مع الشروق .. قمّة بكين ... وبداية تشكّل نظام دولي جديد    انطلاقا من غرة جوان: 43 د السعر الأقصى للكلغ الواحد من لحم الضأن    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي "أكوا باور"    توقيع مذكرة تفاهم تونسية سعودية لتطوير مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس    شهداء وجرحى في قصف لقوات الاحتلال على مدينة غزة..    بطاقتا إيداع بالسجن ضد أجنبيين تورّطا في تنظيم عمليات دخول أفارقة لتونس بطرق غير نظامية    بداية من اليوم: خدمة جديدة للمنخرطين بال'كنام' والحاصلين على الهوية الرقمية    صفاقس: إيقاف 21 افريقيا وصاحب منزل أثر معركة بالاسلحة البيضاء    جنيف: وزير الصحة يؤكد أهمية تعزيز قدرات الدول الإفريقية في مجال تصنيع اللّقاحات    عاجل/ هذا ما قرّرته 'الفيفا' بشأن المكتب الجامعي الحالي    وزارة الصناعة: توقيع اتفاقية تعاون بين أعضاء شبكة المؤسسات الأوروبية "EEN Tunisie"    مفقودة منذ سنتين: الصيادلة يدعون لتوفير أدوية الإقلاع عن التدخين    كلاسيكو شوط بشوط وهدف قاتل    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    بالفيديو: بطل عالم تونسي ''يحرق'' من اليونان الى إيطاليا    مراسم استقبال رسمية على شرف رئيس الجمهورية وحرمه بمناسبة زيارة الدولة التي يؤديها إلى الصين (فيديو)    عاجل/ فرنسا: إحباط مخطّط لمهاجمة فعاليات كرة قدم خلال الأولمبياد    وزارة المرأة تحذّر مؤسسات الطفولة من استغلال الأطفال في 'الشعوذة الثقافية'    بن عروس: حجز أجهزة اتصالات الكترونيّة تستعمل في الغشّ في الامتحانات    بطاقة إيداع بالسجن ضدّ منذر الونيسي    مجلس نواب الشعب: جلسة استماع حول مقترح قانون الفنان والمهن الفنية    رئيس لجنة الفلاحة يؤكد إمكانية زراعة 100 ألف هكتار في الجنوب التونسي    المنتخب الوطني يشرع اليوم في التحضيرات إستعدادا لتصفيات كأس العالم 2026    النادي الصفاقسي في ضيافة الاتحاد الرياضي المنستيري    الرئيس الصيني يقيم استقبالا خاصا للرئيس قيس سعيّد    قبلي : تنظيم اجتماع تشاوري حول مستجدات القطاع الثقافي وآفاق المرحلة القادمة    وزير التعليم العالي: نحو التقليص من الشعب ذات الآفاق التشغيلية المحدودة    عاجل/ حريق ثاني في حقل قمح بجندوبة    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    منظمة الصحة العالمية تمنح وزير التعليم العالي التونسي ميدالية جائزة مكافحة التدخين لسنة 2024    صفاقس: وفاة امرأتين وإصابة 11 راكبا في اصطدام حافلة ليبية بشاحنة    تطاوين: البنك التونسي للتضامن يقرّ جملة من التمويلات الخصوصية لفائدة فلاحي الجهة    بمشاركة اكثر من 300 مؤسسة:تونس وتركيا تنظمان بإسطنبول أول منتدى للتعاون.    رولان غاروس: إسكندر المنصوري يتأهل الى الدور الثاني لمسابقة الزوجي    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    آخر مستجدات قضية عمر العبيدي..    الانتقال الطاقي: مشروع للضخ بقدرة 400 ميغاواط    انتخاب التونسي صالح الهمامي عضوا بلجنة المعايير الصحية لحيوانات اليابسة بالمنظمة العالمية للصحة الحيوانية    رولان غاروس: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 34 عالميا    حادث مروع بين حافلة ليبية وشاحنة في صفاقس..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    بعد الظهر: أمطار ستشمل هذه المناطق    جبنيانة: الإطاحة بعصابة تساعد الأجانب على الإقامة غير الشرعية    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الأوروغوياني كافاني يعلن اعتزاله اللعب دوليا    عاجل/بعد سوسة: رجة أرضية ثانية بهذه المنطقة..    إلغاء بقية برنامج زيارة الصحفي وائل الدحدوح إلى تونس    تونس والجزائر توقعان اتفاقية للتهيئة السياحية في ظلّ مشاركة تونسية هامّة في صالون السياحة والأسفار بالجزائر    بنزرت: الرواية الحقيقية لوفاة طبيب على يدي ابنه    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    منبر الجمعة .. لا يدخل الجنة قاطع صلة الرحم !    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    شقيقة كيم: "بالونات القمامة" هدايا صادقة للكوريين الجنوبيين    محكمة موسكو تصدر قرارا بشأن المتهمين بهجوم "كروكوس" الإرهابي    مدينة الثقافة.. بيت الرواية يحتفي ب "أحبها بلا ذاكرة"    الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع .. فنانون من 11 بلدا يجوبون 10 ولايات    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقوق الإنسان عنوان حضاري وضرورة أخلاقيّة وسياسيّة
الرئيس بن علي في موكب الاحتفال بالذكرى الستين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
نشر في الصباح يوم 13 - 12 - 2008

قيم حقوق الإنسان ومبادئها أرفع من أن تكون مطيّة لخدمة مصالح معيّنة
قرطاج (وات) بين الرئيس زين العابدين بن علي في الخطاب الذي ألقاه لدى اشرافه على الموكب الذي انتظم صباح امس الجمعة بمناسبة الاحتفال بالذكرى الستين لصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان ان القرار الاممي بشان الاحتفال بالستينية ينسجم مع سياسة تونس وتوجهاتها منذ التحول من اجل رعاية حقوق الانسان وتطويرها وحمايتها والدفاع عنها.
واوضح في هذا الصدد ان حقوق الانسان عنوان حضاري وضرورة اخلاقية وسياسية لتحقيق انسانية الانسان واستكمال مقومات الكرامة في حياة الشعوب.
كما ذكر رئيس الدولة بكونية حقوق الانسان وبتكاملها مبرزا المكانة التي اصبحت تحتلها حقوق الانسان والقيم الانسانية في الدستور منذ اصلاح 2002 وبالخصوص تكريس الشراكة بين الرجل والمراة وترسيخ مبادىء التضامن والتكافل فضلا عن انتهاج سياسة تؤمن التلازم بين الديمقراطية والتعددية والمشاركة السياسية وبين مسار تنموي شامل تم انتهاجه وفق خطة اصلاحية محكمة.
واكد ان المحطات السياسية القادمة ستكون فرصا متجددة لتعميق مقومات تامين المسار التعددي الديمقراطي من مخاطر الانتكاس والتراجع وذلك خاصة بمزيد ترسيخ الثقافة الديمقراطية فكرا وسلوكا.
كما اكد ان قيم حقوق الانسان ومبادئها ارفع من ان تكون مطية لخدمة مصالح معينة وهي انبل من ان يزج بها في تحقيق الاغراض السياسية واكبر من ان ينصب فيها طرف نفسه مانحا للدروس.
وقد تميز هذا الموكب بتسلم الرئيس زين العابدين بن علي مفتاح القدس الشريف من سماحة الشيخ محمد حسين مفتي فلسطين والديار المقدسة وسماحة الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين وذلك تقديرا من الشعب الفلسطيني لدوره الكبير في دعم قضيته العادلة في مختلف المحافل الدولية والاقليمية.
وكان الموكب مناسبة اسند خلاله الرئيس زين العابدين بن علي الى منتدى برونو كرايسكي للحوار الدولي جائزة التضامن العالمية لرئيس الجمهورية تقديرا لمبادرات هذا المنتدى في مجال تيسير الحوار والتفاهم بين الدول ومساندة العمل الانساني على المستوى العالمي واكبارا للاعمال النبيلة التي ميزت المسيرة السياسية للمستشار برونو كرايسكي وما قام به من عمل من اجل اذكاء قيم العدل والتسامح وتكريس المبادئ الانسانية والقيم الكونية. وقد تسلم الجائزة السيد بيتر كرايسكي نجل المستشار النمساوي الاسبق.
وجرى هذا الموكب بحضور الوزير الاول ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين واعضاء الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي واعضاء الحكومة ومفتي الجمهورية. كما دعي لحضوره الامناء العامون للاحزاب السياسية ورؤساء المنظمات الوطنية والمجالس الاستشارية والهيئات القائمة وعدد من العاملين في مجالات حقوق الانسان والثقافة والاعلام.
وفيما يلي النص الكامل لخطاب الرئيس زين العابدين بن علي:
«بسم الله الرحمان الرحيم
ايها السادة ايتها السيدات
نحيي اليوم مع سائر شعوب العالم الذكرى الستين لصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان. وهي ذكرى متميزة اوليناها كل الاهتمام حيث انتظمت على مدى السنة الماضية بالتعاون بين مختلف الهياكل والجمعيات المهتمة بحقوق الانسان انشطة متنوعة شملت ميادين التربية والتكوين والثقافة والاعلام بغاية مزيد التحسيس والتوعية بتلك الحقوق وبنبل مقاصدها وبابعادها وسبل حمايتها وتكريسها. وهو ما يندرج في اطار القرار الاممي بشان الاحتفال بالستينية وينسجم مع سياسة بلادنا وتوجهاتها منذ التحول من اجل رعاية حقوق الانسان وتطويرها وحمايتها والدفاع عنها.
ونعرب بهذه المناسبة عن اكبارنا للعاملين في مجال حقوق الانسان افرادا ومنظمات وجمعيات وهياكل لما يبذلونه من جهود محمودة في الدفاع عن هذه الحقوق وتكريس مقوماتها.
ويطيب لي في هذه المناسبة ان اعبر عن خالص شكري لسماحة الشيخ محمد حسين مفتي فلسطين والديار المقدسة وسماحة الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين على ما جاء في كلمتيهما من صادق المشاعر تجاه تونس وشعبها وقيادتها وعلى اسنادهما اليّ «مفتاح القدس الشريف» وهو رمز نعتز به ونلمس فيه عمق اواصر المحبة والتضامن التي تجمع شعبينا ومدى التقدير الذي تحظى به بلادنا لدى الشعب الفلسطيني الشقيق.
ونحن نؤكد مجددا موقفنا الثابت الى جانب القضية الفلسطينية العادلة ونصرتنا الدائمة وغير المشروطة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق.
كما اعرب عن شكرى للسيد نعيم الطوباسي نقيب الصحفيين الفلسطينيين على حضوره معنا هذا الموكب وعلى مواقفه الاخوية الدائمة تجاه تونس.
ويسعدني بهذه المناسبة كذلك ان اهنئ السيد بيتر كرايسكي نجل المستشار النمساوى الاسبق برونو كرايسكي بحصول منتدى برونو كرايسكي للحوار الدولي على جائزة التضامن العالمية لرئيس الجمهورية لسنة 2008 لقد قام هذا المنتدى بعدة مبادرات في مجال تيسير الحوار والتفاهم بين الدول وفي حل النزاعات بالطرق السلمية ومساندة العمل الانساني على المستوى العالمي اسوة بما بذله المستشار النمساوى الاسبق من مجهودات جليلة في الغرض وبما كان يتميز به من ايمان قوي بالقيم الكونية المشتركة.
ايها السادة
ايتها السيدات
ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي جاء في اعقاب الحرب العالمية الثانية وما خلفته من ضحايا وويلات غير مسبوقة كان تكريسا لاجماع دول العالم حول اسمى القيم الكونية وانبلها قيم الحرية والكرامة فثبت للبشر مقاصد حضارية ومبادئ انسانية والتزامات اخلاقية لا تختلف حول جوهرها الثقافات والديانات ولا يمكن الحياد عنها او التنازل بشانها او توظيفها لمآرب اخرى سواء على مستوى الافراد او على مستوى الجماعات والدول.
وهي المبادئ والقيم التي حرصنا على تثبيتها في مسار الاصلاح السياسي والبناء الحضاري ببلادنا منذ تغيير السابع من نوفمبر 1987 فلم تمر مرحلة من مسيرتنا دون ان نطور تلك الحقوق وندعم حمايتها ونعزز الياتها في التشريع والممارسة.
وقد عملنا باستمرار على نشر ثقافتها وتعميق الوعي بها وغرسها في نفوس الناشئة عبر برامج التعليم ووسائل الاعلام وفضاءات التثقيف والعمل المدني.
ان حقوق الانسان عنوان حضاري وضرورة اخلاقية وسياسية لتحقيق انسانية الانسان واستكمال مقومات الكرامة في حياة الشعوب فهي التي تعطي للعلاقات بين الافراد من ناحية وبين المواطن والدولة من ناحية اخرى وكذلك بين الدول وبين الشعوب بعدها الانساني المتميز وجوهرها المدني المطلوب ليكون المجتمع البشري مجتمعا انسانيا بحق.
وقد شهد العالم على مدى السنوات الستين الماضية شيوع ثقافة حقوق الانسان ورسوخ مبادئها من خلال المواثيق والعهود الدولية المتتالية وعبر انتشارها واندماجها في التشريعات الوطنية للدولة. وتطورت تلك الحقوق لتشمل مختلف الفئات الاجتماعية باليات خصوصية كالطفل والمراة وذوي الاحتياجات الخاصة وعديد اصناف المهمشين وضحايا الحروب والكوارث الطبيعية والمهاجرين. وتطورت اشكال التصدي لممارسات غير مقبولة كالميز العنصري والتعذيب والعنف ضد المراة واستغلال الاطفال والرق وما شابه ذلك.
وتوسع مجال حقوق الانسان من جيل الى جيل ليشمل الحقوق كافة انطلاقا من الحقوق الاصلية كالحق في الحياة الى اكثر الحقوق تقدما كالحق في بيئة سليمة والحقوق المتصلة بتكنولوجيات الاتصال الحديثة والثقافة الرقمية.
ونحن نؤمن ايمانا راسخا بكونية تلك الحقوق. وكما سبق ان اكدنا فانه لا خصوصية في حقوق الانسان الا في وسائل تفعيلها ونشر ثقافتها بما يراعي اوضاع المجتمعات وطبائع الشعوب.
وقد حرصنا على تثبيت كل تلك المبادئ في الدستور التونسي ضمن تصور شامل ومتكامل يكرس مساواة المراة بالرجل في شراكة تامة متكافئة في كل ميادين الحياة.
ومن خصوصياتنا ان جعلنا من مبدا التضامن قيمة انسانية ورباطا اجتماعيا فاعلا وثيق الاتصال بحقوق الانسان وبمقوماتها الجوهرية وثبتناه في نص الدستور عندما بادرنا باصلاحه سنة 2002.
واذ انتظم منذ ايام ببلادنا مثل كل عام يوم التضامن الوطني باعتباره سنة حميدة نحرص عليها فاني اغتنم هذه المناسبة لاتوجه بالشكر والتقدير الى كل التونسيين والتونسيات افرادا وجماعات ومنظمات وجمعيات ومؤسسات على تبرعهم التلقائي واسهامهم السخي في سبيل ترسيخ التماسك الاجتماعي ودعم علاقات التالف والتازر بين سائر فئات شعبنا.
ان في ذلك ما يعزز مكاسب بلادنا ويدعم ما سجلته على مستوى التنمية البشرية والاقتصادية من نتائج كرست حق كل المواطنين والمواطنات في التمتع بمرافق العيش الاساسية والحصول على اسباب الرزق والرفاه بما جلب لتونس احترام مختلف الاوساط الدولية واكبارها.
ان دستور الجمهورية التونسية ومنذ اصلاح سنة 2002 شامل متكامل في تكريسه لحقوق الانسان باعتبارها ثوابت ملزمة للجميع وفي ترسيخ قيم التضامن والتازر والتسامح بين الافراد والفئات والاجيال وفي تامين الحريات الاساسية للمواطنين والمواطنات والتواصي بمبادئ الديمقراطية والتعددية واحترام دولة القانون والعدالة والمساواة.
اننا اكدنا دوما ان حقوق الانسان في رؤيتنا كل لا يتجزا وان لا مفاضلة بين اصنافها ولا تمييز لاحداها على الاخرى فهي متلازمة تدعم بعضها بعضا وتتكامل في الميادين السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وقد انتهجنا سياسة شمولية الابعاد حرصنا من خلالها على تكريس الديمقراطية والتعددية والمشاركة السياسية وعلى التقدم بها بثبات في كل مرحلة بالتلازم مع مسار التنمية الشاملة والمستديمة التي اقمناها على اسس متينة واصلاحات عميقة مكنت بلادنا اليوم من ان تصبح في المراكز الاكثر تقدما في مختلف التقويمات الدولية وفي ترقيم اكبر المؤسسات العالمية.
واني اذكر بان من اهم ما ركزنا عليه منهجنا الاصلاحي الشامل حرصنا المتواصل على تامين بلادنا ضد مخاطر الانكماش والانغلاق والتغريب التي اضرت بعدة تجارب في العالم واصرارنا الدائم على التقدم بشعبنا بثبات وامان في مسيرة التطوير والتحديث والحوار والتفاهم مع غيرنا من الشعوب والحضارات والثقافات دون قطيعة مع تاريخنا وتراثنا او تنكر لثوابتنا وقيمنا.
ايها السادة
ايتها السيدات
ان ما حققته مسيرة البناء الديمقراطي التعددي ببلادنا من تطور في نسيج الاحزاب السياسية ومن تنوع في سبيل المشاركة في الحياة العامة الى جانب اسهامات المنظمات الوطنية ومكونات المجتمع المدني في تعزيزها واثرائها هي اليوم واقع ملموس لا ينكره ملاحظ نزيه سواء في مؤسساتنا الدستورية او في تشريعاتنا وحياتنا الوطنية او من خلال المحطات الانتخابية وفي الساحة الاعلامية.
ونحن نعتبر ان الطريق مفتوح امام بلادنا لمزيد التقدم على هذا المنهج الذي استغرق لدى بعض الشعوب التي سبقتنا فترات طويلة امتدت على عشرات السنين وتعاقبت خلالها اجيال واجيال.
ونحن عازمون على مزيد الارتقاء بهذا البناء الى الافضل واعون بما يتطلبه من مقومات لتامين مساره ووقايته من مخاطر الانتكاس او التراجع وفي مقدمتها رسوخ الثقافة الديمقراطية بعمق لدى الافراد والجماعات وفي كل مستويات الحياة العامة ومؤسساتها وهياكلها.
وسنعمل على ان تكون المحطات السياسية القادمة وفي مقدمتها الانتخابات الرئاسية والتشريعية والانتخابات البلدية فرصا متجددة لتعميق تلك المقومات ومزيد ترسيخ تلك الثقافة المطلوبة وسلوكياتها.
ان قيم حقوق الانسان ومبادئها ارفع من ان تكون مطية لخدمة مصالح معينة وهي انبل من ان يزج بها في تحقيق الاغراض السياسية واكبر من ان ينصب فيها طرف نفسه مانحا للدروس.
ان عالمنا يعيش اليوم اوضاعا غير انسانية في عديد المناطق بسبب الحروب والافات الطبيعية والاوبئة والجفاف والفقر والامية وتنامي ظواهر التعصب والعنف والارهاب. وهو ما يدعو الجميع الى المبادرة بمعالجة تلك الاوضاع بمقاربة تعطي لحقوق الانسان بعدها الكوني الاصيل وتتناول بالاصلاح الاختلالات القائمة بعيدا عن كل توظيف او انتقائية.
ان تلك الحقوق تفقد كونيتها وبعدها الانساني عندما ينتهك الحق في الحياة في اي بقعة من الارض وعندما يبقى مئات الملايين من البشر تحت عتبة الفقر المدقع او يموت عشرات الملايين من الاطفال تشريدا وجوعا ومرضا.
وقد بادرنا منذ سنوات بطرح مبدإ التضامن العالمي بصفته حلا يسهم في بناء مستقبل افضل للبشرية جمعاء.
واستجابت المجموعة الدولية لمبادرتنا باحداث الصندوق العالمي للتضامن خلال الدورة السابعة والخمسين للجمعية العامة للامم المتحدة في جلستها بتاريخ 20 ديسمبر 2002 والعالم اليوم في حاجة اكثر من اي وقت مضى الى تفعيل هذا المبدأ بحكم تفاقم الفجوة التنموية والرقمية بين دول العالم وداخل المجتمعات بما يهدد الاستقرار والامن العالميين وبما يتضارب مع ما بلغه الانسان من تقدم حضاري ومعرفي وتكنولوجي على جميع الاصعدة.
وقد كنا بادرنا منذ ايام بالدعوة الى جعل سنة 2010 سنة اممية للشباب بعدما نظمناعلى مدى السنة الحالية حوارا شاملا مع الشباب في بلادنا شهد اقبالا غير مسبوق ومشاركة على اوسع نطاق وتوج بميثاق للشباب التونسي تم توقيعه بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين للتغيير.
ونحن نعتبر ان الشباب الذي يمثل المستقبل مازال خارج المشاركة في الحياة الدولية وخارج الاهتمامات الاممية المباشرة ومن الضروري عندما نفكر بمناسبة ستينية الاعلان العالمي لحقوق الانسان في مقاربة متجددة لها افق مستقبلي اكثر تقدما ونجاعة بالنسبة الى البشرية جمعاء من الضروري ان يكون الشباب طرفا فاعلا فيها ليس لاحد ان ينصب نفسه بديلا عنه.
ايها السادة
ايتها السيدات
ان تحقيق الكرامة للجميع قاعدة اساسية لتكريس شمولية حقوق الانسان. لذلك يبقى التشغيل في صدارة اهتماماتنا. وقد اوليناه دوما وفي هذا الظرف بالذات ظرف الازمة العالمية المالية والاقتصادية العناية القصوى للحفاظ على مكاسبنا ومواصلة احداث مواطن الشغل والرزق وفرص المبادرة وخصصنا مجهودا كبيرا للاستثمار في البنية الاساسية ولبعث المؤسسات ودعم تنافسية اقتصادنا الوطني وتاهيل مواردنا البشرية.
كما سنواصل ما دأبنا عليه من سياسات وبرامج مكنت من اخراج المناطق التي كانت على هامش الدورة الاقتصادية من عزلتها واتاحت لكل جهات البلاد مقومات التنمية والحياة الكريمة دون اقصاء او تهميش. ان توازن المجتمع وتماسكه واستقرار البلاد وطمأنينة المواطنين هي من مقومات حقوق الانسان. انه منهجنا منهج الاصلاح النابع من تاريخنا الوطني وجذورنا الحضارية ومن ارادتنا القوية ننجزه بايمان وثبات ونطوره برؤية متفتحة على الحضارة الانسانية وعلى المكاسب التي حققتها البشرية في سائر المجتمعات وفي ظل مختلف الثقافات.
انه خيارنا لتبقى تونس بلد الحضارة والتسامح وبلدا مشعا على محيطه عزيزا منيعا متقدما.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.