تستعد إسرائيل لاستقبال بابا الفاتيكان بينيدكت السادس عشر في الاسبوع الثاني من الشهر القادم ورغم أن الزيارة ستشمل الاردن والمناطق الفلسطينية إلا أن المحطة الاسرائيلية تعد ذات أهمية قصوى للجانبين إذ ستكون فرصة سانحة لاستغلالها إعلاميا قصد تحسين صورتيهما لدى قطاع كبير من الرأي العام العالمي. ومن خلال ما ذكره البابا في كلمة له يمكن القول أنه قد يجعل من جولته في المنطقة مجرد واجهة لتحسين العلاقات مع إسرائيل ومع اليهود بصورة عامة بعد ما شابها من توتر بسبب عفوه عن بعض رجال الدين المنشقين عن الكنيسة الكاثوليكية أحدهم شكك في محرقة اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية بل بقي مصرا على مواقفه حتى بعد العفو عنه.. أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فقد اكتفى البابا بعبارات عامة مثل قوله "أن المصالحة هي الشرط الاول من أجل أمن مشترك وتعايش سلمي" داعيا في الاثناء إلى "جهود متجددة وصادقة". ويبدو البابا من خلال طريقة تناوله النزاع الفلسطيني الاسرائيلي وكأنه بصدد الحديث عن قضية داخلية إسرائيلية وبذلك أراد افراغ القضية من جوهرها بل حتى من سياقها الحضاري في حين أن الرأي العام العالمي مازال يبحث عن موقف من الفاتيكان بخصوص مستقبل القضية الفلسطينية خصوصا بعد العدوان على غزة الذي شهد جرائم حرب باعتراف منظمات وهيئات إنسانية دولية. ولذلك تريد إسرائيل وتحديدا الحكومة الجديدة من البابا أن يمسح ذنوب إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني وأن يمنحها بصفتها دولة اليهود كما تقدم نفسها مباركة هي في أمس الحاجة إليها بدعوى الدفاع عن نفسها في محيط إسلامي معاد لها وهي لن تجنح للسلام خصوصا أنها في موقف قوة. ومن هذا المنطلق لا يتوقع أن يلقي البابا بثقله من أجل حل عادل للقضية الفلسطينية بل إنه قد يمر مر الكرام على المذابح والجرائم التي ارتكبتها إسرائيل منذ تأسيسها ومن المتوقع أن يناقش البابا إضافة إلى الاعتذار لاسرائيل مسائل ذات علاقة بالمسيحيين في المشرق العربي حيث تشير الاحصائيات إلى انخفاض عددهم وتفضيل العديد منهم الهجرة. إن جولة بابا الفاتيكان ستكون لفائدة إسرائيل ولفائدة البابا شخصيا فقد أيقن أنه قبل توحيد الكنيسة عبر إعادة المنشقين إلى صفوفها يتعين تسوية ما يتخلل العلاقات بين الفاتيكان وإسرائيل من أزمات بفعل موضوع المحرقة لانه يريد كنيسة موحدة في مواجهة جملة من التحديات والقضايا الخلافية. فهل يستطيع البابا تقديم وجهة نظر ذات خلفية دينية وأخلاقية وإنسانية بخصوص معاناة الفلسطينيين أم أنه سيستمر في سياسة تبدو موجهة ضد العالم الاسلامي بعد أن لوحظ تجنب بينيدكت السادس عشر الحديث عن الحوار مع المسلمين فيما يدعم علاقاته مع الاجنحة المتطرفة في الكنيسة قصد وحدة الكاثوليك ومع إسرائيل خشية الوقوع تحت طائلة تهمة معاداة السامية.