غيب الموت صباح الخميس 30 افريل 2009 السيد منذر القرقوري الوجه السينمائي المعروف في اوساط المهنة بعد صراع مرير مع السرطان وفيما يلي يقدم زميله وصديقه فتحي الخرّاط هذه التحية لروحه. قد يكون السرطان هذا المرض الخبيث المراوغ قد استطاع في نهاية المطاف ان يهزمك كما يهزم الآلاف كل سنة بدم بارد لكنك لم تسلم بالهزيمة ابدا. ظللت تواجه المرض بشجاعة نادرة وسلاحك روح معنوية عالية واصرار على تجاوز المحنة. خضعت للعلاج الكيميائي وتحملت آثاره الجانبية المدمرة واصبحت تبحر في الشبكة العنكبوتية تتعقب بلا هوادة اخر الاكتشافات والانجازات في مواجهة الداء اللئيم المراوغ واهتديت الى معهد غوستاف روسي في فرنسا وسافرت الى باريس في مناسبتين والتزمت بحصص العلاج التي اقترحها الاطباء املا في ان تتقلص الاورام فتصبح الجراحة ممكنة. وعندما بدأ الوهن يصيب الجسد من جراء العلاج المكثف لم يتسرب العطب الى روحك قط فقد ظلت متوقدة متفائلة، لم تغير عاداتك، ظللت تمارس المشي في منتزه النحلي كلما استجاب الجسد، تتابع ما يستجد من احداث وتعلق وتحلل برؤيتك المتزنة الثاقبة. تؤطر رانية وتتعدها كما ينبغي للامتحان كما اعددت بامتياز فداء وصبرة فزرعت فيهما روح التفوق واهديت للمجتمع كفاءتين يعول عليهما بعد ان انهيتا الدراسة وانخرطتا في العمل. ظللت مسكونا بفلسطين والعراق تابعت بالتفصيل العدوان على لبنان في جويلية 2006 وانت الخارج من عملية جراحية وظلت روحك المعنوية عالية لكنك كنت في قرارة نفسك ولاشك غير مطمئن لخبث ولؤم المرض فبدأت تراوغه انت ايضا زوجت بنتيك في جويلية 2008 وزرعت شجيرات في حديقة المنزل استعدادا لاستقبال الحفيد الاول. لكن التمادي في العلاج انهك منك الجسد الذي لم يحتمل علاج الاشعة بعد استنفاذ امكانيات العلاج الكيميائي ومع ذلك تابعت العلاج بهمة واصرار ولم تهتز ثقتك يوما في العلم وفي الطب. سيذكرك من عرفوك في الجامعة التونسية لنوادي السينما مسيرا ملتزما غزير العطاء واضح الرؤية لا تحيد عن مبادئك ابدا. سيذكرك اصدقاؤك في الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة الذين عولوا عليك كثيرا في تنظيم عدة دورات لمهرجان قليبية للسينمائيين الهواة. سيذكرك زملاؤك في ادارة السينما بوزارة الثقافة والمحافظة على التراث حيث كنت مثالا لدماثة الخلق وطيب المعشر. سيذكرك سوبزانسكي مسؤول تظاهرة سينما العالم في مهرجان كان والذي اعددت معه احتفاليه تونس في المهرجان سنة 2006 فاعترف انك كنت دليله في التعرف على مختلف اتجاهات السينما التونسية ووفرت له كل ما احتاج من معطيات اثناء اقامته في تونس في فترة اعداد الاحتفالية ليكون اختياره للافلام المبرمجة موضوعيا. وسيذكرك من تعرفوا عليك في المهرجانات السينمائية في موسكو وطشقند وكان وروتردام، سيذكرون مثابرتك وحرصك على متابعة كل صغيرة وكبيرة ومشاهدة الافلام وحضور الندوات. عزيزي منذر قد يكون المرض تمكن من نهش الجسد لكنه لم يتمكن ابدا من ان يمس روحك وستظل ذكراك ماثلة امام كل من عرفك وعاشرك واكبر فيك نقاءك.