قراءة هادئة لدلالات نتائج الانتخابات تونس الصباح استكمل المحامون اختيار هيئتهم الوطنية الجديدة بعد ان قام المؤتمر الوطني بانتخاب الاستاذ البشير الصيد على رأس الهيئة واختار اعضاء الهيئة الذين يتم التصويت عليهم في المؤتمر الوطني.. واكتملت العملية بعقد مؤتمراتالفروع التي اصبح رؤساؤها وكتابها العامون بصفة آلية اعضاء في الهيئة الوطنية وفقا للنظام الداخلي للهيئة.. هذه الانتخابات التي سال حبر كبير حولها قبل المؤتمر الوطني للمحامين باكثر من عام واثناء انعقاده وبعده.. افرزت هيئة جديدة اعلنت أن اولوياتها «مهنية بحتة».. فيما يعتقد بعض خصومها ان الصبغة «السياسية» لعدد من رموزها تطغى على صفتهم المهنية.. رغم تصريحاتهم التي تحاول تطمين جميع الاطرف.. بدءا من العميد البشير الصيد ورئيس فرع تونس الاستاذ عبد الرزاق الكيلاني اللذين اعلنا مباشرة فور انتخابهما انهما سيعملان كي تكون الاعوام الثلاثة القادمة سنوات حوار مع كل الاطراف بدءا من وزارة العدل حول مشاغل المحامين ومطالبهم واقتراحاتهم لتطوير سلك المحاماة والقضاء عموما.. حدث عادي ولا شك ان الاجتماعات المتعاقبة التي نظمتها خلية المحامين التجمعيين لفائدة انصارها بحضور عدد من كبار الرسميين في سوسة والعاصمة وصفاقس ساهمت في جلب الانظار كثيرا الى هذه المؤتمر الوطني للمحامين وجعلت من انتخاب العميد الجديد والهيئة التي ستساعده «قضية».. بالرغم من كون الامر يتعلق بمؤتمر نقابة قطاعية يعقد دون ضجة في عدة بلدان.. وقد بدأ «التشويق» حول مؤتمر المحامين قبل الصائفة الماضية.. لما فتح جدل علني في وسائل الاعلام بين العميد المتخلي الاستاذ عبد الستار بن موسى وبعض معارضيه التجمعيين من جهة.. ومع وزارة العدل من جهة ثانية.. في اعقاب الاضرابات والاعتصامات التي شنها قطاع من المحامين العام الماضي.. رافعين مطالب متفرقة.. انسحاب بن موسى ولم يكن خفيا ان خصوم العميد المتخلي عبد الستار بن موسى حرصوا بقوة منذ اكثر من عام على استبعاد فوزه مجددا بالعمادة في صورة ترشحه ثانية.. وهو هدف تحقق.. لان العميد بن موسى اعلن مبكرا انه لن يعيد ترشيح نفسه.. وفاء لتعهد قدمه منذ يوم انتخابه «حرصا على تكريس قاعدة التداول».. لكن الاستاذ عبد الستار بن موسى الذي اعتبر «خصما سياسيا» خلال الاعوام الثلاثة الماضية.. صنف من قبل اغلب التيارات والاحزاب في مؤتمر 2004 «شخصية معتدلة جدا».. وقد صوت لفائدته تيار من الحقوقيين والمستقلين والمعارضين بصفته من رموز الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان (رئيس فرع سليانة وعضو في المجلس الوطني).. كما سانده كثير من التجمعيين والقريبين من السلطة ضد العميد المتخلي آنذاك الاستاذ البشير الصيد.. وهو ما تحقق فعلا.. لكن فيما بعد تداخلت الاوراق ووجد العميد بن موسى نفسه بدوره في دوامة.. توجهات جديدة للنخبة لكن بصرف النظر عن الملابسات «التاريخية» والسياسية التي حفت بانتخاب البشير الصيد عميد الاول مرة في 2001 واسقاطه في 2004 وفوزه مجددا في 2007.. فان المؤتمر الوطني للمحامين ثم مؤتمرات فروع تونسوسوسة وصفاقس وجهت خلال الاسابيع القليلة الماضية رسائل عديدة.. منها تطورات توجهات جزء من النخبة التونسية.. هذا التطور تكشفه مؤشرات عديدة منها : نتائج انتخابات فرع تونس وتركيبة الهيئة.. اذ فازت شخصيات عديدة مستقلة أو محسوبة على المعارضة والتعاطف مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.. والشخصيات التجمعية التي فازت عرفت بنضاليتها المهنية ووقوفها الى جانب غالبية المحامين خلال تحركاتهم السباقة.. لاسيما الاستاذ الهادي التريكي الذي يحظى بتقدير قديم في صفوف المحامين بصفته النقابية بصرف النظر عن صفته الحزبية.. على غرار العميد الاسبق الاستاذ عبد الجليل بوراوي.. الذي نوه كثير من المحامين المستقلين والمعارضة بخصاله الانسانية والمهنية ونزاهته.. مقارنة بشخصيات محسوبة على المعارضة.. من المسؤول عن «اخطاء» الماضي؟ لكن تساؤلات عديدة تطرح حول مسؤولية الاطراف التي تسببت في بعض الثغرات هنا وهناك.. للمحاسبة والاستفادة من الدروس.. ويبدو حسب معطيات عديدة ان حادثة «التشنج» الذي حصلت في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني اساءت الى عدد من المرشحين للعمادة والهيئة.. بسبب اخطاء «اقلية متشنجة» قامت باعمال غريبة.. منها التورط في العنف اللفظي والاستفزازات.. من جهة اخرى فان تعدد المرشحين للعمادة ورئاسة فرع تونس شتت الاصوات.. واحدث حساسيات كبيرة.. وحملات وحملات مضادة.. داخل المحامين المستقلين انفسهم.. خاصة ان بعض المترشحين لم تكن تفرقهم البرامج ولا التوجهات السياسية.. وكانت الحصيلة حصول اسماء بارزة على نسبة ضئيلة من الاصوات.. من بينها العميد سابقا منصور الشفي ورئيس جمعية المحامين وفرع تونس سابقا ابراهيم بوردبالة وعضو الهيئة سابقا راضية النصراوي ومحمد النوري.. وسجل نفس المسارتقريبا في مؤتمر فرع تونس اذ حصلت مفاجاة فشل الاساتذة شوقي الطبيب (عضو الهيئة الوطنية ورئيس جمعية المحامين الشبان سابقا) ومحمد جمور ومحمد الهادفي.. فيما فازت بفارق كبير قائمة الاستاذ عبد الرزاق الكيلاني رئيس جمعية المحامين سابقا والناشط الحقوقي المستقل.. بعد سباق حاد واجواء سخنة.. تعكس اهمية الرهانات على فرع تونس الذي يشرف على كل المحامين في تونس الكبرى وفي محاكم اغلب ولايات الشمال من بنزرت الى القصرين والكاف.. استعداد للحوار في الأثناء ما هو موقف الادارة من مفاجآت مؤتمرات المحامين على الصعيدين الوطني والجهوي؟ حسب مصادرمطلعة فان وزارة العدل وبقية المؤسسسات الرسمية تعاملت مع نتائج المؤتمر بصفة عادية ومحايدة واحترمت قرارات المحامين.. وهي مستعدة للتفاوض مع الهيئة الوطنية الجديدة.. مثلما تعاملت مع الهيئات السابقة.. بوضوح وشفافية.. لان تركيبة الهيئات ومكاتب الجمعيات شان داخلي لمنخرطيها.. والاهم هو احترام الجميع للقانون ولبقية الاطراف.. فعسى ان يسود هذا منطق الحوار.. تجنبا للمعارك الهامشية ولاهدار الطاقات في مسائل ثانوية جدا.. واذا كانت الهيئة تضم شخصيات محسوبة على المستقلين والمعارضين فان ذلك قد يساعد الادارة على التفاوض معها في ظروف مريحة اكثر حول الملفات والمطالب المعلقة.. لانها تمثل فعلا كل الحساسيات داخل المهنة.. ولا تتردد في اتخاذ القرارات وفي الحسم عند الاقتضاء.. خوفا من قواعدها..