رغم أن المنطق يقول بأنّ لاشيء يفترض أن يفرّق بينهما، فإن ما بين المواطن والمسؤول على اختلاف موقعه او درجة مسؤوليته تباينا في الرؤى غالبا ما يوتّر العلاقة بينهما... وإذا ما أردنا اختزال هذا الاختلاف فإنه بالامكان تفسيره بنظرية الكأس التي يصرّ طرف على أنها نصف ملأى والطرف الآخر على أنها نصف فارغة.. فالمواطن لا يهتم بالسدود التي تنجزها الدولة بل فقط بنقص الماء أو تدني نسبة عذوبته عندما تشحّ السماء.. لا ينظر للطرقات التي تمدّ على مسافة مئات الكيلومترات بل فقط للحفر التي تتخللها.. لا ينظر للجسور الممتدة على هذه الطرقات بل فقط الى الفيضان الذي يقطع الطريق.. لا يهتم بشبكة الكهرباء التي بلغت أعالي الجبال بل فقط الى ضوء الشارع المنطفىء أو لانقطاع الكهرباء الذي يحدث مرة كل شهرين.. لا ينظر الى العدد الهام من العاطلين الذين شغلتهم الدولة بل فقط الى من تبقى في حالة بطالة.. لا ينظر الى عدد اللصوص الذين ألقي عليهم القبض بل فقط للصّ الذي نشله ولم يتم القبض عليه.. تلك هي ملخّصة نظرة المواطن لمجهود الدولة.. وذاك هو مجهود الدولة في خدمة المواطن.. ورغم ايمان الجميع أنه بالإمكان دوما أحسن مما كان فإنّ لا المواطن راض تمام الرضاء على أداء المسؤول ولا المسؤول راض عن عدم رضاء المواطن على أدائه.. فهل ستظلّ الأمور على تلك الحال أم أنه بالامكان التقليص من هذا التباين في الرؤى والحدّ من توتر العلاقة؟ اعتقادي وعلى عكس ما يؤكده البعض بأن رضا المواطن غاية لا تدرك وأن المسؤول وعلى حدّ قول المثل التونسي «لو أشعل أصابعه العشرة شمعا» فإنّه لن يحظى برضائه أنه بالامكان تقليص هذا التباين إذا ما ركّز المسؤول اهتماماته على مشاغل المواطن بالقدر الذي يركزّ فيه على تنفيذ برامج الدولة.. فكم ترى يكلّف سدّ حفرة في الطريق مقارنة بمدّ طريق كامل.. وكم ترى يكلّف اصلاح مصباح إنارة عمومي مقارنة بمدّ شبكة كهربائية وماذا يكلّف الاعتذار للحرفاء لتراجع نسبة عذوبة الماء على خلفية شح الأمطار.. مقارنة بما أنجز من سدود.. وماذا يكلّفنا التطبيق التدريجي لبرامج متطوّرة لمقاومة الجريمة على غرار تركيز كاميراهات مراقبة أو تثبيت أساور إلكترونية لدى أصحاب السوابق غير المرتدعين بما يمكّن من تعزيز أمن البلاد وأمانها. إن المسؤول الذي ينصت للمواطن.. يتفاعل معه.. ينظر للاشياء بعيني هذا المواطن ويشعر بإحساسه وفي نفس الوقت يفكّر بعقلية المستشرف ويعدّ لغد أفضل.. هو المسؤول القادر على توحيد نظرته ونظرة المواطن للكأس وحتى وإن مُلِئَتْ للربع فسويّا سيكونان متفقين على أن الربع المتفق عليه أفضل قيمة من النصف المختلف حوله. حافظ الغريبي للتعليق على هذا الموضوع: