بعد مصادقة مجلس الشيوخ الأمريكي على قرار الرئيس أوباما بتعيينها في منصب وزيرة الخارجية، ستواجه سيدة أمريكا الأولى سابقا هيلاري كلينتون تحديات هائلة في الخارج تتصدرها القضية الفلسطينية بكل تجاذباتها الإقليمية وحربي العراق وأفغانستان والتوتر السائد بين الهند وباكستان، فضلا عن التهديدات الارهابية في العالم والتي عادت الى الواجهة مع هجمات مومباي الهندية منذ شهرين. وتعتبر وزيرة الخارجية الجديدة والتي تعتمد الى حد كبير على الدعم الخارجي بفضل السمعة المعتدلة في العالم التي خلّفها زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون، امرأة صلبة صاحبة شخصية قوية ولا تستسلم رغم ما ينتظرها من تحديات هائلة على الصعيد الخارجي. لقد وعد أوباما خلال حملته الانتخابية بإحداث تغيير جذري، وهذا الأمر قد ينسحب على الملفات الدولية الشائكة، ومنها الحرب في العراق والتي باشر الرئيس الجديد طرحها على المسؤولين العسكريين الأمريكيين منذ اليوم الثاني بعد تنصيبه.. ومنها كذلك معتقل «غوانتنامو» الذي أمر بتجميد محاكمات من فيه من السجناء واعتزام غلقه نهائيا خلال سنة من الآن. ونظرا لطابع البراغماتية التي قد تتسم بها سياسة أوباما الخارجية بناء على وعود انتخابية سابقة، فإن هيلاري كلينتون ستواجه تطلعات كبيرة من قبل العالم الذي رحب آنذاك بهذه الوعود وينتظر أن توضع قيد التنفيذ. لقد وعدت وزيرة الخارجية وهي تودع مجلس الشيوخ بعد قبولها هذا المنصب بأنها «ستعمل على نشر السلام والرخاء والتقدم في العالم..» مقرّة في الوقت ذاته بجسامة التحديات التي تنتظرها. وفي هذا السياق تعتبر القضية الفلسطينية من الأولويات المطروحة في هذا الظرف بعد الويلات التي عاشها سكان غزة والحرب الاسرائيلية المدمرة ضمن سلسلة من الحروب على امتداد ستة عقود متواصلة. وحتى إن لم تفصح الإدارة الأمريكيةالجديدة عن سياستها تجاه منطقة الشرق الأوسط الى حد الآن، فإن الإعلان عن تعيين السيناتور المتقاعد جورج ميتشيل مبعوثا الى الشرق الأوسط وهو الذي ساهم في صنع السلام في إيرلندا الشمالية منذ سنوات قد يعجّل بتناول هذا الملف، والتباحث بشأنه مع الأطراف المعنية. وهذا التعيين قد يساعد ايضا هيلاري كلينتون على تذليل بعض الصعوبات، وهي الخبيرة التي عوّلت كثيرا على السياسة الخارجية كأحد أبرز محاور حملتها الرئاسية في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وهي التي لم تتردد آنذاك في مهاجمة منافسها أوباما متهمة إياه خصوصا بالافتقار الى الخبرة في مجال السياسة الخارجية.