تحت ضغط المحتجين.. رئيس مدغشقر يفر من البلاد دون الكشف وِجْهَتِهِ    من قصر الإليزيه إلى السجن: المصير المكسور لنيكولا ساركوزي    وزارة التربية تصدر رزنامة المراقبة المستمرة بالإعداديات والمعاهد    وزارة التربية : الكشف عن روزنامة المراقبة المستمرة بالإعداديات والمعاهد    سوريا.. وفاة الملحن عثمان حناوي شقيق الفنانة القديرة ميادة    أزمة المجمع الكميائي بقابس..نواب بمجلس الجهات يطالبون..#خبر_عاجل    الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسيّة: استئناف سير القطار الصباحي الرابط بين الكاف وتونس يوم الثلاثاء    عاجل/ قرضان من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار لفائدة بنوك تونسية (تفاصيل)    خط أخضر مجّاني للخدمات الصحية والنفسية لفائدة هؤلاء..    بفوزها على جزر القمر.. غانا تتأهل لكأس العالم 2026    الخضر والغلال بعيدة عن متناول العائلات ..لهيب الأسعار يحرق جيوب التونسيين    الخبير العسكري توفيق ديدي ل«الشروق» أمريكا أنقذت إسرائيل من نفسها    نفّذ 49 عملية تحيّل ولهف الملايين: أسرار جديدة عن أخطر متحيّل في العاصمة    ضمت مجموعته الكاميرون.. منتخب الرأس الأخضر يترشح للمونديال للمرة الأولى في تاريخه    المهدية: منتدى العلاّمة الشيخ محمد المختار السلاّمي في نسخته الأولى ...الماليّة الإسلاميّة.. في عصر التكنولوجيا الرقميّة    بعد انتخاب هيئة جديدة والاستعداد لدورة جديدة .. هل يكون موسم الإقلاع لمهرجان الزيتونة بالقلعة الكبرى؟    تنصيب المديرة العامة الجديدة للصيدلية المركزية    عاجل/ الإعلان عن إعداد كراس شروط لإنجاز وحدات تثمين النفايات بتونس الكبرى    عاجل/ تفكيك وفاق لترويج المخدّرات في حي النصر.. وهذا ما تم حجزه    عاجل/ ترامب يصل مصر    عاجل: برنامج جديد يسهل التصدير للمؤسسات الصغرى والمتوسطة.. تعرفوا عليه    محكمة الاستئناف تحجز قضية اغتيال شكري بلعيد للتصريح بالحكم    عاجل : الإعلان عن نتائج المناظرات الداخلية لترقية المتصرفين في الوثائق والأرشيف    كرة اليد: سامي السعيدي يلتحق بالإدارة الفنية الوطنية في خطة مدرب وطني مكلف بإعداد وتقييم النخبة الوطنية وتوحيد مناهج التدريب    أعوان معهد باستور تونس يلوحون بشن إضراب بعد سلسلة من الوقفات الاحتجاجية    الصحة العالمية تحذّر من"بكتيريا قاتلة" تنتشر بشكل واسع.. #خبر_عاجل    الناشط علي كنيس المفرج عنه من سجون الاحتلال يصل إلى تونس    سيدي بوزيد: ارتفاع تقديرات صابة الزيتون إلى 500 ألف طن    أداء إيجابي لقطاع الجلود والأحذية في تونس سنة 2024    عرض فني بعنوان "أحبك ياوطني" بالمعهد العمومي للموسيقى والرقص ببنزرت    مشاركة تونسية هامة ضمن فعاليات الدورة 46 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    40 استاذا وباحثا يشاركون في ندوة علمية حول الخصائص التاريخية والجغرافية والتراثية والاجتماعية لمدينة المكنين    مهرجان الرمان بتستور يعود في دورته التاسعة..وهذا هو التاريخ    عاجل/ حماس توجه هذه الرسالة لترامب والوسطاء في اتفاق وقف اطلاق النار..    عاجل: مدرب لاعبي حاجب العيون خلاهم يمشيو 10 كلم بعد الهزيمة...و العقاب صادم    اطلاق حملة وطنية تحسيسية لتعزيز الوعي بمخاطر التبغ تحت شعار 'رياضة بلا تدخين'    عاجل/ قد يسبب الأمراض السرطانية: تحذير من هذا المنتوج الذي يأكله اغلب التونسيين..    العثور على جثة المرأة التي جرفتها السيول في بوسالم    عجز تونس التجاري يتعمّق إلى 16،728 مليار دينار موفى سبتمبر 2025    وزارة الفلاحة: يتم العمل على مراجعة قرار وزاري حول تنظيم صيد التن الأحمر وتسمينه    وصول أولى حافلات الأسرى الفلسطينيين المحررين إلى رام الله    مونديال تحت 20 عاما – المغرب يبلغ قبل نهائي بالفوز 3-1 على أمريكا    تبرئة الوزير الأسبق للبيئة رياض المؤخر    عاجل/ السجن 10 سنوات لفتاتين تخصصتا في ترويج المخدرات بالملاهي الليلية    اليوم نسور قرطاج في موعد جديد: تونس تواجه ناميبيا وهذه التشكيلة المحتملة    عاجل: عودة البطولة التونسية في هذا الموعد..ماتشوات قوية تستنا    اليوم: أمطار ضعيفة ومتفرقة في البلايص هذه..شوف وين    سيدي بوزيد: وفاة 3 أشخاص في اصطدام بين سيارتين ودراجة نارية    عاجل: هدوء حذر في قابس بعد موجة الاحتجاجات...والأهالي ينتظرون تحرّك الدولة    كيفاش يؤثر فص الثوم في الصباح على جسمك؟    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 13 أكتوبر والقنوات الناقلة    الأجهزة الأمنية بغزة تعلن السيطرة الكاملة على المليشيات وتنفذ عمليات تمشيط شاملة    ديان كيتون ترحل... النجمة اللي عرفناها في العرّاب وآني هول    أولا وأخيرا .. البحث عن مزرعة للحياة    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    وقت سورة الكهف المثالي يوم الجمعة.. تعرف عليه وتضاعف الأجر!    يوم الجمعة وبركة الدعاء: أفضل الأوقات للاستجابة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عشرات الأمريكيات تعرضن للشنق وقطع الرأس والأوصال على أيدي أزواجهن العائدين من جبهة القتال
الوجه الخفي لحرب العراق:
نشر في الصباح يوم 28 - 05 - 2009

بالرغم من مطالبة الرئيس باراك أوباما بإجراء تحقيق مستفيض في الحادث الذي جد يوم 11 ماي الجاري وأقدم فيه الرقيب "جون راسل" على قتل خمسة من زملائه داخل عيادة نفسية بمعسكر الحرية التابع لقاعدة "فيكتوري" الضخمة (تضم حوالي 40 ألف عسكري)
إلا أن مسؤولي البنتاغون التزموا الصمت حيال الحادث واكتفوا بتأكيد نبإ احتجاز الفاعل دون الإتيان على أية تفاصيل بشأن أسباب الحادث أو العدد الحقيقي للجنود الذين أصيبوا جرّاءه.
بعض المراقبين يقولون أن وزارة الدفاع الأمريكية لا تريد الخوض في هذا الحادث لكونه ليس الأول ومن المؤكد أنّه لن يكون الأخير (في عام 2005 صدر حكم الإعدام على جندي أمريكي استعمل بندقية وقنبلة يدوية لقتل ضابطين وجرح 14 آخرين من رفاقه في معسكر بالكويت) في ظل الأمراض النفسية المتنوّعة التي يعاني منها الجنود الأمريكيون على الجبهتين العراقية والأفغانية والتي بسببها أضحوا يترددون - وباستمرار- على عيادات الطب النفسي لتلقي المساعدة بشأن قضايا شخصية أو بسبب الضغوط الناتجة عن العمليات القتالية ويضيف المراقبون أنه وحتى بدء عملية انسحاب الجنود الأمريكيين من العراق المقررة في 2010 فإن عديد الأسرار ستكشف وكثيرا من الحقائق ستتعرّى.
وإذا كان المراقبون لا يستعجلون تدفق سيل الأنباء المتعلّقة بحقيقة ما يجري على هامش المعارك الميدانية فإنه - وعلى النقيض - لم تنتظر الناشطة هيلين بنديكت الصحفية والأديبة وأستاذة الصحافة بجامعة كولومبيا بنيويورك انقضاء المهلة وقرّرت أن تكشف الكثير مما أمكنها جمعه من حقائق حول تداعيات الأمراض النفسية بسبب المعارك التي تخوضها أمريكا خصوصا في العراق وهذه الحقائق ضمّنتها في كتاب من 280 صفحة بعنوان "الجندي المنعزل" صدر مؤخرا في الولايات المتحدة ويعدّ من الإصدارات التي تلقى رواجا كبيرا نظرا لكونه يركز على الأبعاد النفسية والاجتماعية للموفدين إلى ساحات المعارك ومدى خطورتها على البنية الفردية والعائلية داخل المجتمع الأمريكي وما يترتّب عنها من حوادث وصفتها الكاتبة بالمأساوية ولفرط قساوتها تسعى جهات عدّة إلى التعتيم عليها وتلاقي تجاهلا ملحوظا إعلاميا واجتماعيا وسياسيا بما يؤكد أن إدارة أوباما الجديدة تسير على خطى إدارة بوش السالفة في مواراة خفايا ومخلّفات حروبها.
زوجات الجنود.. الوجه الآخر لضحايا حرب العراق
يكشف كتاب هيلين بنديكت "الجندي المنعزل" حقيقة قاسية لما يعرف بعوارض اضطرابات ما بعد الصدمة وإذا كان يشق على بعض الجنود الذين لم تكتب لهم العودة إلى الديار تحمّل وطأة الإجهاد النفسي فيقدمون إما على الانتحار أو إيذاء من حولهم- وفق دراسة أعدّها "البنتاغون" فإن خمس الجنود الأمريكيين المنتشرين في العراق يعانون من اضطراب عقلي مأتاه ارهاب الحرب كما أن حالات الانتحار بينهم ارتفعت من 115 عام 2007 إلى 134 عام 2008 لا سيما في صفوف الجنود الذين يمثلون الفئة الشبابية بين 18 و24 سنة، فإن زملاءهم العائدين إلى أهاليهم يعانون من أخطر عوارض اضطرابات ما بعد الصدمة وهو العنف الخارج عن السيطرة علاوة على عدم القدرة على التأقلم مجددا مع نمط الحياة العادية لغياب التأهيل ولهذا السبب توجه عائلات الجنود العائدين من جبهات القتال أصابع الاتهام إلى وزارة الدفاع الأمريكية بتقاعسها في أعادة تأهيل الراجعين من الجحيم وتركهم يواجهون ويلات الصدمات دون مراقبة صحية ونفسية وهذه الاتهامات تعززها تصريحات المفتش الطبي بالجيش الأمريكي الذي يقول أن ما بين 6 إلى 7 بالمائة من الجنود العائدين من ساحات القتال يعانون من ردّة فعل عصبية على الحروب وما يصاحبها من مشاهد دموية.
من جانبها تنتقد "فيرا شاراف" رئيسة "التحالف من حماية الأبحاث البشرية" وهي جماعة حقوقية مقرّها نيويورك قيادات الجيش الأمريكي قائلة: "لا يمكنني تخيّل تصرّف غير مسؤول كحالة جندي يعاني من الاضطرابات ويعالج بالأدوية المضادة للاكتئاب في الوقت الذي نعلم فيه أن تلك العقاقير قد تجعل منه انتحاريا أو قاتلا".
هذه الفكرة تدعمها هيلين بنديكت في كتابها "الجندي المنعزل" حيث توضّح كيف يمارس جنود سابقون العنف بمختلف أشكاله على زوجاتهم أو خطيباتهم أو رفيقاتهم وتؤكد أن آلاف الأمريكيات تعرّضن لجرائم تتراوح بين القتل والضرب والتعذيب والترهيب على يد جنود عائدين من الحرب فيما تعرّضت العشرات لجرائم بشعة منها الشنق وقطع الرّأس والأوصال وإطلاق النار وتعلّق المؤلفة على هذه الجرائم بالقول "هذا النوع من القتل أحضره الأزواج من حربهم على الإرهاب وأدخلوه إلى بيوتهم" وفي موضع آخر من الكتاب تشير الكاتبة أن ضحايا العنف من النساء يشكّلن عددا من إصابات الحرب تساوي عدد آلاف الجنود الذين قتلوا أنفسهم بعد مشاركتهم في المعارك وهو ما ينذر - حسب بنديكت- بكارثة اجتماعية في المستقبل لأن الحروب مازالت مفتوحة ومستمرّة وتصاعد وتيرة العنف الناجم عن صدمة ما بعد الحرب سيؤزّم الوضع أكثر فأكثر.
الحرب السريّة للمجنّدات الأمريكيات في العراق
لم تكتف هيلين بنديكت في كتابها بعرض تداعيات الاضطرابات النفسية على تصرفات الجنود الأمريكيين العائدين من الجبهات بل خصصت حيّزا هاما من الكتاب للتطرّق إلى مسألة يتحفظ عليها كل من وزارة الدفاع الأمريكية وجنرالات الحرب والمتعلّقة بالمجنّدات اللاتي يزجّ بهن في المعارك وترى أنهن ذهبن ليقاتلن في صفوف الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان فاصطدمن بجبهة جديدة للحرب. فالخطر في نظرها لا يأتي من "العدوّ" بل من "الرفيق" في إشارة واضحة إلى سوء معاملة الجنود الأمريكيين لزميلاتهم في الخدمة.
في كتابها تتناول المؤلّفة تجارب مرّت بها بعض المجنّدات سواء في العراق أو في مواضع أخرى وتعلّق عليها بالقول "هناك حروب تمّ تجنيدهن لخوضها... وهناك حرب أخرى أصبحن بموجبها هدفا لزملائهن المجنّدين في أكثر الطرق انعزالا ودمارا".
التحرّش والاغتصاب... أخطر من سلاح المقاومة
الأرقام التي استأنست بها المؤلفة في كتابها تكشف دون شك الوجه الآخر للمعارك التي يضطلع بها الجنس اللطيف داخل المعسكرات.. إذ أصبح لزاما عليهن مواجهة خطر كمائن المقاومة من جهة وردع انتهاكات زملائهن الجنسية من جهة مقابلة. من جملة ما أوردت الكاتبة من إحصائيات في كتابها "الجندي المنعزل" تلك المتعلّقة بأعداد المجنّدات اللواتي قاتلن وقتلن في العراق والتي فاقت أعداد مثيلاتهن في أي حرب أخرى منذ الحرب العالمية الثانية إذ تقول الكاتبة انه منذ مارس 2003 خدم ما يناهز عن 206 آلاف مجنّدة في منطقة الشرق الأوسط كان للعراق الحظ الأوفر منهنّ فأصيبت خلالها 600 مجنّدة وقتلت 104.
تلمّح بنديكت في سطور كتابها إلى أن المجنّدات يشعرن بالوحدة فهن لا يوزعن بطريقة متوازنة فربّما تخدم إحداهن في فصيلة مع نساء قليلات بل ربّما تجد نفسها المرأة الوحيدة بين الرجال... وعليه فإن هذه العزلة إضافة إلى الاضطهاد الجنسي من قبل الرفاق الذكور تتسبّب في مشكلات ترى العديد من المجنّدات أن معالجتها بنفس صعوبة القتال ذاته.
وتمضي الكاتبة في استعراض بعض الأرقام المتعلّقة بالمجنّدات وتستشهد بلقاءات جمعتها في الفترة بين 2006 و2008 بقرابة 40 مجنّدة ممن خدمن في العراق حول تجاربهن هناك وتبيّن أن 28 منهن تعرّضن إلى اعتداءات تتفاوت بين التحرّش الجنسي أو الهجوم أو الاغتصاب
وتعلّق الكاتبة بأن هؤلاء لا تمثّلن استثناء مستعرضة ملخصات دراسات عسكرية أمريكية تفيد أن 30 بالمائة من المجندات تعرضن إلى الاغتصاب خلال خدمتهن العسكرية فيما تعرّضت 71 بالمائة إلى الاعتداء الجنسي و90 بالمائة إلى التحرّش مسجلة اعتراف وزارة الدفاع الأمريكية بهذه المشكلة حيث أوردت في تقريرها السنوي لعام 2009 حول الاعتداء الجنسي أن 90 بالمائة من الاعتداءات الجنسية العسكرية لم يتم التبليغ عنها خوفا من التكذيب أو اللوم أو العقاب وأن الحالات التي أبلغ عنها اصطدمت بتجاهل الضباط الكبار حيث لم تتعد الإجراءات حدود نصح المجنّدات بعدم الذهاب إلى المراحيض بمفردهن.. وهو ما حدا بهن - حسب المؤلفة - إلى التزوّد بالسكاكين للدفاع عن أنفسهن في حال تعرضن للاعتداء وهو ما تعتبره المؤلفة أقصى درجات الفوضى... فالخطر الذي يأتي من الداخل تستحيل السيطرة عليه.. درس لا شك أن المسؤولين الأمريكيين يعونه جيدا لكن بين الوعي... والاعتراف خيط رفيع اسمه المصالح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.