.. هل تكون الشمعة العشرون التي توشح كعكة الاحتفال بعشرينية اعلان قيام اتحاد دول المغرب العربي مجرد شمعة عابرة في تاريخ هذا التجمع الاقليمي الذي طال مخاضه والذي لم يلمس له المواطن المغاربي على أرض الواقع نتائج عملية تعكس قوة الارادة التي توفرت لاعلان انشائه؟.. أم أن الاحتفال بهذه الذكرى تساعد على التقييم والتشخيص لواقع هذا الهيكل مهما كانت نتائجه محتشمة وتحفز على الاستشراف لغد أفضل يلبي تطلعات القاعدة كما الهرم المغاربي. الجواب اقتفينا أثره من خلال متابعة جانب من أشغال الندوة المغاربية حول الاندماج الاقتصادي المغاربي التي نظمها الاتحادان المغاربيان للفلاحين ولأرباب الأعمال أمس باشراف وزير التنمية والتعاون الدولي.. الذي أكد أن مرور عشرين سنة على انشاء الاتحاد المغاربي تشكل فرصة لاستعراض النتائج المحققة والبناء للمستقبل على ضوء النقائص والسلبيات المسجلة بما يؤسس لاتحاد اكثر نجاعة ومردودية عبر تفعيل مؤسساته وبلورة سياسة جديدة تراعي الواقع الجديد الذي يحيط بهذا الصرح.. هذا ولم يخف السيد محمد النوري الجويني الانشغال بضرورة تطوير المكاسب أو النتائج المحققة في تعزيز المبادلات التجارية مستدلا بأن الحجم الجملي للمبادلات التونسية صلب الاتحاد المغاربي لا تتجاوز 7% مقارنة بحجم المبادلات الجملي مع الخارج. صورة سلسة من جهته كانت مداخلة السيد الهادي الجيلاني رئيس الاتحاد المغاربي لأرباب الأعمال جريئة في تقييم الواقع السلبي على حد وصفه لمشهد الاندماج الاقتصادي وفقا لرؤية القطاع الخاص وهو واقع أفرز كما قليلا من الانجازات فيما تتوفر امكانيات أكبر للانجاز والفعل لو توفرت الظروف الملائمة لذلك، كما صرح بذلك معلقا على الأرقام والسياسات المحوصلة لمستوى التبادل التجاري البيني والاستثمار المغاربي بأنها محدودة جدا مقارنة بالمتاح.. مختزلا الأسباب أو العوامل الكفيلة بتفعيلها في وجوب ايجاد أطر تشريعية مشجعة لدعم هذا التوجه بعد أن تآكلت الاتفاقيات التجارية الثنائية القائمة بين مختلف البلدان المغاربية وبلغت منتهاها وهو ما يفقدها القدرة على معادلة بعض الأطر التي تجمع بلدانا مغاربية لمجموعات اقتصادية أخرى، ولم يستثن من الصورة المهتزة هذه منطقة التجارة الحرة العربية التي تواجه من النقائص والاستثناءات ما يجعلها لا تفي بالغرض. وللمؤسسة الخاصة مسؤولية.. كما عرج على القوانين الاستثمارية كأحدى الآليات الواجب ارساؤها وتقنينها سيما أنها لا توفر أية أفضلية للمستثمر المغاربي، علاوة على غياب الروابط المصرفية وتعدد العوائق امام انتقال رأس المال.. وأضاف الجيلاني لهذه العناصر والمعوقات الفنية اشكاليات اخرى منها غياب البنية التحتية المغاربية الملائمة والمساعدة على تقريب المسافات من نقل بري وبحري وحديدي.. دون أن ينسى تحميل المؤسسة الاقتصادية الخاصة جانبا من المسؤولية، قائلا في هذا الصدد «إن لها من النقائص ما يعطل توجهها المغاربي رغم قناعتها بحتمية هذا التوجه بعد أن شبت جل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مناخ حمائي مغلق وعلى ثقافة السوق المحلية المحمية. المعجزة! وتعليقنا على سؤال «الصباح» حول ضرورة أن ينظم المهنيون صفوفهم وأن تأخذ المهنة زمام المبادرة لاقتحام الاسواق المغاربية، رد الهادي الجيلاني «بأن المهنة لا يمكنها أن تفرض تواجدها وتعرض منتوجاتها وانسيابها بكل حرية دون حواجز ومعوقات ما لم تكن هناك قوانين مالية وجبائية واجتماعية متقاربة ومتجانسة تجمع ولا تفرق، وهو ما يعوز أرباب العمل حاليا، علاوة على تعدد المعوقات الادارية التي تحد من فرص تواجد المؤسسة الاقتصادية بالأسواق المغاربية بما يقتضي رفعها والعمل على ايجاد حدود مفتوحة في وجه رجال الأعمال والباعثين.. ولم يخف مرة اخرى رئيس منظمة الأعراف المغاربية مخاوفه وشكوكه في امكانية بلوغ هذه الغاية قريبا واصفا اياها بالمعجزة في حال تحققها. دور المنظمات المهنية السيد مبروك البحري رئيس الاتحاد المغاربي للفلاحين اشار في تصريح ل«الصباح» أنه رغم الانجازات المسجلة في التقدم بتؤدة في بناء صرح المغرب العربي تبقى المسافة الفاصلة لبلوغ الاهداف المنشودة طويلة وهو ما يحمل المسؤولية في هذا المنعرج الجديد من عمر اتحاد دول المغرب العربي الى المهنة من منظمات واتحادات مهنية لمزيد تفعيل دورها وتقريب المسافات وحمل المواطن المغاربي على ملامسة صدى ايجابيا وعمليا للادارة السياسية على أرض الواقع وهو ما يفتقده حاليا... مضيفا بأن ندوة الاندماج المغاربي المنتظمة بمناسبة الاحتفال بالذكرى 20 لإعلان ميلاد الاتحاد المغاربي فرصة لتباحث سبل تكريس هذا التوجه وتفعيله بحضور ممثلي المنظمات الفلاحية ورجال الأعمال لمواجهة تحديات الظرف الدقيق الذي يواجه البلدان المغاربية في محيط دولي متقلب مما يطرح أهمية الوعي بالمصير المشترك والمصالح المتشابكة التي لا يمكن أن تصمد الا بتفعيل الانصهار في مسار اندماجي لتحقيق التكامل الاقتصادي المنشود. 37 اتفاقية ثم ماذا؟ بعد أن أتت كلمة الأمانة العامة لاتحاد دول المغربي العربي على أبرز المحطات والمكونات التي مهدت لبلورة استراتيجية مغاربية للتنمية المشتركة وتعتمد أهم مكوناتها على العمل على قيام منطقة التبادل الحر للمنتوجات وانشاء الوحدة الجمركية وسوق مشتركة ووحدة اقتصادية تمت الاشارة في معرض الحديث عن الاتفاقيات التي تم ابرامها وتهم كافة القطاعات البالغ عددها 37 اتفاقية أن اتفاقيات دخلت بعد حيز التنفيذ، تتعلق بتبادل المنتجات الفلاحية بين الدول المغاربية وبالحجر الزراعي وتشجيع وضمان الاستثمار وتفادي الازدواج الضريبي الى جانب اتفاقيتين تخص النقل البري وانشاء مصرف مغاربي للاستثمار والتجارة. ورغم هذا أقرت كلمة الأمانة العامة بأن واقع الانجازات مازالت دون طموحات وآمال شعوب الاتحاد المغاربي وبأن المبادلات التجارية البينية مازالت متواضعة... على أمل تدارك ذلك من خلال تفعيل الرؤى وتوحيدها من جهة الفاعلين الاقتصاديين.. أرقام تغني عن التعليق! تمثل صادرات المنتجات الفلاحية والغذائية المتبادلة مغاربيا 11.7% من جملة الصادرات لمختلف المنتجات.. فيما تمثل الصادرات المغاربية نحو بلدان العالم 3.7%. وعلى صعيد الواردات فإن نسبة المنتجات الفلاحية والغذائية المتبادلة داخل الأسواق المغاربية تناهز 12.1% من جملة واردات مختلف المنتوجات مقابل نسبة واردات من بلدان العالم تقدر ب11% من مجموع الواردات لمختلف المنتوجات.