إيقاف شخصين.. والعائلة تتحدّث عن وجود طرف خطّط للتخلّص من ابنها الأسبوعي القسم القضائي: وسط تكبيرات الأصدقاء وتحت زغاريد النسوة شيّع متساكنو الوردية 5 مساء السبت الفارط جثمان الشاب رمزي شعبان (من مواليد مارس 1985) الذي لفظ أنفاسه الأخيرة صباح يوم الجمعة بمستشفى الرابطة بالعاصمة بعد ستة أيّام قضّاها تحت العناية المركزة نتيجة تعرّضه لاعتداء بواسطة سكين وارتجاج بالمخّ بجهة الأسواق بباب سويقة خلّف له نزيفا في المخّ ولجمع المزيد من المعطيات تحوّلت «الأسبوعي» الى منطقة الوردية الخامسة جنوب العاصمة حيث التقت بوالدة الضحية. كابوس وألم قبل الوصول الى منزل العائلة المنكوبة كان لابد من الترجّل مسافة لا تقل عن ال 150 مترا وهي التي تمثل طول نهج بئر مشارقة.. هذا النهج الذي ظل طريقه على طبيعته.. فلا قنوات تطهير ولا اسفلت.. فقط التربة والحجارة وبعض الحفر المنتشرة هنا وهناك تؤثثه وبرك المياه تزيّنه.. وتجمّله زمن تهاطل الأمطار التي رافقتنا أثناء إعداد هذا الريبورتاج دقائق قبل تشييع جنارة رمزي، دعنا من هذه النقائص ولنعد الى أصل الحكاية.. الى الحادثة.. الى الجريمة التي أدمت القلوب وأبكت العيون.. المئات: نساء ورجالا وأطفالا كانوا هناك.. يتألمون.. يتحسرون.. يتبادلون في حلقات بعض المعلومات التي توفرت لديهم عن الحادثة الأليمة.. يواسون أقارب الهالك.. صور قاتمة.. سوداء من كابوس مزعج سيطرت على الأهالي.. وسط النساء كانت تقف امرأة بدت هادئة.. لا بكاء ولا عويل.. ولا دموع فقط كانت تتألم في صمت.. رغم أنّها فارقت فلذة كبدها.. إنها السيدة صالحة شعبان والدة الضحية.. هذه المرأة التي كانت مؤمنة بقضاء الله وقدره.. سيطرت على مشاعرها وقاومت دموعها.. قاومت العادات التي مازالت حاضرة في بعض المآتم.. اقتربنا منها فتحدثت عن المأساة التي حلت بعائلتها.. إحساس ب.. الموت قالت محدثتنا: «مساء يوم السبت 28 فيفري الفارط وحين هممت بمغادرة البيت باتجاه مقر عملي سلمت لرمزي مصروفه اليومي وطلبت منه أن لا يطيل السهر ولكنني فوجئت به يقول لي مازحا: «هاني باش نموت» وأعاد هذه العبارة في مناسبتين.. تسمرت في مكاني وبقيت أنظر إليه.. كان يبدو لي جميلا علي غير العادة.. أحسست بشيء ما ينتابني ولكنني غادرت غرفته استعدادا للتوجه الى عملي ثم ما لبثت أن عدت إلى الغرفة حيث كان ابني وبقيت أنظر إليه مجدّدا ودعوت له ثم غادرت المنزل». حيرة ومفاجأة وأضافت محدثتنا: «عندما عدت من عملي في حدود منتصف الليل وجدت أبنائي نائمين ما عدا رمزي الذي لم يكن في البيت ولم أتمكن من الاتصال به باعتبار تعطّب هاتفه المحمول فأخلدت للنوم وفي صباح اليوم الموالي (الأحد غرّة مارس) دخلت الى غرفته فلم أجده فبدأت تنتابني الحيرة لذلك نزلت الى السوق علّي أعثر عليه أو أسمع خبرا يهمّه وبوصولي..» تتابع الأم «اعترضت أحد أقاربنا فأعلمني أن ممرضة أعلمته أن رمزي جيء به فجر ذلك اليوم (الأحد) الى القسم الاستعجالي بمستشفى الرابطة في حالة إغماء فسارعت بالتوجه الى هناك فأعلموني أن ابني تعرض لاعتداء وأن إصابته خطيرة.. رفعت يدي حينها للسماء.. ذرفت الدموع ودعوت لرمزي بالشفاء».. مشكل عاطفي تصمت هنا محدثتنا لبعض الوقت ثم تعود لتواصل الحديث: «لقد علمت أن ابني التقى مساء يوم السبت (28 فيفري اثنين من أصدقائه وتوجهوا الى أحد الفضاءات لتناول المسكرات وقد تناول رمزي كمية كبيرة من الكحول على عكس نديميه بسبب مشكل عاطفي تعرض له في ذلك اليوم بعد ان رفضت حبيبته لقاءه خوفا من عائلتها الرافضة للعلاقة وعندما فرغوا من جلستهم غادروا المكان للعودة الى منازلهم.. ولدى مرورهم بجهة الأسواق بباب سويقة ونظرا لحالة السكر المدقع التي كان عليها ابني ولأسباب أخرى ستكشفها التحريات طرق باب إحدى الوكالات وحين فتح له الباب وقعت مناوشة كلامية بينه وبين شاب آخر على مرأى ومسمع من مرافقيه فسارع (الشاب) بالاستنجاد بصديق يقطن معه الذي خرج متسلحا فلاذ ابني ورفيقاه بالفرار غير أن أحد المشبوه فيهما تمكن من الالتحاق برمزي وأصابه بواسطة آلة حادة في الرأس ثم عرقله ب «ضربة مقصية» حينها فقد ابني توازنه وسقط أرضا ليرتطم رأسه بحافة الرصيف». إيقاف المظنون فيهما وفي ذات الإطار علمنا أن الهالك ظل طريح الأرض بحالة إغماء بينما لاذ صديقاه شأنهما شأن المظنون فيهما بالفرار الى أن تم العثور على رمزي ونقله الى المستشفى حيث احتفظ به تحت العناية المركزة. وبالتوازي تولّى أعوان فرقة الشرطة العدلية البحث في القضية فنجحوا في تحديد هوية الشاب ومن ثمة الوصول الى الفاعلين وإيقافهما غير أن سير الأبحاث سرعان ما تغيّر إثر وفاة رمزي في حدود الثامنة من صباح يوم الجمعة الفارط إثر نزيف دموي حاد وتحولت التهمة من الاعتداء بالعنف الشديد الى القتل العمد في انتظار ما ستقرر دائرة الاتهام في مرحلة متقدمة من التحقيقات. شكوك العائلة وعلمنا أن المحققين سجلوا اعترافات المظنون فيهما كما سمعوا أقوال مرافقي الضحية في انتظار سماع أقوال العائلة التي يبدو أن لها شكوك حول ملابسات الجريمة إذ حدثتنا الأم أن هناك من يحاول التخلص من ابنها بشتى الطرق بسبب علاقة حب.. وقد يكون خطط لذلك في تلك الليلة. الأيام القادمة قد تكشف تفاصيل جديدة حول هذه الواقعة الأليمة. صابر المكشر سعيد المشرقي