سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خبراء في القانون يطرحون إشكالية تصور حقوق كونية للإنسان بالتوازي مع احترام الثقافات المختلفة في ملتقى حول «المنظومة الأممية لحقوق الإنسان... ستون سنة بعد صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»:
وزير العدل وحقوق الإنسان: «حماية حقوق الإنسان والنهوض بها جهد يومي مستمر.. والعبرة في الكيفية التي تضمن بها في الواقع المعيش» تونس-الصباح: كان موضوع "المنظومة الأممية لحقوق الإنسان، ستون سنة بعد صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" محور ملتقى نظمته يوم أمس وزارة العدل وحقوق الإنسان بالتعاون مع الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وكرسي بن علي لحوار الحضارات والأديان. حضره إلى جانب مختصين وجامعيين وقضاة من تونس، عدد من الخبراء في القانون منهم السيد ابراهيما فال الأمين العام المساعد السابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والسيد ميقال مارتيناز عضو اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان، والسيد ابراهيم سلامة المسؤول عن قسم المعاهدات بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان. فضلا عن ممثلين عن منظمات غير حكومية. وقد كان الملقى مناسبة لطرح أهم الاشكاليات المتصلة خاصة بالجانب التطبيقي للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكيفية تصور حقوق كونية للإنسان مع احترام الخصوصيات الثقافية للشعوب.. وقال السيد بشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان في افتتاحه الملتقى أن تونس دأبت منذ 1987 على إحياء ذكرى صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تماشيا مع خيارات التغيير وقيمه الجوهرية، وتأكيدا للثوابت الوطنية في هذا المجال ولتعلق بلادنا بكرامة الإنسان وحريته في كل مكان بالعالم. وذكر أن تونس كانت من ضمن الدول المؤسسة لمجلس حقوق الإنسان، والدول الأوائل التي أجرت المراجعة الدورية الشاملة أمام ذات المجلس يوم 8 أفريل 2008 ويوم 9 جوان من نفس السنة وذلك في إطار الآلية الجديدة التي أقرها المجلس تجسيما للنقلة النوعية التي حصلت على المستوى الدولي لدراسة أوضاع حقوق في عمقها الميداني والعملي. وتحدث عن الارتياح الذي حصل بين الوفد التونسي وأعضاء مجلس حقوق الإنسان ومممثلي المنظمات غير الحكومية عند مناقشة تقرير تونس أمام المجلس لما أعربوا عنه من تشجيع ودفع معنوي لتونس، مشيرا إلى أن تنويه المجموعة الدولية بما حققته تونس في مجال حقوق الإنسان " يحملنا مسؤولية أكثر ويدفعها إلى العمل على مزيد الإنجاز في قطاع لا يمكن لأحد أن يدعي فيه الكمال ولا ان ينتصب فيه ملقنا دروسا لغيره بحجة أنه حقق المأمول، مؤكدا على أن حماية الإنسان والنهوض بها جهد يومي مستمر وهي على محك التجربة وأن العبرة في نهاية الأمر هي بالكيفية التي تضمن بها حقوق الإنسان في الواقع المعيش". وأبرز أن أفضل الممارسات هي التي تكون نتيجة تشبع بثقافة حقوق الإنسان سواء تلك التي تحصل مع التفاعل مع الآليات التعاهدية أو غير التعاهدية أو مع كامل المنظومة الأممية لحقوق الإنسان وسائر المنظومات الاقليمية الأخرى. وبين التكاري أن المشهد الدولي اليوم بما عرفه من تطورات متسارعة يؤكد وجود تحديات ومعوقات كونية جديدة تأتي في طليعتها النزعات والاتجاهات التي تبديها بعض المجموعات المتطرفة الرافضة لمبادئ وقيم حقوق الإنسان والناكرة لها أصلا من خلال ما تأتيه من أعمال ارهابية وحشية تتنافى مع أبسط مبادئ وقواعد حقوق الإنسان، إلى جانب انحرافات بعض وسائل الإعلام الفضائية والالكترونية التي تبث خطاب الكراهية وتعصب وعنصرية وتطرف وتشهير بالأديان والدعوات التي ينادي بها البعض بطريقة ضمنية او صريحة لصراع الحضارات والأديان بدل التسامح والحوار والتنوع وتناغم الحضارات وتكاملها. يضاف إليها الآثار السلبية للعولمة وتعمق الفجوة بين بلدان الشمال وبلدان الجنوب وتنامي عديد الآفات الكبرى كالفقر والأمية والمديونية التي خلفت بدورها آثارا اجتماعية خطيرة من بينها البطالة والهجرة السرية. وقال إن في دعوة الرئيس بن علي لإنشاء صندوق عالمي للتضامن لمكافحة الفقر وتقليص الفجوة بين فقراء العالم وأغنيائه وتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذه الدعوة خير دليل على إدراك المجموعة الدولية للحاجة إلى هذه الآلية الجديدة المجسمة لحق البشرية في بناء تنمية متوازنة ومتضامنة. حقوق الإنسان والكونية والخصوصية وكان السيد عبد الفتاح عمر (أستاذ متميز بكلية العلوم القانونية وعضو اللجنة الدولية لحقوق الإنسان) قد ألقى خلال الجلسة الأولى للملتقى مداخلة حول "حقوق الإنسان والكونية والخصوصية" التي أوضح فيها كيف ان "حقوق الإنسان تكون متغيرة في ماهيتها وفي تفسيرها وتطبيقها وفي حمايتها والنهوض بها بتغير المعطيات الثقافية، فتختلف حقوق الإنسان باختلاف التقاليد الثقافية والدينية وباختلاف الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية عموما." وبين أن هذا التمشي يجعل باب الكونية موصودا ويؤول إلى إخفاق المنظومة الدولية لحقوق الإنسان التي تشكل الحد الأدنى من التراضي بين الدول والمجتمعات بين ماهو مشترك وماهو خصوصي. وأبرز المحاضر أن حقوق الإنسان حقوق واحدة وأن الاختلاف في الدين أو المعتقد أو الثقافة عموما لا يخل بوحدة الإنسان ولا بكنه الحقوق، وبالتالي لا يمكن تناول الخصوصية والكونية في مجال حقوق الإنسان من زاوية التجزئة والانقسام..قبل ان يوضح كيف ان مسألة الكونية والخصوصية في مجال حقوق الإنسان تطرح في إطار يتميز بعديد عناصر التحول والتغيير خاصة منذ أواخر القرن الماضي، وبين أن سقوط المعسكر السوفياتي وانتهاء زمن القطبية الثنائية أفرز معطيات جديدة في العلاقات الدولية خاصة في جانب تطور الصلة بين الشعوب من جراء الثورة الاتصالية وتطور تنقل الأشخاص. ففتح الباب أمام تعدد الثقافات وتعايشها وتصارعها في نفس الوقت وهو ما برز في العشرية الأخيرة خاصة من خلال السياسة التي انتهجتها الإدارة الأمريكية ومن خلال العداء للإسلام. وأضاف أن الوضع الجديد أدى إلى تعدد بؤر التوتر وتنوع الصراعات والأزمات..وهو ما يعني حسب المحاضر ان التحولات التي يعيشها العالم اليوم من شأنها أن تساعد على الدعوة إلى التمسك بالهوية، لكن أيضا تؤسس أحيانا للتقوقع والانعزال كتعبير عن عدم التسامح إزاء الغير ورفض له.. وأشار المحاضر إلى أن الأسئلة المتعلقة بالخصوصية والكونية تتأكد وتتجدد على غرار كيفية تصور حقوق كونية للإنسان في عالم تتصارع فيه الثقافات والحضارات، وكيفية احترام الثقافات المختلفة والمتعددة في وقت تتقارب فيه الشعوب وتتعارف. مبرزا في ذات السياق أن إعلان حقوق الإنسان وإن كان من الناحية القانونية مجرد إعلان فاقد للإلزامية القانونية فقد اكتسب مشروعية اتسعت حتى أنه أصبح يشكل المرجع الأول لكونية حقوق الإنسان، مضيفا أن الأغلبية الساحقة للدول قبلت في دساتيرها بحقوق الإنسان وحرياتها وصادقت على أهم المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. لكنه أشار إلى أنه اعتبارا للتيار المنبني على الكونية أو تخوفا منه فقد ارتبطت مجموعات الدول بنصوص دولية خاصة تعبر عن تعميق لحقوق الإنسان أو عن تركيز لخصوصيات ثقافية أو اقتصادية أو سياسية. وبين المحاضر في سياق متصل أن مؤتمر فيانا لحقوق الإنسان أكد على كونية حقوق الإنسان وعدم التمييز بينها أي أنها تفهم برمتها وبترابطها وليس بالإمكان النهوض ببعضها دون الآخر أو على حساب الأخر، أي لا مجال للانتقائية بخصوص احترام حقوق الإنسان فلا يمكن لدولة أن تتذرع بخصوصياتها الثقافية او الاجتماعية لعدم التقيد بحقوق الإنسان أو التقيد بجانب منه دون سواه. رغم أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يعترف باهمية الثقافات الوطنية وبضرورة حمايتها دون أن يكون ذلك مبررا للمس بحقوق الإنسان المتفق بشانها. مداخلات وقد تميزت الجلسة الأولى بإلقاء مداخلة حول "ثقافة حقوق الإنسان والآليات التعاهدية" للسيد ابراهيم سلامة السفير السابق ومسؤول قسم المعاهدات بمجلس حقوق الإنسان بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان. إضافة إلى محاضرة ألقاها الأمين العام المساعد السابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان حول إضافات مؤتمر فيانا للمسار الدولي لحماية حقوق الإنسان، فضلا عن مداخلة حملت عنوان "من لجنة حقوق الإنسان إلى مجلس حقوق الإنسان" للسيد ميقال مارتيناز عضو اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان. حقوق الإنسان في تونس وفي خلال الجلسة الثانية التي اهتمت بحقوق الإنسان في تونس، فقد شهدت إلقاء ثلاث مداخلات تعلقت الأولى ب"تونس والآليات الأممية لحقوق الإنسان" للسيد رضا خماخم المنسق العام لحقوق الإنسان بوزارة العدل وحقوق الإنسان. ثم ألقت السيدة فايزة الكافي رئيسة دائرة المحاسبات مداخلة حول "وضعية المرأة في تونس، ستون سنة بعد صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، قبل أن يتولى السيد حاتم قطران عضو اللجنة الدولية لحقوق الطفل القاء مداخلة حول "تونس والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: النهج الشامل للتضامن".