رؤساء ورؤساء الحكومات الذين سيتداولون على المنبر الاممي للالقاء خطبهم فان الاكيد ان السؤال الاكثر الحاحا هو ما الذي سيتغير في العالم بعد هذه الدورة وهل سيكون بامكان قادة العالم هذه المرة ان يغادروا ابراج الجمعية الزجاجية وقد اعلنوا الحرب على الفقر والجوع والتخلف والخصاصة وغرسوا بذور الامن والسلم وازالوا اسباب التوترات والصراعات الدموية والحروب والنزاعات والخلافات لاسيما تلك التي تاججت طوال العقد الاخير... لقاءات كثيرة وقمم استثنائية ستعقد على هامش اشغال الجمعية العامة منها ما يتعلق بالتنمية ومواجهة تحديات الالفية بمشاركة فعالة من القطاع الخاص والمجتمع المدني واخرى حول التنمية في افريقيا او كذلك حول الوساطة في فض النزاعات ولاشك ان النتائج وحدها ستكون الحكم في نهاية المطاف في هذه الدورة التي قد لا تختلف عن سابقاتها والتي ينتظر ان تشهد الكثير من التشنج وتصفية الحسابات لا سيما عندما يجد الرئيس الامريكي الذي يستعد للمغادرة نفسه مجبرا على مصافحة الرئيس الجديد للجمعية العامة النيكاراغوي ميغيل ديسكوتو الذي استهل رئاسته للمجلس بهجوم ناري على سياسة الادارة الامريكية في اتباع منهج الحروب لحل النزاعات او كذلك للاستماع لخطاب الرئيس الايراني او نظيره الروسي. كثيرة بالتاكيد هي قائمة الملفات والتحديات التي تنتظر مختلف قادة العالم في الاممالمتحدة التي تعد اكبر هيئة دولية حيث تستنزف المليارات وتشغل الاف الموظفين الذين يستهلكون يوميا اطنانا من الورق ويصدورن من البيانات ما لايمكن حصره وهي قائمة من الملفات ما انفكت تتراكم وتثقل امام تضاؤل دور الاممالمتحدة وتراجع مصداقيتها بعد ان تحولت قراراتها النافذة تلك التي تصدر عن مجلس الامن الدولي فيها لخدمة مصالح القوى الكبرى دون غيرها على حساب الدول المستضعفة فيما تظل قرارات الجمعية العامة غيرالملزمة المتراكمة في ارشيف الاممالمتحدة شاهدا على ازدواجية القرارات وسياسة المكيالين التي تنتهجها الاممالمتحدة في فض الازمات واعلاء مكانة قرارات الشرعية الدولية وارساء العدالة الدولية ورفع اسباب الظلم وحماية حقوق الانسان... ولاشك انه بالاضافة الى مختلف القضايا المطروحة وعلى رأسها القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير ومستقبل السلام في الشرق الاوسط التي توشك ان تتحول الى مجرد رقم في اهتمامات المجتمع الدولي فان ما طرا ويطرا من ازمات جديدة على الساحة الدولية لا يمكن الا ان يؤكد ان هيئة الاممالمتحدة في حاجة لاتقبل التاجيل لمحاسبة نفسها واعادة مراجعة الاهداف التي بعثت من اجلها وتحديد اولوياتها وذلك حتى تتمكن من تبرير وجودها. ان مقارنة بسيطة بين ما امكن تحقيقه منذ الدورة السنوية الاخيرة للجمعية العامة للامم المتحدة وبين الدورة الراهنة من شانه ان يؤكد ان نجاح هذا الهيكل لايمكن ان يقتصر على مشاريع الاغاثة والتدخلات الانسانية في حالات الكوارث وان جهود المنظمة التي حملت على عاتقها مسؤولية الامن والسلم في العالم تتجاوز حدود تقديم رغيف الخبز وعلبة اللبن الى المنكوبين في سيريلانكا او بنغلاديش او كشمير او غيرها من مناطق العالم. وان كان لا احد بامكانه اليوم ان ينكر اهمية مثل تلك المساعدات في حياة المنكوبين فلا احد ايضا بامكانه ان ينكر ان الاهم من كل المساعدات ان تتوفر كل اسباب الامن والاستقرار والعيش الكريم للشعوب حتى تتمكن من تقرير المصير. ان هذه الدورة التي تسبق احياء الذكرى الستين للاعلان العالمي لحقوق الانسان ستكون اعسر اختبار للمجموعة الدولية في انقاذ شعوب العالم من الاسوا ...