طالب يؤكد: «أستعدّ للامتحانات كما ينبغي لكني أزور الأولياء للحصول على جرعة روحانية»! بعضهم يدعون الله لإقصاء المسعدي من الامتحانات حتى «يطيحلهم» المعري!! تونس الأسبوعي: من المعروف أن النجاح في الامتحانات سواء في التعليم الاساسي او الثانوي او العالي يخضع الى قاعدة واضحة وهي العمل الجيد والتحضير الجدي للامتحانات مع بعض الاستثناءات طبعا حيث يمكن لأي تلميذ (مجتهد ولامع في العادة) ان يرتبك يوم الامتحان وان يحيد عن الاجابات الصحيحة فلا ينجح. لكن المعروف ايضا ان عائلاتنا التونسية والطلبة.. وشيئا فشيئا يتعود الابناء على هذه «الأمور» فتصبح بالنسبة اليهم تقليدا وطقوسا يقومون بها كل عام كلما اقتربت مواعيد الامتحانات. وفي هذا التحقيق حاولنا ان نغوص في أغلب المسائل الجانبية التي يرى الكثير من الناس انها تساعد عن النجاح وتخرج مثلما قلنا عن قاعدة الاجتهاد والتحضير الجيد ماديا ومعنويا ونفسانيا. للتفاؤل فقط مع اقتراب الامتحانات ترى بعض التلاميذ والطلبة يغيّرون أماكن نومهم بدعوى ان هذا الفراش لا يجلب الحظ بينما ذاك الفراش طالع خير وبركة ويمكن له ان يساعد على اجتياز الامتحانات بسلام، وهناك ايضا من يصرّ على ان يكتب يوم الامتحان بقلم معين يرى انه «مبروك» وان الكتابة بواسطته ستجلب الخير والبركة والمعلومات التي لم يتمكن من حفظها وتخزينها في ذاكرته..!! بعض التلاميذ والطلبة ايضا يرتدون يوم الامتحان لباسا يفضلونه على بقية ما عندهم من ملابس ودائما لنفس السبب وهو جلب الحظ والبركة و«تسهيل» الامتحانات.. هناك ايضا من تحمل معها يوم الامتحان «دبدوبها» المدلل الذي قد يتولى الاجابة نيابة عنها يوم الامتحان..!! وهناك من الشبان مع ينتعل حذاء معينا يوم الامتحان لان ذلك الحذاء «مبروك» ويمتاز عن باقي احذية العالم باليمن والبركة..! «ان شاء الله المعرّي»! دائما في باب التفاؤل والمعتقدات حيث يتصرف البعض بأسلوب لا يخلو من طرافة، فالبعض يطلب من والديه او من أحدهما ان يدعيا له يوم الامتحان عسى ان «يطيحلهم المعري» وان يبعد الله عنهم المسعدي وكل أصحاب «الأدب الصعيب» الذي يمكن ان يكون سببا في عدم حصولهم على المعدل المطلوب.. هناك ايضا من يؤمن بان وجه فلان مبروك فيصر على رؤيته كل صباح طيلة ايام الامتحانات وهناك ايضا من يؤمن بان وجه فلتان «مشوم» فيتحاشى رؤيته خلال المدة المذكورة.. اما عن العرافين فحدّث ولا حرج ذلك ان عددا من التلاميذ والطلبة يكثرون من زياراتهم الى العرافين والعرافات لسببين على الاقل اولا ليتكهنوا لهم بنتائج الامتحانات وثانيا ليمدوهم بسلاح هام يجابهون به صعوبة الامتحانات واجواءها وهو طبعا «الحرز» وما ادراك ما الحرز..! زيارة الأولياء الصالحين كل الذي ذكرناه قد لا يساوي شيئا امام ظاهرة زيارة «أولياء الله الصالحين» ففي مختلف انحاء الجمهورية توجد زوايا وأضرحة ومقامات لهؤلاء الاولياء.. وكلما اقترب موعد الامتحانات يتوافد على هذه الاماكن تلاميذ وطلبة وأولياء تلاميذ وطلبة لهدف واحد وهو الحصول على بركة هؤلاء الاولياء او حتى على ذرة واحدة من تلك البركة. هذه الحركة تنشط كثيرا في مثل هذه الفترة من كل سنة فتحرك بالتالي دواليب التجارة والرزق في تلك الزوايا والاضرحة والمقامات. سيدي بلحسن أشهرهم يوم السبت الماضي كنا منذ الساعات الاولى على هضبة سيدي بلحسن الشاذلي فقد قيل لنا (والقائل عامل هناك) أن افواجا من التلاميذ والطلبة سوف تكون حاضرة داخل المقام يوم السبت لحضور «الحزب» والدعاء المستجاب.. كانت الحركة على اشدها بالداخل والخارج.. الشيوخ يتلون القرآن ويدعون الله ان يستجيب الى كل من قصد المقام في ذلك اليوم.. وخلافا لما قاله ذلك العامل وما كنا نتوقع لم نر عددا كبيرا من التلاميذ والطلبة الى حدود الساعة العاشرة (والساعة العاشرة موعد الانتهاء من التلاوة والدعاء).. سألت أحد الشيوخ هناك: «لماذا لم يأت التلاميذ والطلبة بكثرة هذا اليوم؟» فقال: «اهل يمكن لي ولك ان نعلم ما في الصدور؟! فهؤلاء الذين تراهم بالتأكيد فيهم الكثير من اولياء تلاميذ او طلبة وقد حضروا الى هنا نيابة عنهم وليس ضروريا ان يحضر الطالب او التلميذ بنفسه». «المهم النية» بهذه العبارة المختصرة استهل الطالب «نوفل الرياحي» حديثه معنا عندما سألناه عن سبب حضوره بمقام سيدي بلحسن الشاذلي في ذلك اليوم بالذات. نوفل أضاف قائلا: «أنا متعود على زيارة سيدي بلحسن وسيدي محرز والسيدة المنوبية كل عام عندما يقترب موعد الامتحانات، وانا في العادة استعد للامتحانات من جميع النواحي وأريد ان أضفي على استعداداتي شيئا روحانيا لا يتوفر الا في هذه الاماكن. والمسألة في النهاية لا ضرر منها طالما أنها توفر لي الاطمئنان والراحة النفسانية المنشودة في مناسبة كالامتحانات». «يا حسرة يا زمان» الشيخ «ف» وهو أحد المشائخ الذين يحضرون بانتظام في مقام سيدي بلحسن يمتاز بطبعه البشوش وكلامه المليء بالمعاني والالغاز، سألته: «لماذا تقلص عدد التلاميذ والطلبة في هذا اليوم خلافا للمتوقع؟» فقال: «يا حسرة يا زمان.. ففي السنوات الماضية كان المقام رغم فساحته، يعجز عن استيعاب الاعداد الغفيرة من التلاميذ والطلبة الذين يأتون للتبرك بصاحب المقام والتضرع الى الله كي يستجيب الى دعواتهم بالنجاح. اما اليوم فقد تغيرت المعطيات رغم أن هذا لا يمنع مثلما قال لك زميلي، من وجود اولياء لتلاميذ وطلبة بين هذه الجموع». الشمعة والنار والامتحان؟ إضافة الى زيارة الاولياء للتبرك والتضرع هناك ظاهرة اخرى تنشط اكثر عندما تقترب الامتحانات وهي ظاهرة الكي او «الكويان» بالتعبير الشعبي المعروف.. هذه الظاهرة يمتاز بها مقام الولي سيدي الحلفاوي الواقع على بعد بضعة امتار من قوس باب الخضراء.. ذهبنا الى هناك فوجدنا السيد حاتم الحلفاوي الذي دخلنا معه في صلب الموضوع فقال بكل وضوح : «انا واحد من سبعة اشخاص يقومون بنفس العمل هنا وهو الكي وكلها من سلالة الولي الصالج سيدي الحلفاوي، ومن خلال تجريتي أؤكد لكم ان الكثير من التلاميذ والطلبة (من الجنسين) ياتون الى هنا للكي، فالخوف من الامتحان يولد لدى صاحبه الفجعة.. وهي لا تشفى الا بالكي.. والفجعة تسبب للانسان بصفة عامة «البوصفير» الذي يشفى ايضا بالكي.. إضافة الى عرق الأسى وعدة اشياء اخرى نقوم بها بطريقة سهلة وهي اشعال شمعة ثم اشعال عود «مثنان» (بالضرورة وليس اي عود) ثم كي الشخص على مستوى المرفقين والركبتين ومؤخر الرقبة، والكي ليس مثلما يتصوروا النار نارا وألما مبرحا بل«دوبلاش» نمرر العود الى تلك الاماكن حتى يحصل المراد. وهذه الطريقة نافعة جدا والدليل ان الكثير من التلاميذ والطلبة عادوا اليّ بعد الامتحانات وقالوا لي أنهم نجحوا والحمد الله». «ما نخافش ونخاف» التلميذة «ر-ط» ذهبت يوم السبت الماضي «باش تكوي» سألناها فقالت: «انا في العادة أحضر دروسي مثلما يجب ولا أخاف من الامتحان.. لكن بمجرد ن أتناول ورقة الامتحان «يصيبني خوف شديد» وبما ان امتحاناتنا تنطلق الاسبوع القادم فانني جئت الى هنا صحبة صديقتي «باش نكوي» لعل الخوف يذهب الى غير رجعة». هذا الرأي تشاركها فيه صديقتها وزميلتها «آية» التي قالت: «انا مثل صديقتي تماما لهذا جئت كي أطرد الخوف وأتمكن من النجاح في دراستي». خلاصة القول في كل الحالات يعتقد ان العمل والمثابرة والجدية عناصر تساهم في النجاح وان من لا يعمل ،لا يمكنه ان ينجح هذا ما يفرضه المنطق علينا لكن هناك اشياء اخرى ظلت وسوف تظل ملتصقة بالامتحانات والنجاح وهي كلها من قبيل الغيبيات والروحانيات التي لا شيء يثبتها عمليا رغم تأكيد البعض على انها مثمرة ومفيدة وتساعد على النجاح. جمال المالكي للتعليق على هذا الموضوع: