هكذا إذن قامت الدّنيا ولم تقعد، وتحوّلت مجرّد إشكالية طارئة وتافهة إلى قضيّة برمتها، إلى قضيّة الموسم مرّة واحدة. إنّها قضيّة عصام المرداسي التي طفت على سطح الأحداث وشغلت الجميع واستهلكت أنهارا من الحبر. إنّها قضيّة عصام المرداسي التي أغرقت البعض في أوهام وأحلام زائفة ورمت بالبعض الآخر في بحر من المزايدات، والحال أنّه ما كان لها أن تبرز وتظهر بالمرّة لو كان هناك حد أدني من الإلمام بالقانون. تأمّلوا في هذا الذي أمامكم جيّدا، وستعرفون لماذا وصفت القضيّة من البداية بكونها تافهة: أرأيتم كيف أننا إزاء مسألة ما كان لها بالمرّة أن تتحوّل إلى قضية. ففي لقاء يوم 24 أوت 2008 بملعب الطيب المهيري بصفاقس لحساب الجولة الثانية لمرحلة الذهاب لبطولة الرابطة الأولى بين النادي الصفاقسي ونادي حمام الأنف، كان عصام المرداسي بزيّه المدني ولم يرد اسمه بتاتا على ورقة التحكيم. ولذلك ما كان على الحكم أن يشير إلى ما صدر عن عصام المرداسي تجاهه على ورقة التحكيم باعتباره كان يومها عنصرا خارجيا. ثمّ جاء قرارالرابطة ليزيد الطّين بلّة وليخلّف وابلا من الطعون الصّادرة عن قوافل قفصة ثمّ النادي الإفريقي فالنجم الساحلي، مرورا بكل درجات التقاضي ووصولا في نهاية المطاف إلى الهيئة الوطنية للتّحكيم الرياضي. ولكم أن تتصوّروا الجلسات الماراطونية والمناقشات البيزنطية التي عرفتها هذ القضيّة ثلاثية الأطراف قبل أن ينتهي الجدل العقيم ويصدر القرار القاضي برفض الطعون من حيث الأصل واعتبارالنتائج الحاصلة فوق ميادين اللعب. أي كما نقول في أمثالنا الشعبية «طاح في البير وطلعوه» أو إن شئتم «حل الصرّة تلقى خيط»!! فالمسألة كانت من الناحية القانونية واضحة وضوح الشّمس «في غرغور القايلة» ولكنّهم حادوا بها عن مسارها القانوني وأخذوا يبحثون لها عن قراءات قانونية ضمن فصول لا تمتّ للقضيّة الأصل بصلة والحال أنّ المرجع القانوني الذي كان من المفروض العودة إليه رأسا هو أمامهم واضح وصريح وجلي. وقديما قالوا: «ولدها فوق ظهرها وهي تلوّج عليه»!! أليس كذلك؟