عديد التّجار لا يخضعون الموازين للمراقبة ممّا يثير شكوكا حول صلوحيتها تونس الصباح: تتولى وزارة التجارة والصناعات التقليدية عبر الهياكل التابعة لها وذات الاختصاص، تنظيم حملة سنوية يتم خلالها مراقبة المكاييل والموازين المعتمدة في السوق على اختلاف أنواعها وأحجامها. وهذا الاجراء الذي يتم سنويا، وفي كافة جهات البلاد، وفي كل القطاعات التي تعتمد المكاييل والموازين في نشاطها وتعاملاتها، يبرز الحرص على سلامة وشفافية المعاملات عبر هذه الآليات. لكن هل تخضع كل آلات الوزن والكيل المعتمدة في السوق إلى هذه المراقبة وتجديد طبعها على أساس أنها صالحة للاستعمال؟ هل أن تلك الموازين المتداولة بين أيدي التجار المتجولين تخضع لهذا الاجراء؟ ولماذا لم يتم اللجوء للموازين والمكاييل الالكترونية الدقيقة لتجاوز هذا الاشكال بصورة نهائية، وبقى اعتمادها من طرف التجار اختياريا؟ المكاييل والموازين ومشهد السوق اليومي لا يخلو أي محل تجاري " عطارا" كان، أو بائع خضر وغلال، أو جزار أو غيره ممن يمتهن تجارة تفصيل أو جملة من اعتماد آلة للوزن أو الكيل. وعلى هذا الاساس تنتشر هذه الآلات على نطاق واسع في السوق، وهي تمثل الفيصل في إعطاء كل من التاجر والحريف حقه في الحصول على مبتغاه من هذه المادة أو تلك دون نقص أو زيادة. ولعلنا لو عدنا بالحديث عن آلات الوزن والكيل للاحظنا أولا أنها تعد بمئات الالاف، وتتداول أو يقع اعتمادها في أغلب المهن التجارية ونقاط البيع من أصغرها إلى أكبرها حجما، وهكذا لا يمكن أن يستغني عنها أي كان ينشط في الحقل التجاري، كما لا يمكن تحديد أماكن استعمالها بشكل دقيق، ولا أيضا المتعاملين بها أينما كانوا. من هذا المنطلق تطرح جملة من الاسئلة حول إحكام مراقبتها بشكل دقيق وكلي، وأيضا طبعها في كل سنة للتنصيص على صلاحيتها وسلامتها وشفافية التعامل من خلالها. فماذا عن اللبس والشك الذي يحصل حول بعضها في السوق، وأنواع الغش الذي يتم من خلالها؟ وماذا عن تداولها من طرف بعض التجار دون اخضاعها لدورية مراقبتها السنوية؟ الحريف في ريبة من الميزان إن أكثر ما يشد انتباه الحريف لدى تعامله من التاجر، وأي تاجر كان، هما جانبان الاول يتصل بنوعية السلع وما إذا كان ما تناولته يد التاجر سليمة، والثاني هو حالة الميزان، وآلة الوزن ذاتها. ففي كلا الحالتين يحصل عادة اللبس والغش، حيث كثيرا ما تكون نوعية السلع غير مرضية، وكثيرا ما تعتمد أساليب التطفيف في الميزان. وكلا الحالتين ناتج عن مهارة التاجر وخفة حركته وبراعته في الغش، وعدم انتباه الحريف لحظة أتمام عملية الشراء. ويتفنن العديد من تجار البيع بالتفصيل وخاصة منهم باعة الخضر والغلال في اعتماد أساليب التحايل والغش، كأننا بهم لا يحلوا لهم العمل الا إذا كان مشوبا بالغش والمغالطة. فبعضهم تراه يعرض سلعه بشكل يكون ظاهره سليم، وما خفى منه عديم، والبعض الاخر يعتمد موازين لا تعطي وزنا دقيقا وسليما. ولعل مجالات الغش تكون أكبر واكثر وضوحا وفظاعة مع أولئك الباعة المتجولين، حيث تراهم يعمدون عنوة، وكأنه لا يحلو لهم النشاط التجاري دون التحايل على الحريف، أما من خلال دس بعض السلع غير السليمة، أو سرقته خلال عملية الوزن باعتماد موازين غير صالحة للعمل. هذه هي الظاهر ة العامة التي بات يرتاب منها المواطن، خلال عمليات الشراء التي يتخللها وزن، وتقوم على اعتماد مكيال أو ميزان، خاصة في ما تعلق بالمواد الاستهلاكية اليومية الموزونة. ولعلنا لو عدنا إلى الغش ومظاهره التي باتت تحصل يوميا على نطاق هام، وتسجلها مصالح المراقبة الاقتصادية، ويتظلم المواطن منها لدى الامن، أو مصالح جمعية الدفاع عن المستهلك، لثبت لنا أن آلات الوزن تسهم بشكل بارز فيها، أما باعتماد العديد منها غير الصالح للعمل، وبالتالي غير المراقب دوريا، أو تهرب معتمديها عنوة من عملية مراقبة المكاييل والموازين، وكذلك أيضا لما تحاط به من حيل لتصبح غير عاكسة للوزن الصحيح المطلوب. الحل في اعتماد المكاييل والموازين الالكترونية إن القطاع التجاري على اختلاف أنشطته مازال يعتمد المكاييل والموازين التقليدية التي ظهرت منذ أكثر من قرن، ولان تبقى هذه الالات معتمدة ويمكنها أن تكون سليمة، فإنه قد حان الوقت لاعتماد العصري منها الذي ظهر في العشريات الاخيرة، ونقصد بذلك الموازين الالكترونية ذات المواصفات العالية. فهل تتولى سلط الاشراف على القطاع التجاري إلزام القطاع باعتماد هذه الموازين حتى يقع تجاوز اشكالية ضبط الموازين التقليدية سنويا، وتنزع ظاهرة الريبة منها، ومن التعامل بها من السوق؟