منذ مدة تتسابق فيها وسائل الاعلام ("الشمايتية") في تهويل بعض مظاهر الازمة الاقتصادية والمالية في كبرى الدول الصناعية.. بسبب انتشار اشكال متوحشة من المضاربات والممارسات الاحتكارية والفساد المالي والاداري.. والاثراء المشبوه.. في هذا الظرف أجد نفسي من بين المتخوفين من الوقوع في فخ محترفي "التهويل".. لان المبالغة في الحديث عن الازمة المالية الحالية كلمة حق يراد بها باطل.. وهو تبرير ضخ مبالغ خيالية جديدة من أموال الشعوب (والبنوك المركزية) في حسابات البنوك الخاصة والبورصات وشركات التامين ومؤسسات عملاقة متعددة الجنسيات.. وفي كل الحالات.. وبعيدا عن خيار الرضى عن النفس.. او تبني "سياسة النعامة" لا بأس من التنويه بكون خيارات بعض الدول الصغرى جنبتها كثيرا من مظاهر الازمة الحالية.. وانه من المنعش حقا في هذا الظرف.. الذي تتاكد فيه اليقظة الكاملة.. أن يصنف التقرير العالمي السنوي 2008-2009 لمنتدى دافوس الاقتصادي حول التنافسية الاقتصادية تونس" في المرتبة الاولى مغاربيا وافريقيا والرابعة في العالم العربي". كما حصلت تونس على "المرتبة 35 في المؤشر العام للقدرة التنافسية للاقتصاد على الصعيد الدولي وذلك من أصل 134 دولة". التقرير الدولي اعتمد في تصنيفه لهذه السنة جملة من العناصر تتعلق ب"المؤسسات والبنية التحتية واستقرار الاقتصاد الكلي والصحة والتعليم الابتدائي والتعليم العالي والتكوين ونجاعة أسواق الخيرات وجدوى سوق الشغل ودرجة تقنية الاسواق المالية والمهارة التكنولوجية وحجم السوق ومناخ الاعمال والتجديد".. وهذه شهادة جديدة يحق للتونسيين والتونسيات ان يعتزوا بها.. وان يستحثوا همم رجال الاعمال والنقابات العمالية.. المدخرين والمستثمرين والمستهلكين.. حتى يساهم كل طرف في تحسين الاشعاع الاقتصادي لتونس اقليميا ودوليا.. ومن بين ما يدعو الى التفاؤل أنه وفقا لهذا التصنيف تتقدم تونس في محيطها الاقليمي عدة دول مثل البحرين 37 وعمان 38 والاردن 48 والمغرب 73 والجزائر 99 ومصر 81 وليبيا 91 وسوريا 78. كما كان أداء تونس حسب تقرير دافوس السويسري أفضل من بعض دول المنطقة الاوروبية مثل البرتغال 43 وايطاليا 49 واليونان 67. وقد توفقت تونس بفضل هذا الترتيب الى تحسين مجموعها بنقطة مقارنة بالسنة الماضية. هذه المؤشرات وغيرها مشجعة.. في وقت كثر فيه تهاطل برقيات وكالات الانباء عن الافلاس والعجز المالي وانحدار قيمة المعاملات في البورصة وفي اسواق الصرف.. ويحق للتونسيين أن يعتزوا بما تحقق في بلدهم من مكاسب.. وبأن معدل مستوى عيش العائلات والافراد في بلدهم أفضل بكثير من مستوى العيش في بلدان "شقيقة" و"صديقة" لديها مخزون هائل من المعادن والمواد الاولية.. وفي رصيد مصارفها وحساباتها العالمية مئات مليارات من الدولارات.. لكن الفساد هنا وهناك.. وتضارب مصالح بعض القراصنة والسماسرة يجعلها تعيش "على الكفاف".. ودون مستوى عيش التونسيين بكثير..