يعتبر مصطفى شريف وهو السفير والجامعي الذي سبق ان تولى حقيبة التعليم العالي في الجزائر خلال التسعينات من ابرز المفكرين على الساحة المغاربية والعربية وهو الى جانب كتاباته المقارنة بين الاديان ومحاضراته ومساهماته في الحوار بين الاديان والحضارات يبقى احد الاسماء المثيرة في اوساط المثقفين لا سيما وانه كان التقى البابا بينيدكت السادس عشر في نوفمبر 2006 بعد تصريحاته التي اعتبرت مسيئة للاسلام قبل ان يعود البابا ليتراجع عنها ويعتذر عما جاء فيها، «الصباح» التقت الضيف الجزائري على هامش مشاركته في فعاليات الندوة الخاصة بحوار الاديان في عصر العولمة... وأجرت معه حديثا فيما يلي نصّه: * كنت اود ان اشير الى اني في طريقي الى هذه الندوة كنت انظر الى الوجوه التي اعترضتني الى الفندق ولا احد يبدو بينها مكترثا بما يدور هنا من حوارات ونقاشات وطروحات او هكذ ا على الاقل ما بدا لي الا تعتقدون ان لقاءات النخبة والمثقفين التي تجري في الفنادق الفاخرة وخلف الابراج العاجية اصبحت نوعا من الموضة ولا يمكنها ان تساهم في الهدف المطلوب وهو تحقيق التقارب والحوار بين الشعوب والاديان؟ - الجمهور او المواطن العادي يلاحظ ان هذا العصر مملوء بالتناقضات بما يجعل الفجوة القائمة بين النظري والتطبيقي عميقة ومن هنا تراجع اهتمام المواطن العادي وتراجعت مسؤولياته وموضوع التعايش يبقى جوهر الاشكالية القائمة البعض اختار الانعزال والبعض الاخر غرق في التقليد ولابد لنا من وسط يجمع بين الوفاء والاصالة والتفتح مع روح العصر والمغرب العربي اكثر من أية منطقة في العالم بامكانه تحقيق هذا الامر ومفهوم امة الوسط في قلب ثقافة المغرب العربي والتطرف غريب عن مجتمعاتنا . * ولكن التطرف بات جزءا من واقعنا وهناك فئة لا يستهان بها من شبابنا باتت تتجه اكثر فاكثر الى التطرف؟ - الخطاب الاعلامي والسياسي والثقافي الذي يسمعه شبابنا هو الخطاب القادم من المشرق والمغرب بعيد ولاينسجم مع الخط المتوازن الخاص بمنطقة المغرب العربي بما يجعل شبابنا بين نارين نار تلك الفئة التي توظف الدين لاغراض ضيقة والفئة التي تهمش الدين باسم التقدم ومسؤوليتنا في المغرب العربي الا نخوف ولا نهمش. * وهل من مجال اليوم للحديث عن دور للمثقف العربي في بيئته؟ - المثقف لا يضطلع بدوره كما ينبغي ولابد له من العودة لاعادة مراجعة هذا الامر وتحقيق التواصل المطلوب ليكون هذا المثقف همزة وصل مع المواطن العادي ومن هنا اشير الى ان مهمة المثقف ليست السقوط في مديح السلطة اوالانسياق الى النقد اللانهائي ولابد للمثقف ان يقف للدفاع عن المصلحة العامة والمثقف ليس عدوا للدولة او نقيضا لها عندما يذكر سلبياتها وبصراحة اقول ان بعض المثقفين يخجلون من الدفاع عن الدولة وانا اقول ان الهدف الاعلى هو الدولة وبدون دولة ليس هناك مستقبل لذلك فان جزءا من مسؤولية المثقف مرتبط بالدفاع عن دولة القانون والمؤسسات وعن العدالة والشعب يريد دولة قوية وعادلة ومن هنا فان دور المثقف هو ايضا مرتبط بتنوير الفكر وتوضيح الاشكاليات وتبسيطها شعاري في ذلك ان اقول الحق ولو كان مرا ولكن اقوله بكل هدوء وبمسؤولية واحترام للاخر والمهم ان نجمع ولانفرق وان نبني ولا نهدم. * الا ترون ان الراي العام في الدول العربية وحتى المغاربية لم يرتق بعد الى درجة الوعي المطلوب للدفاع عن قضاياه الم تكشف ازمة الرسوم الكاريكاتورية ان العواطف هي التي تقود تلك الشعوب؟ - للتوضيح اشير الى انه ومنذ 1989 بدا الكثيرون في الغرب البحث عن عدو جديد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين والمصيبة الكبرى ان جهلاء من منطقتنا وفي مجتمعاتنا قدموا لهم تلك الفرصة ردود افعال بعض الناس ومعها بعض المواقف في العالم العربي افتقرت للحكمة والعقلانية فخربوا بيوتهم بايديهم ولاشك ان كل ذلك يعيدنا الى الاساس الذي انطلقنا منه وهو ان الحوارالحضاري البناء هو المطلوب وانه علينا مواجهة الواقع دون الهروب من مسؤولياتنا فمسالة العلاقة بالغير وبالاخر مسالة أساسية تمس بقضية التعايش او التصادم السلم او الحرب القمع او الحرية تاسيس الحضارة او الانزلاق نحو الهمجية وفي هذا المستوى تكمن الرهانات والاختيارات .الامر اذن يتعلق بالاعتراف بالاخر كشبيه ومختلف في نفس الوقت أي احترام خصوصيته فلا يكفي ادعاء التسامح مع الاخر بل يجب معرفته والاصغاء اليه واحترام اختلافه كي نستطيع تحمل مشقة الوجود معا. علينا ان نتحرك وان نفكر دون ان ندعي باننا نمتلك مفاتيح كل الحقيقة بكل ما يقتضيه ذلك من وضع حد لجهل الاخر والالتباس والفهم المغلوط وبما يقتضي ايضا تثقيف الاجيال الجديدة بشان الحقوق الانسانية والدعوة للانفتاح ولكن في نفس الوقت الدعوة الى الحذر والعدالة فلا سلام من دون عدل وفي نهاية المطاف نحن نحتاج الاخر والاخر يحتاج لنا لرفع التحديات والخروج من اطار حوار الطرشان...