الاسمنت والسيراميك والحديد من أبرز الاستثمارات والمواد المصدّرة من تونس إلى ليبيا طرابلس-الصباح- في إطار الشراكة الاندماجية التي توحّد المصالح المشتركة التونسية الليبية وتدعم مسار الشراكة الفاعلة بين البلدين، وفي إطار التوجه نحو التعاون الاقتصادي بين الطرفين أقصى ما يمكن بهدف دعم البرامج الاستثمارية. تشهد كل من ليبيا وتونس في الأشهر الأخيرة جملة من الاستثمارات
المشتركة في كلا البلدين. وأمام ما تشهده ليبيا اليوم من تطور معماري هام ومشاريع تجهيز وتطوير للبنية التحتية، كان لا بد لها من استثمارات في هذا المجال وخاصة في مجال مواد البناء من اسمنت وسيراميك واسلاك كهربائية وبلاط هذا الى جانب الاستثمارات الاخرى المختلفة في المواد الغذائية والتجهيزات الصحية والالكترونية والميكانيكية..وفي المقابل كان للجماهيرية اهتمام كبير ببلادنا في مجال الاستثمار في القطاع السياحي خاصة. ومن أبرز المشاريع التونسية-الليبية المشتركة التي لاقت تجاوبا سياسيا واقتصاديا واعلاميا في ليبيا مشروع "سيراميك لبدة" الذي تشترك فيه شركة ساحل لبدة الاستثمارية لصناعة مواد البناء الليبية والشركة التونسية كارطاقو التابعة الى مجمع بولينا القابضة الصناعية والخدماتية اللذين أنشآ مصنعا لإنتاج الخزف الحائطي في زوارة (110 كلم غرب طرابلس) باستثمار إجمالي قدر ب62 مليون دينار ليبي (1,3 دينار ليبي تساوي دولار أمريكي واحد). وجاء هذا المصنع ثمرة شراكة بنسبة 40 في المائة للجانب الليبي و60 في المائة للجانب التونسي. وتبلغ الطاقة الإنتاجية الحالية لهذا المصنع 5 ملايين متر مربع سنويا من قطع الخزف الحائطي. يشار إلى أن مجموعة "بولينا" القابضة تستثمر في ليبيا عبر 4 شركات تنشط في مجالات متعددة مثل إنتاج وتحويل الورق المقوى والمثلجات والحليب ومشتقاته إلى جانب تحويل المعادن وصنع الأنابيب الحديدية. كما افتتحت مجموعة شركات عبد الناظر في شهر فيفري الماضي مصنعا للسيراميك في مدينة مصراتة بشراكة تونسية- ليبية.وأطلق على هذا المصنع "خزف ليبيا" وهو مصنع ضخم للسيراميك يشغل المئات من الاطارات واليد العاملة من البلدين بطاقة انتاج عالية. ويأتي هذا المصنع في إطار الشراكة ما بين تونس والجماهيرية باستثمار إجمالي يعادل 50 مليون دينار ليبي، والمشروع حالياً يعمل بطاقة إنتاجية هامة مع هامش تطور تدريجي كبير. وشهدت سنة 2008 تصدير ما قيمته 1066 مليون دينار من الاسمنت من تونس الى ليبيا و15 مليون دينار من البلاط والسيراميك و144 مليون دينار من الاسمنت و60 مليون دينار من انشاءات الحديد و16 مليون دينار من أسلاك وخيوط كهربائية. هذا الى جانب المنتوجات الأخرى مثل الزيوت النباتية 79 مليون دينار والمارغارين 73 مليون دينار والورق الصحي 49 مليون دينار والأجبان 34 مليون دينار ومرّكز الطماطم 32 مليون دينار والعجين الغذائي 29 مليون دينار وقطع الغيار والتركيب 22 مليون دينار ومواد التغليف 20 مليون دينار... وشهد حجم المبادلات التجارية بين تونس وليبيا التي تعد الشريك الأول لتونس على الصعيدين المغاربي والعربي والافريقي تطورا هاما منذ سنة 2007 حيث تجاوز الملياري دولار أمريكي مقابل 1790 مليون دولار سنة 2006 و1274 مليون دولار سنة 2005 و960 مليون دولار سنة 2004 وتجاوز حجم الاستثمارات التونسية في ليبيا الملياري دينار تونسي (1,4 دينار تونسي يعادل دولار أمريكي واحد). ويبلغ عدد المشاريع الاستثمارية التونسية في ليبيا 30 مشروعا بما قيمته الإجمالية 176 مليون دولار أمريكي وخاصة في قطاعي الصناعة والخدمات واستثمرت بالمقابل 39 شركة ليبية في تونس من بينها 31 في القطاع الصناعي و5 في السياحة و3 في مجال الخدمات ما سمح باستحداث حوالي 306 موطن عمل .وتحول ليبيا إلى رابع مستثمر عربي في تونس. وفيما يتعلق بالمبادلات التجارية فإن ليبيا تمتص حوالي 7 في المائة من الصادرات التونسية وتصدر إلى تونس 7 في المائة من إجمالي صادراتها دون احتساب الصادرات النفطية. ومن المؤمل أن ترتفع هذه النسبة الى 10 في المائة خلال سنة 2012. وترتبط تونس وليبيا عبر شراكة اندماجية توحد المصالح المشتركة بين البلدين وتدعم هذا المسار في شراكة فاعلة وتقارب عميق فيه فائدة للطرفين، وهنالك تعاون كبير بين ليبيا وتونس لدعم مثل هذه البرامج الاستثمارية. ويسير الاتجاه اليوم في ليبيا نحو تحفيز المستثمرين على قيام مثل هذه المشاريع الاستثمارية خاصة مع الجانب التونسي وبالخصوص في صناعة مواد البناء التي يعتبرها الجانب الليبي مهمة جداً لبناء اقتصاده الوطني.. والتنمية التي تبقى في حاجة إلى مثل هذه المشاريع. ويذكر أن التبادل التجاري بين تونس وليبيا يندرج في إطار إتفاقية منطقة التبادل الحر الموقعة بين الجمهورية التونسية والجماهيرية الليبية بتاريخ 14 جوان 2001 والتي دخلت حيز التنفيذ في 19 فيفري 2002. وتمنح هذه الاتفاقية عديد الامتيازات للمستثمرين والموردين والمصدرين من البلدين كما يرتبط البلدان باتفاقية تسيير وتنمية المبادلات التجارية بين البلدان العربية والبرنامج التنفيذي لارساء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والتي تنص على تحرير كافة السلع العربية المتبادلة بين الدول العربية وفقا لمبدإ التحرير التدريجي الذي بدا تطبيقه منذ بداية سنة 1988.