جربة - الصباح: انتظم مساء الأحد بأحد فنادق جزيرة جربة السياحية على هامش الزيارة السنوية لمعبد "الغريبة" اليهودي لقاء إعلامي مع المؤرخ والجامعي رئيس كرسي بن علي لحوار الحضارات والأديان الاستاذ محمد حسين فنطر حول التجربة التنموية التونسية ومظاهر الانفتاح الثقافي والديني في المجتمع التونسي عامة وفي جزيرة جربة مثالا حيث يتعايش منذ قرون الاف اليهود والمسيحيين مع عشرات الالاف مع المسلمين. وقد اعتبرت مداخلة الاستاذ فنطر أن من أبرز مميزات المجتمع التونسي تنوعها العرقي والثقافي. وهذا التنوع والانفتاح قديم جدا مثلما تؤكده عينات من الحجارة المكتشفة التي تعود الى عصور قديمة جدا وبعضها غريب عن تربة شمال افريقيا وحجارتها ومصدرها اوروبا حيث الحجارة البركانية.. بخلاف تونس التي ليست منطقة براكين.. وسجل فنطر أن انماطا من العيش مثل السكن في المغاور الموجودة في مطماطة يوحي بالتواصل المبكرمع شعوب وحضارات عديدة.. لان نفس النمط موجود نظير له في صقلية القديمة مثلا.. وسكان تونس وشمال افريقيا القدامى مثل البربر نتيجة لتلاقح مجموعة من الشعوب منذ مرحلة ما قبل التاريخ.. وقد تواصلت ظاهرة التلاقح في عهد القرطاجنيين ما بين 814 و146 قبل الميلاد بعد تلاقح السكان الاصليين البربر مع الفنيقيين.. ثم في العهد الروماني تواصل التلاقح بين المحلي والوارد وأصبحت اللاتينية اللغة الرسمية في شمال افريقيا.. بل إن أول روائي روماني لاتيني مشهور عالميا اوبولي كان يعيش في قرطاج.. وصولا الى القديس والعالم الكبيرسان اوقستان في القرن الخامس ميلادي احد مترجمي الانجيل من الاغريقية الى اللاتينية.. علما ان استخدام اللغة اللاتينية انتشر في شمال افريقيا القديمة وبلغ جنوبا منطقة الجريد التونسي.. العرب والساميون الكنعانيون وحسب محاضرة الاستاذ فنطر فقد تواصل انفتاح المجتمع التونسي والشمال افريقي بعد الفتح العربي الاسلامي لشمال افريقيا انطلاقا من القيروان العاصمة العربية الاسلامية لتونس والمنطقة المغاربية والاندلس.. وسواء مع قرطاج أو مع الفنيقيين القادمين من المشرق ثم مع العرب فقد كان التونسيون متسامحين ومنفتحين على كل الشعوب والثقافات والاديان والحضارات.. والفنيقيون هم من الكنعانيين الذين يتحدث عنهم العهد القديم .. وبلد كنعان هو الذي انتصب بها النبي ابراهيم عليه السلام.. وقد كان الكنعانيون الفلستينيون والعبريين متحالفين وساهموا مع سليمان في بناء الهيكل.. قبل ظهورتسمية اليهود بعد ترحيل "العبريين" من بابل.. رموز للتسامح الديني والثقافي واكد فنطر ان من بين ما يثتب عراقة التسامح الديني والثقافي في تونس المعالم التي اكتشفت في عدة مدن وجهات تونسية من بينها "الغريبة" في جربة.. وفي قمرت وحمام الانف وقع اكتشاف مقابر وكنائس يهودية قديمة جدا.. وحاليا يجري الكشف عن الغاز كنيسة يهودية قديمة جميلة في منطقة قليبية.. بها فسيفساء ومعالم عمرانية رائعة.. اذن فان تونس فسيفساء جميلة من الشعوب والثقافات والحضارات.. ونحن نعتبر أن عروبتنا في حاجة الى كل تراثنا للابداع وللاثراء.. سواء كان عربيا اسلاميا او يهوديا او مسيحيا او قرطاجنيا.. وقرطاجوالقيروان منارتان وثقافيتان.. علما أن جامعة الطب في القيروان اسسها اليهودي اسحاق بن سليمان وقد افرزت قطبا علميا وطبيا عالميا معروفا هو الطبيب المسلم ابن الجزار.. وذكر فنطر لمساهمة كرسي بن علي للحوار بين الثقافات والحضارات في تكريس التسامح والحوار وتوجيه رسالة مفتوحة الى العالم للبرهنة على ان تونس بلد مفتوح للحوار والانفتاح ومقاومة الجهل والفقر.. وتوقف الاستاذ فنطرعند تواصل ظاهرة الانفتاح في تونس الحديثة مع الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة عبر سلسة من الخطوات لبناء تونس الحديثة.. ومن أهم إصلاحاته الرهان على التعليم والانفتاح على الآخر وإصداره مجلة الأحوال الشخصية التي اقرت منذ 1956 المساواة بين الجنسين.. وتواصلت الحركة الإصلاحية بعد تغيير7 نوفمبر 1987 إذ يقود الرئيس بن علي مسارا انتقل بالمرأة من حق المساواة إلى المشاركة.. وراهن على الموارد البشرية وحقوق الإنسان وتعميم التعليم الى سن ال16 وجعله حقا وواجبا الى جانب الرهان على الثقافة والتنمية الثقافية.. كما ارتفع معدل الدخل الفردي في تونس ليحوم حول 5 الاف دولار من ارقى المعدلات في افريقيا.. وهو مؤشر اضافي للاندماج في البحر الابيض المتوسط مهد الحضارات البشرية الذي له فضل على العالم اجمع في مختلف المجالات..