في ظلّ تراخي الموقف الدولي وانشغال الفلسطينيين بشأنهم الداخلي لم تكتف حكومة أولمرت بمواصلة اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني وخنق اقتصاده وتنقلاته بل عملت على التسريع في وتيرة الاستيطان خصوصا في الضفة الغربية فارضة بذلك سياسة الأمر الواقع في انتظار مرحلة الحديث عن أية حلول مستقبلية... أو نهائية مع الجانب الفلسطيني. وفي هذا السياق أعلن مؤخرا عن خطة إسرائيلية لتحويل البؤر الاستيطانية العشوائية إلى مستوطنات، حيث تفيد معطيات لجنة متخصصة أن عدد المستوطنين في الضفة يقترب من نصف مليون في حين وصل عدد المستوطنات والبؤر الاستيطانية إلى 165 وهي موزعة جميعها بشكل يتيح محاصرة التجمعات السكانية الفلسطينية في مسعى إلى تحويلها إلى تجمعات معزولة ومطوّقة بمئات الكيلومترات من الطرق الالتفافية. إن هذا الواقع الميداني والذي زاده تأزّما جدار الفصل العنصري الذي التهم لوحده قرابة 10 في المائة من مساحة الضفة يؤكد على الأرض أن إقامة الدولة الفلسطينية ستظل حلما بعد أن بدّدت حقائق الاستيطان الأمل كما أن نشاط الاحتلال الاسرائيلي ومساعيه المتواصلة لابتلاع المزيد من الأراضي لا يدع مجالا للشك بأن النوايا الإسرائيلية لا تخفي وراءها غير التنكّر لمبدإ إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل تراب الأراضي المحتلة سنة 1967. وبحكم حقائق الجغرافيا القائمة حاليا فإن مسألة التسوية الدائمة وإقامة هذه الدولة الفلسطينية خلال عام كما وعد بذلك الرئيس الأمريكي بوش الرئيس الفلسطيني عباس تعتبر مسألة شبه مستحيلة. وهذه الاستحالة في إنشاء دولة مستقلة ذات تواصل جغرافي بين القطاع والضفة بسبب هذه البؤر الاستيطانية والطرقات الالتفافية والحواجز تكرّس هيمنة إسرائيل على الأرض وتلغي كلّ محاولات إقليمية ودولية لاستئناف مفاوضات السلام المرحلية والنهائية. وفي هذه الأثناء قرّرت الحكومة الفلسطينية إسقاط عبارة «المقاومة المسلحة» من برنامجها الأمر الذي رحبت به إسرائيل على الفور حيث أعلن وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين أن حكومة سلام فياض «واضحة جدا في هذا البرنامج فيما يتعلق بضرورة انهاء المقاومة المسلحة لأنها ليست لها صلة بإقامة دولة». وهذا التغيير الجوهري في برنامج الحكومة الفلسطينية علقت عليه المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية بالقول: «إنه بالامكان رؤية أجواء جديدة على الأرض..». ولكن هل هذه الأجواء الجديدة ستعيد الأرض المغتصبة بعد أن فكك الاستيطان أوصالها؟