وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية لدعم التلاميذ وتعزيز الخدمات الرقمية..    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    ملف "التسفير": أحكام بالسجن بين 18 و36 سنة والمراقبة الإدارية لخمسة أعوام    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    مع الشروق : ترامب.. مائة يوم من الفوضى !    أخبار الملعب التونسي : غيابات بالجملة والبدائل مُتوفرة    وزير الشباب والرياضة يستقبل رئيسي النادي الإفريقي والنادي الرياضي البنزرتي    عاجل/ من بيهم علي العريض: أحكام بالسجن بين 18 و36 سنة في حق المتهمين في قضية التسفير..    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    في افتتاح مهرجان الربيع لمسرح الهواة بحمام سوسة... تثمين للمبدعين في غياب المسؤولين    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    لماذا اختار منير نصراوي اسم 'لامين جمال" لابنه؟    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    عاجل/ أمريكا تجدّد غاراتها على اليمن    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    أجور لا تتجاوز 20 دينارًا: واقع العملات الفلاحيات في تونس    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    تعاون ثقافي بين تونس قطر: "ماسح الأحذية" في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    معرض تونس الدولي للكتاب يختتم فعالياته بندوات وتوقيعات وإصدارات جديدة    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    عشر مؤسسات تونسية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات ستشارك في صالون "جيتكس أوروبا"    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    لي جو هو يتولى منصب الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقوق الإنسان عنوان حضاري وضرورة أخلاقيّة وسياسيّة
الرئيس بن علي في موكب الاحتفال بالذكرى الستين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
نشر في الصباح يوم 13 - 12 - 2008

قيم حقوق الإنسان ومبادئها أرفع من أن تكون مطيّة لخدمة مصالح معيّنة
قرطاج (وات) بين الرئيس زين العابدين بن علي في الخطاب الذي ألقاه لدى اشرافه على الموكب الذي انتظم صباح امس الجمعة بمناسبة الاحتفال بالذكرى الستين لصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان ان القرار الاممي بشان الاحتفال بالستينية ينسجم مع سياسة تونس وتوجهاتها منذ التحول من اجل رعاية حقوق الانسان وتطويرها وحمايتها والدفاع عنها.
واوضح في هذا الصدد ان حقوق الانسان عنوان حضاري وضرورة اخلاقية وسياسية لتحقيق انسانية الانسان واستكمال مقومات الكرامة في حياة الشعوب.
كما ذكر رئيس الدولة بكونية حقوق الانسان وبتكاملها مبرزا المكانة التي اصبحت تحتلها حقوق الانسان والقيم الانسانية في الدستور منذ اصلاح 2002 وبالخصوص تكريس الشراكة بين الرجل والمراة وترسيخ مبادىء التضامن والتكافل فضلا عن انتهاج سياسة تؤمن التلازم بين الديمقراطية والتعددية والمشاركة السياسية وبين مسار تنموي شامل تم انتهاجه وفق خطة اصلاحية محكمة.
واكد ان المحطات السياسية القادمة ستكون فرصا متجددة لتعميق مقومات تامين المسار التعددي الديمقراطي من مخاطر الانتكاس والتراجع وذلك خاصة بمزيد ترسيخ الثقافة الديمقراطية فكرا وسلوكا.
كما اكد ان قيم حقوق الانسان ومبادئها ارفع من ان تكون مطية لخدمة مصالح معينة وهي انبل من ان يزج بها في تحقيق الاغراض السياسية واكبر من ان ينصب فيها طرف نفسه مانحا للدروس.
وقد تميز هذا الموكب بتسلم الرئيس زين العابدين بن علي مفتاح القدس الشريف من سماحة الشيخ محمد حسين مفتي فلسطين والديار المقدسة وسماحة الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين وذلك تقديرا من الشعب الفلسطيني لدوره الكبير في دعم قضيته العادلة في مختلف المحافل الدولية والاقليمية.
وكان الموكب مناسبة اسند خلاله الرئيس زين العابدين بن علي الى منتدى برونو كرايسكي للحوار الدولي جائزة التضامن العالمية لرئيس الجمهورية تقديرا لمبادرات هذا المنتدى في مجال تيسير الحوار والتفاهم بين الدول ومساندة العمل الانساني على المستوى العالمي واكبارا للاعمال النبيلة التي ميزت المسيرة السياسية للمستشار برونو كرايسكي وما قام به من عمل من اجل اذكاء قيم العدل والتسامح وتكريس المبادئ الانسانية والقيم الكونية. وقد تسلم الجائزة السيد بيتر كرايسكي نجل المستشار النمساوي الاسبق.
وجرى هذا الموكب بحضور الوزير الاول ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين واعضاء الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي واعضاء الحكومة ومفتي الجمهورية. كما دعي لحضوره الامناء العامون للاحزاب السياسية ورؤساء المنظمات الوطنية والمجالس الاستشارية والهيئات القائمة وعدد من العاملين في مجالات حقوق الانسان والثقافة والاعلام.
وفيما يلي النص الكامل لخطاب الرئيس زين العابدين بن علي:
«بسم الله الرحمان الرحيم
ايها السادة ايتها السيدات
نحيي اليوم مع سائر شعوب العالم الذكرى الستين لصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان. وهي ذكرى متميزة اوليناها كل الاهتمام حيث انتظمت على مدى السنة الماضية بالتعاون بين مختلف الهياكل والجمعيات المهتمة بحقوق الانسان انشطة متنوعة شملت ميادين التربية والتكوين والثقافة والاعلام بغاية مزيد التحسيس والتوعية بتلك الحقوق وبنبل مقاصدها وبابعادها وسبل حمايتها وتكريسها. وهو ما يندرج في اطار القرار الاممي بشان الاحتفال بالستينية وينسجم مع سياسة بلادنا وتوجهاتها منذ التحول من اجل رعاية حقوق الانسان وتطويرها وحمايتها والدفاع عنها.
ونعرب بهذه المناسبة عن اكبارنا للعاملين في مجال حقوق الانسان افرادا ومنظمات وجمعيات وهياكل لما يبذلونه من جهود محمودة في الدفاع عن هذه الحقوق وتكريس مقوماتها.
ويطيب لي في هذه المناسبة ان اعبر عن خالص شكري لسماحة الشيخ محمد حسين مفتي فلسطين والديار المقدسة وسماحة الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين على ما جاء في كلمتيهما من صادق المشاعر تجاه تونس وشعبها وقيادتها وعلى اسنادهما اليّ «مفتاح القدس الشريف» وهو رمز نعتز به ونلمس فيه عمق اواصر المحبة والتضامن التي تجمع شعبينا ومدى التقدير الذي تحظى به بلادنا لدى الشعب الفلسطيني الشقيق.
ونحن نؤكد مجددا موقفنا الثابت الى جانب القضية الفلسطينية العادلة ونصرتنا الدائمة وغير المشروطة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق.
كما اعرب عن شكرى للسيد نعيم الطوباسي نقيب الصحفيين الفلسطينيين على حضوره معنا هذا الموكب وعلى مواقفه الاخوية الدائمة تجاه تونس.
ويسعدني بهذه المناسبة كذلك ان اهنئ السيد بيتر كرايسكي نجل المستشار النمساوى الاسبق برونو كرايسكي بحصول منتدى برونو كرايسكي للحوار الدولي على جائزة التضامن العالمية لرئيس الجمهورية لسنة 2008 لقد قام هذا المنتدى بعدة مبادرات في مجال تيسير الحوار والتفاهم بين الدول وفي حل النزاعات بالطرق السلمية ومساندة العمل الانساني على المستوى العالمي اسوة بما بذله المستشار النمساوى الاسبق من مجهودات جليلة في الغرض وبما كان يتميز به من ايمان قوي بالقيم الكونية المشتركة.
ايها السادة
ايتها السيدات
ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي جاء في اعقاب الحرب العالمية الثانية وما خلفته من ضحايا وويلات غير مسبوقة كان تكريسا لاجماع دول العالم حول اسمى القيم الكونية وانبلها قيم الحرية والكرامة فثبت للبشر مقاصد حضارية ومبادئ انسانية والتزامات اخلاقية لا تختلف حول جوهرها الثقافات والديانات ولا يمكن الحياد عنها او التنازل بشانها او توظيفها لمآرب اخرى سواء على مستوى الافراد او على مستوى الجماعات والدول.
وهي المبادئ والقيم التي حرصنا على تثبيتها في مسار الاصلاح السياسي والبناء الحضاري ببلادنا منذ تغيير السابع من نوفمبر 1987 فلم تمر مرحلة من مسيرتنا دون ان نطور تلك الحقوق وندعم حمايتها ونعزز الياتها في التشريع والممارسة.
وقد عملنا باستمرار على نشر ثقافتها وتعميق الوعي بها وغرسها في نفوس الناشئة عبر برامج التعليم ووسائل الاعلام وفضاءات التثقيف والعمل المدني.
ان حقوق الانسان عنوان حضاري وضرورة اخلاقية وسياسية لتحقيق انسانية الانسان واستكمال مقومات الكرامة في حياة الشعوب فهي التي تعطي للعلاقات بين الافراد من ناحية وبين المواطن والدولة من ناحية اخرى وكذلك بين الدول وبين الشعوب بعدها الانساني المتميز وجوهرها المدني المطلوب ليكون المجتمع البشري مجتمعا انسانيا بحق.
وقد شهد العالم على مدى السنوات الستين الماضية شيوع ثقافة حقوق الانسان ورسوخ مبادئها من خلال المواثيق والعهود الدولية المتتالية وعبر انتشارها واندماجها في التشريعات الوطنية للدولة. وتطورت تلك الحقوق لتشمل مختلف الفئات الاجتماعية باليات خصوصية كالطفل والمراة وذوي الاحتياجات الخاصة وعديد اصناف المهمشين وضحايا الحروب والكوارث الطبيعية والمهاجرين. وتطورت اشكال التصدي لممارسات غير مقبولة كالميز العنصري والتعذيب والعنف ضد المراة واستغلال الاطفال والرق وما شابه ذلك.
وتوسع مجال حقوق الانسان من جيل الى جيل ليشمل الحقوق كافة انطلاقا من الحقوق الاصلية كالحق في الحياة الى اكثر الحقوق تقدما كالحق في بيئة سليمة والحقوق المتصلة بتكنولوجيات الاتصال الحديثة والثقافة الرقمية.
ونحن نؤمن ايمانا راسخا بكونية تلك الحقوق. وكما سبق ان اكدنا فانه لا خصوصية في حقوق الانسان الا في وسائل تفعيلها ونشر ثقافتها بما يراعي اوضاع المجتمعات وطبائع الشعوب.
وقد حرصنا على تثبيت كل تلك المبادئ في الدستور التونسي ضمن تصور شامل ومتكامل يكرس مساواة المراة بالرجل في شراكة تامة متكافئة في كل ميادين الحياة.
ومن خصوصياتنا ان جعلنا من مبدا التضامن قيمة انسانية ورباطا اجتماعيا فاعلا وثيق الاتصال بحقوق الانسان وبمقوماتها الجوهرية وثبتناه في نص الدستور عندما بادرنا باصلاحه سنة 2002.
واذ انتظم منذ ايام ببلادنا مثل كل عام يوم التضامن الوطني باعتباره سنة حميدة نحرص عليها فاني اغتنم هذه المناسبة لاتوجه بالشكر والتقدير الى كل التونسيين والتونسيات افرادا وجماعات ومنظمات وجمعيات ومؤسسات على تبرعهم التلقائي واسهامهم السخي في سبيل ترسيخ التماسك الاجتماعي ودعم علاقات التالف والتازر بين سائر فئات شعبنا.
ان في ذلك ما يعزز مكاسب بلادنا ويدعم ما سجلته على مستوى التنمية البشرية والاقتصادية من نتائج كرست حق كل المواطنين والمواطنات في التمتع بمرافق العيش الاساسية والحصول على اسباب الرزق والرفاه بما جلب لتونس احترام مختلف الاوساط الدولية واكبارها.
ان دستور الجمهورية التونسية ومنذ اصلاح سنة 2002 شامل متكامل في تكريسه لحقوق الانسان باعتبارها ثوابت ملزمة للجميع وفي ترسيخ قيم التضامن والتازر والتسامح بين الافراد والفئات والاجيال وفي تامين الحريات الاساسية للمواطنين والمواطنات والتواصي بمبادئ الديمقراطية والتعددية واحترام دولة القانون والعدالة والمساواة.
اننا اكدنا دوما ان حقوق الانسان في رؤيتنا كل لا يتجزا وان لا مفاضلة بين اصنافها ولا تمييز لاحداها على الاخرى فهي متلازمة تدعم بعضها بعضا وتتكامل في الميادين السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وقد انتهجنا سياسة شمولية الابعاد حرصنا من خلالها على تكريس الديمقراطية والتعددية والمشاركة السياسية وعلى التقدم بها بثبات في كل مرحلة بالتلازم مع مسار التنمية الشاملة والمستديمة التي اقمناها على اسس متينة واصلاحات عميقة مكنت بلادنا اليوم من ان تصبح في المراكز الاكثر تقدما في مختلف التقويمات الدولية وفي ترقيم اكبر المؤسسات العالمية.
واني اذكر بان من اهم ما ركزنا عليه منهجنا الاصلاحي الشامل حرصنا المتواصل على تامين بلادنا ضد مخاطر الانكماش والانغلاق والتغريب التي اضرت بعدة تجارب في العالم واصرارنا الدائم على التقدم بشعبنا بثبات وامان في مسيرة التطوير والتحديث والحوار والتفاهم مع غيرنا من الشعوب والحضارات والثقافات دون قطيعة مع تاريخنا وتراثنا او تنكر لثوابتنا وقيمنا.
ايها السادة
ايتها السيدات
ان ما حققته مسيرة البناء الديمقراطي التعددي ببلادنا من تطور في نسيج الاحزاب السياسية ومن تنوع في سبيل المشاركة في الحياة العامة الى جانب اسهامات المنظمات الوطنية ومكونات المجتمع المدني في تعزيزها واثرائها هي اليوم واقع ملموس لا ينكره ملاحظ نزيه سواء في مؤسساتنا الدستورية او في تشريعاتنا وحياتنا الوطنية او من خلال المحطات الانتخابية وفي الساحة الاعلامية.
ونحن نعتبر ان الطريق مفتوح امام بلادنا لمزيد التقدم على هذا المنهج الذي استغرق لدى بعض الشعوب التي سبقتنا فترات طويلة امتدت على عشرات السنين وتعاقبت خلالها اجيال واجيال.
ونحن عازمون على مزيد الارتقاء بهذا البناء الى الافضل واعون بما يتطلبه من مقومات لتامين مساره ووقايته من مخاطر الانتكاس او التراجع وفي مقدمتها رسوخ الثقافة الديمقراطية بعمق لدى الافراد والجماعات وفي كل مستويات الحياة العامة ومؤسساتها وهياكلها.
وسنعمل على ان تكون المحطات السياسية القادمة وفي مقدمتها الانتخابات الرئاسية والتشريعية والانتخابات البلدية فرصا متجددة لتعميق تلك المقومات ومزيد ترسيخ تلك الثقافة المطلوبة وسلوكياتها.
ان قيم حقوق الانسان ومبادئها ارفع من ان تكون مطية لخدمة مصالح معينة وهي انبل من ان يزج بها في تحقيق الاغراض السياسية واكبر من ان ينصب فيها طرف نفسه مانحا للدروس.
ان عالمنا يعيش اليوم اوضاعا غير انسانية في عديد المناطق بسبب الحروب والافات الطبيعية والاوبئة والجفاف والفقر والامية وتنامي ظواهر التعصب والعنف والارهاب. وهو ما يدعو الجميع الى المبادرة بمعالجة تلك الاوضاع بمقاربة تعطي لحقوق الانسان بعدها الكوني الاصيل وتتناول بالاصلاح الاختلالات القائمة بعيدا عن كل توظيف او انتقائية.
ان تلك الحقوق تفقد كونيتها وبعدها الانساني عندما ينتهك الحق في الحياة في اي بقعة من الارض وعندما يبقى مئات الملايين من البشر تحت عتبة الفقر المدقع او يموت عشرات الملايين من الاطفال تشريدا وجوعا ومرضا.
وقد بادرنا منذ سنوات بطرح مبدإ التضامن العالمي بصفته حلا يسهم في بناء مستقبل افضل للبشرية جمعاء.
واستجابت المجموعة الدولية لمبادرتنا باحداث الصندوق العالمي للتضامن خلال الدورة السابعة والخمسين للجمعية العامة للامم المتحدة في جلستها بتاريخ 20 ديسمبر 2002 والعالم اليوم في حاجة اكثر من اي وقت مضى الى تفعيل هذا المبدأ بحكم تفاقم الفجوة التنموية والرقمية بين دول العالم وداخل المجتمعات بما يهدد الاستقرار والامن العالميين وبما يتضارب مع ما بلغه الانسان من تقدم حضاري ومعرفي وتكنولوجي على جميع الاصعدة.
وقد كنا بادرنا منذ ايام بالدعوة الى جعل سنة 2010 سنة اممية للشباب بعدما نظمناعلى مدى السنة الحالية حوارا شاملا مع الشباب في بلادنا شهد اقبالا غير مسبوق ومشاركة على اوسع نطاق وتوج بميثاق للشباب التونسي تم توقيعه بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين للتغيير.
ونحن نعتبر ان الشباب الذي يمثل المستقبل مازال خارج المشاركة في الحياة الدولية وخارج الاهتمامات الاممية المباشرة ومن الضروري عندما نفكر بمناسبة ستينية الاعلان العالمي لحقوق الانسان في مقاربة متجددة لها افق مستقبلي اكثر تقدما ونجاعة بالنسبة الى البشرية جمعاء من الضروري ان يكون الشباب طرفا فاعلا فيها ليس لاحد ان ينصب نفسه بديلا عنه.
ايها السادة
ايتها السيدات
ان تحقيق الكرامة للجميع قاعدة اساسية لتكريس شمولية حقوق الانسان. لذلك يبقى التشغيل في صدارة اهتماماتنا. وقد اوليناه دوما وفي هذا الظرف بالذات ظرف الازمة العالمية المالية والاقتصادية العناية القصوى للحفاظ على مكاسبنا ومواصلة احداث مواطن الشغل والرزق وفرص المبادرة وخصصنا مجهودا كبيرا للاستثمار في البنية الاساسية ولبعث المؤسسات ودعم تنافسية اقتصادنا الوطني وتاهيل مواردنا البشرية.
كما سنواصل ما دأبنا عليه من سياسات وبرامج مكنت من اخراج المناطق التي كانت على هامش الدورة الاقتصادية من عزلتها واتاحت لكل جهات البلاد مقومات التنمية والحياة الكريمة دون اقصاء او تهميش. ان توازن المجتمع وتماسكه واستقرار البلاد وطمأنينة المواطنين هي من مقومات حقوق الانسان. انه منهجنا منهج الاصلاح النابع من تاريخنا الوطني وجذورنا الحضارية ومن ارادتنا القوية ننجزه بايمان وثبات ونطوره برؤية متفتحة على الحضارة الانسانية وعلى المكاسب التي حققتها البشرية في سائر المجتمعات وفي ظل مختلف الثقافات.
انه خيارنا لتبقى تونس بلد الحضارة والتسامح وبلدا مشعا على محيطه عزيزا منيعا متقدما.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.